نشرت مجلة “كومونيكيشنز إيرث أند إنفايرومنت” التابعة لدار “سبرينغر نيتشر”،دراسة حديثة مفادها أن الاحترار المناخي وموجات الحر ستؤدي إلى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية بشكل أكبر في السنوات المقبلة، متوقعة أن دول الجنوب ستكون الأكثر تضررا.
وأبرز معدو الدراسة،التي نُشرت معطياتها خلال الآونة الأخيرة، أن التأثير يختلف حسب المواسم والمناطق. إلا أن ارتفاع درجات الحرارة المتوقع لعام 2035 سيؤدي إلى زيادة في أسعار المواد الغذائية بمعدل 1,49 نقطة مئوية سنويا في أفضل الحالات.
وفي المقابل، ستكون الزيادة بنسبة 1,79 نقطة مئوية، وسيكون التأثير على التضخم الإجمالي 0,76 و0,91 نقطة مئوية على التوالي في أسوأ الحالات.
وفي هذا السياق، صرح ماكسيميليان كوتز، المشارك في إعداد الدراسة، لوكالة فرانس برس، إنهم وجدوا أدلة قوية على أن درجات الحرارة المرتفعة، خصوصاً في الصيف وفي المناطق الحارة، تُسبب زيادات في أسعار المواد الغذائية، وذلك من خلال مقارنة الأسعار التاريخية وبيانات الطقس من 121 دولة بين عامي 1991 و2020.
وأكد كوتز أن هذه الظروف المتوقعة “من المرجح أن تؤدي إلى زيادات في تضخم أسعار الغذاء والتضخم الإجمالي في جميع أنحاء العالم، خصوصاً في المناطق الأكثر دفئا بالفعل، مثل نصف الكرة الجنوبي”، مضيفا أن إفريقيا وأميركا الجنوبية ستكونان القارتين الأكثر تضررا.
وأشار كوتز إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في نصف الكرة الشمالي سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار “خصوصاً في الصيف”، مؤكدا أن هذا الأمر “يتسق” تماماً مع الدراسات التي تظهر أن “الزراعة حساسة بشكل خاص لتأثيرات المناخ”.
كما أجرى الباحثون من جامعة بوتسدام والبنك المركزي الأوروبي عملية استقراء لهذه البيانات بناءً على الظروف المناخية المستقبلية المتوقعة بين عامي 2035 و2060، إلا أنهم لم يجدوا تأثيراً كبيراً للاحترار على المكونات الأخرى لنفقات الأسرة، باستثناء أسعار الكهرباء.
وركّز معدّو الدراسة بشكل أكثر تحديدا على تأثير موجة الحر في أوروبا في صيف عام 2022، والتي يُرجح أنها تسببت في ارتفاع تضخم أسعار الغذاء بنسبة 0,67 نقطة مئوية، مع تأثير أكبر في جنوب أوروبا.
وتؤكد الدراسة أن “تغير المناخ سيزيد من نطاق الأحداث المناخية المتطرفة هذه، وبالتالي تأثيرها المحتمل على التضخم”.
وتجدر الإشارة إلى أن كوكب الأرض سجل خلال العام المنصرم أعلى متوسط درجة حرارة على الإطلاق، متجاوزا بذلك الرقم القياسي السابق لعام 2016. وكانت المرّة الأولى التي يقترب فيها متوسط حرارة الكوكب نحو 1.5 درجة مئوية، وهو مؤشر الخطر كما أعلنت عنه اتفاقية باريس 2015.
ويتوقع بعض العلماء أن يكون عام 2024 العام الأول في تاريخ البشرية الذي يكسرمتوسط درجة حرارة الكوكب حاجز 1.5 درجةمئوية.
ويُعد هذا الحاجز من درجة الحرارة أمرا بالغ الأهمية، لأنه محفّز لوقوع العديد من التحولات المناخية التي ستساهم بشكل مباشر في ارتفاع درجات الحرارة بشكل لا يمكن السيطرة عليه.