هن نساء من مشارب وأعمار مختلفة، جمعهن عشقهن وغيرتهن على الطرز الأزموري العتيق، ليحملن على عاتقهن مسؤولية صونه والحفاظ عليه، ليظل موروثا ثقافيا تقليديا تتفرد به مدينة أزمور. وعلى مر السنين، دأبت نسوة مدينة أزمور واجتهدن بدون ملل أو كلل، بشكل فردي أو جماعي، على إنقاذ التطريز الأزموري من الاختفاء، وإعطاءه روحا جديدة. ومن بين هؤلاء النسوة نذكر اسم الصانعة الأزمورية شعيبية زنايدي.
يمكننا القول دون مبالغة إن شعيبية زنايدي كرست حياتها لإنقاذ التطريز الزموري، الذي كاد أن يسقط في بحر النسيان، حيث إنه وليومنا هذا، مازالت بعض المدن المغربية تجهل وجوده، فكان من الوارد جدا أن يكون هذا التراث اللامادي المغربي الأصيل قد اختفى تمام، لولا غيرة النساء الزموريات عليه.
الشعيبية زنايدي ، مثلها كمثل الرسامة الكبيرة الراحلة الشعيبية طلال ، من مواليد بلدة أزمور ، نشأت على ضفاف البحر المحيط الأطلسي والتدفق الهادئ لوادي أم ربيع ، الذي يضم مزار للا عائشة البحرية ، هذا الفضاء الرائع والمحبب، أدى إلى تكوين امرأة تتمتع بشخصية تتسم بالهدوء والعنف في آن، وخجولة ولا تقل تهوراً، ولكنها جريئة، متواضعة لكنها حازمة ، والأجمل من ذلك أنها دائمًا على استعداد لمساعدة الآخرين.
ستبدأ مغامرتها مع التطريز في سن مبكرة. وحول خوض غمار هذه المغامرة قالت: “عندما كنت طالبة، كنت أحضر معي القليل من عملي إلى فصولي الدراسية. وخلال فترة الراحة ، كنت أطرز”. وهذا إن دل على شيئ فإننا يدل على أن الشعيبية الزنايدي كانت امرأة موهوبة للغاية لدرجة أنها بدأت في تدريس تلميذات أخريات وحتى بعض معلماتها. كما لو أنها كانت تدرك بالحدس أن مدينة أزمور، ذات يوم، ستفيض بكنوز لا يمكن تصورها في التطريز. فقررت بعد ذلك إجراء بعض الأبحاث وجمع ما يمكنها العثور عليه..
سيصبح التطريز الزموري بعد ذلك مصدرا لكسب قوتها، وستقوم بعملها بشغف منقطع النظير. فالشعيبية تدرك قيمة هذه المعرفة التي تمتلكها نساء أزموريات. كما تعلم أن آخر حامليه هن سيدات مسنات، وأن أمر تلقينه للحفاظ عليه أصبح غير مضمون. فإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء ، فستفقد معظم هذه التقنيات إلى الأبد.
في هذا الصدد، تقول الشعيبية “لقد اخترت الاستثمار في الحفاظ على بعض هذه الكنوز، وخاصة نمط التطريز النموذجي لأزمور، والمعروف بنمط التنين، الذي أصبح اختفائه وشيكًا إذا لم يتم اتخاذ إجراء سريع للحفاظ على هذا التراث الثمين.”
و لحماية هذا التراث، ستبدأ الشعيبية في تدريب وتكوين مجموعات من الفتيات الصغيرات تتراوح أعمارهن بين 15 و .18.
وزيادة على التكوين، تحمل صندوقها المليء بالأفرشة، والوسائد، وأغطية المائدة، وتقوم على طول السنة بجولات في المعارض في جميع أنحاء المملكة. لا شيء يوقفها ، ولا شيئ قادر على كبح جموحها، لا برد الشتاء ولا حر الصيف، ولا المسافات الطويلة ولا الدروب شديدة الانحدار، تريد أن تبيع ما تنتجه النساء، كما تسعى أيضا إلى الإعلان عن هذا التطريز الذي تم إهماله لفترة طويلة، وغالبًا ما يتم تجاهله.
تجد الشعيبية الزنايدي كل الدعم الذي تحتاجه من نساء شبكة دار المعلمة. وهم، مثلها أيضا، يدركون الآن قيمة هذا التطريز. ويريدون الحفاظ عليه. من تطوان إلى وجدة ومن مراكش إلى العيون، تشكلت مجموعات من المتدربين حول التطريز الزموري لا نقاذه من الاندثار والاختفاء.