لم تكن سنة 2020 كغيرها من السنوات، ورغم أنها انتهت بخيرها وشرها، إلا أن ذيول أحداثها ما زالت متواصلة مع دخولنا عاماً ميلادياً جديداً. ففي العام الماضي وقع حدثان غيرا وجه العالم في كل قطاعاته، وارتدت آثارهما واقعاً على الساحة الفنية العربية، فلم يعد العالم بعدهما كما كان قبلهما، وعطلا مشاريع كثيرة وأثرا بشكل مباشر في حياة الناس ومعيشتهم وحتى سلبا مخططاتهم وأجلا كل المشاريع إلى إشعار آخر، ومع أول شهور العام انتشر فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» فحلت الجائحة ضيفة ثقيلة الظل على حياتنا، وفرضت نفسها بقوانينها وبروتوكولاتها لتقلب كافة مناحي الحياة رأساً على عقب، وفي 4 أغسطس الماضي، كان انفجار مرفأ بيروت، الحدث الذي ترك بصمته على المنطقة برمتها، ولأن الفنون، بمختلف أنواعها هي من القطاعات الترفيهية، فقد تأثرت وتغيرت، وأصبحنا نسمع مسميات جديدة لها ونحتكم لقوانين لم نكن تعرفها سابقاً، فألغيت مهرجانات وأقيمت أحداث كثيرة عن بعد، ودارت المشاكل والأحداث حول العديد من الفنانين. «زهرة الخليج» وهي تستقبل عاماً جديداً، تتمنى لقرائها أمنيات السعادة والاطمئنان، تسترجع أبرز الأحداث الفنية التي سيطرت خلال العام الماضي.
آخر ظهور للجمهور
الأيام الأولى من عام 2020 كانت تبشر بعام مليء بالفعاليات والاحتفالات، مع عدة حفلات ضخمة أقيمت، منها الحفل الذي جمع النجمين راشد الماجد وماجد المهندس تحت عنوان (لنحتفل معاً) يوم 30 يناير والذي حضره الآلاف في ختام مهرجان دبي للتسوق، وقبله بأسبوع الحفل الغنائي الجماهيري الذي جمع المطرب الأردني عمر العبداللات بالفنان الفلسطيني محمد عساف، ضمن سهرات (هلا بالمجاز) بإمارة الشارقة، كما تلا المناسبتين حفل (صناع الأمل) يوم 20 فبراير والذي شارك فيه حشد من النجوم وحضره أيضاً جمهور غفير. لكن اعتباراً من تاريخ 13 مارس، والذي احتفلت فيه المغنية العراقية شذى حسون بعودتها للساحة الفنية، غاب نصف المدعوين عن الحفل الذي أقيم في الهواء الطلق خوفاً من الأنباء المتضاربة وقتها حول جائحة كورونا، وطريقة انتقال العدوى بالتلامس وتنتقل العدوى بالرذاذ وملامسة الأسطح، لتبدأ إجراءات الإغلاق الجزئي والتام وساعات الحظر الصحي اليومي في جميع أنحاء العالم، والطلب من الناس البقاء في بيوتهم، ومنع الحفلات والتجمعات، فألغيت الأفراح والحفلات ومنعت حتى تجمعات العزاء، وأصبح مجرد الخروج من المنزل، من دون إذن أو سبب مقنع، جريمة يعاقب عليها القانون، فما كان من نجوم الفن والقائمين على هذا القطاع الحيوي والمهم ووسائل الإعلام إلا أن ابتدعوا أساليب جديدة لاستكمال حياتهم بشكل شبه طبيعي، فالمطربون وشركات الإنتاج ومواقع الأغاني ومنصات الترفيه لجأت لحلول بديلة، وإن لم تكن مجزية مادياً، لكنها كانت تهدف إلى تواصل الفنانين مع جماهيرهم من جهة، والحاجة للترفيه عن الناس المحبوسين في بيوتهم، أما صناع الدراما فقد انقسموا إلى قسمين الأول: ارتأى أن حل بتر العمل وإنهائه كيفما كانت النتيجة حل مناسب للمرحلة الصعبة، والثاني: فضل المغامرة ومتابعة العمل تحت شروط عمل جديدة منها التعقيم المستمر وإجراءات الفحوصات الدورية للنجوم والعاملين بالكواليس، فيما كان خيار التأجيل هو الأنسب لمن لم يكن قد بدأ بتصوير أعماله في وقتها، فتأجل التصوير لعدة أشهر، بعد أن صار التعامل مع الفيروس الخفي ممكناً، فعرضت هذه الأعمال خارج السباق الرمضاني، بعد أن كانت مجدولة للشهر الفضيل، مثل الجزء الرابع من مسلسل (الهيبة) من بطولة تيم حسن ومنى واصف وعادل كرم، ومسلسل (شارع شيكاغو) من بطولة سلاف فواخرجي ودريد لحام وأمل عرفة.
حفلات أونلاين
تحت مسميات مختلفة ومتنوعة، ولكن جميعها تصب في دعوة الجمهور للبقاء في منازلهم ووصول النجوم إليهم عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، قدم عدد من الفنانين مجموعة من الحفلات المسجلة والمباشرة بأشكال متنوعة، وأصبح من الطبيعي في عام 2020، أن نشاهد النجوم يغنون من بيوتهم أو من استديوهات صغيرة مع فرق موسيقية مصغرة مع مراعاة التباعد الاجتماعي بين أعضاء الفرقة، ويبدو أن الحضور الخجول لهذه الحفلات التي أقيمت بلا جمهور كان كافياً إلى حد ما، لإبقاء حالة التواصل بين النجوم مع جمهورهم، وفي حين رأى البعض أن هذه الحفلات يمكنها أن تستمر إلى ما لا نهاية بعد نجاح الفكرة، لكن تراجع انتشار فيروس كورونا وعودة الحفلات تدريجياً جعلا من فكرة استمرار حفلات الأونلاين غير واردة على المدى المنظور، خاصة أن الحفلات الفنية قطاع اقتصادي مهم، يعمل فيه عدد كبير من الناس، سواء من الفنيين أو الموسيقيين أو الفنانين، ولا يمكن لهذا القطاع أن يتوقف أو يموت، ولهذا نرى أن الهيئات الحكومية قد اهتمت بتقديم عدد من الحفلات في الفترة السابقة وإن لم تحقق أي ربح مادي، ولكن ما حققته هو التواصل مع الجمهور ودعم هذا القطاع الحيوي المهم.
وبدأت فكرة الحفلات الـ Online، من الحفل المميز الذي قدمه فضل شاكر بمشاركة ابنه الفنان الشاب محمد فضل شاكر، ونال استحسان المتابعين خاصة أولئك العاشقين لصوت فضل والمشتاقين لإطلالاته الفنية، وسار على خطاه كل من النجوم عاصي الحلاني الذي قدم أكثر من حفل بصيغ مختلفة، ورامي عياش ونادر الأتات ومايا دياب التي أطلت بحفلين كاملين عبر قناتها الخاصة على تطبيق يوتيوب، كما قدمت بلقيس حفلاً برفقة والدها أحمد فتحي، وفي مصر قدمت الفنانة آمال ماهر حفلاً غنت فيه أغاني ألبومها الجديد (أصل الإحساس)، وغيرها من الأغاني، ولاقى تجاوباً واضحاً من الجمهور، وكذلك الفنانون رامي صبري وإدوارد وغيرهما وأطلت الفنانة لطيفة في لقاء عبر الإنترنت جمعها بجمهورها لتجيب عن أسئلتهم، وقدمت خلاله الأغاني المفضلة لديهم، كما قدمت الفنانة نانسي عجرم حفلاً بالتعاون مع تطبيق (تيك توك)، ظهرت فيه للمرة الأولى على الملأ منذ حادثة الفيلا.
غناء بلا صدى
عدد كبير من الحفلات الافتراضية وبأشكال متعددة، شهدته أيام عيد الفطر الماضي في ذروة انتشار الفيروس، ففي أبوظبي قدم المجمع الثقافي حفلين الأول: جلسة عود مع كاظم الساهر، والثاني: حفل مسجل مع حسين الجسمي، بينما اختار مكتب أبوظبي للفعاليات الفنان فايز السعيد ليستضيف النجوم يارا ووليد الشامي وبدر الشعيبي من خلال لقاءات عبر البث المباشر لمنصة انستغرام، حيث غنى الضيوف الثلاثة مجموعة كبيرة من أعمالهم من دون مرافقة فرق موسيقية، فيما قدم مسرح المجاز في الشارقة ثلاث ليالٍ من حفلات (هلا بالمجاز) أحياها حاتم العراقي ويارا ومحمد الشحي، وتميزت الحفلات بمشاركة فرقها الموسيقية الصغيرة ونقلت على الهواء مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بينما شاركت روتانا بتنظيم حفلات بدعم من الهيئة العامة للترفيه في السعودية، الأول من دبي لماجد المهندس والثاني من جدة لمحمد عبده والثالث من البحرين لراشد الماجد والرابع من بيروت لنجوى كرم، إضافة إلى حفلات متفرقة مثل الحفل المسجل لإليسا وحفل أنغام الذي نقلته إحدى المحطات المصرية من مسرح الصوت والضوء، وحفلين جمع الأول عبد الله المانع وناصر النايف، والثاني جمع عايض يوسف وداليا مبارك، وحفلات أخرى كحفل وليد الشامي وأصيل أبو بكر وحفل عبد الله الرويشد من الكويت وحفل عبادي الجوهر، إضافة إلى إطلالات خاصة عبر برامج حوارية، مثلما فعل راغب علامة وعائلته وعاصي الحلاني وعائلته اللذان أطلا عبر قناتين لبنانيتين وقدما شكلاً جديداً من حفلات الغناء الممزوجة بالحوار والتقارير الإعلامية وبمشاركة إلكترونية من الجمهور. أما عيد الأضحى فقد شهد تفاعلاً مختلفاً، فقام تلفزيون أبوظبي مثلاً بتخصيص أيام العيد لبث متواصل، استضاف خلاله عدداً من نجوم التمثيل والغناء، مثل عابد فهد وباسل خياط ومحمد عساف ويارا، وغيرهم، بينما خصصت قناة الإمارات ساعات من أمسياتها لبث جلسات فنية خاصة أقيمت بلا جمهور أيضاً، فكان الغناء في هذه الحفلات بلا صدى الجمهور.
زووم هو الحل
في الوقت الذي شهدت فيه بعض المسلسلات مشاهدات عالية، وخاصة أن الموسم الرمضاني تزامن مع فترة الذروة للحجر المنزلي، فتفرغ الجمهور لمتابعة الأعمال الدرامية، وإن أتت بعض الأعمال مبتورة كما حدث مع مسلسل (النحات) لباسل خياط و(الساحر) لعابد فهد، كما أن بعض الأعمال الأخرى بقيت حتى الأيام الأخيرة من شهر رمضان وهي تلهث للحاق بالبث، وهذا الأمر حدث مع أعمال كثيرة في مصر، أما البرامج فأتت جميعها من دون جمهور، والكثير منها اعتمد على تقنية زووم الجديدة لإجراء اللقاءات عن بعد، ولعل برنامج (غني مع فايز) الذي يعرض على شاشة تلفزيون أبوظبي، شكل تحدياً لتقديم نوعية جديدة من البرامج وخاصة برامج المسابقات من دون حضورهم إلى الاستديو، إضافة إلى أن البرامج الصباحية التي اعتدنا فيها فقرات منوعة ومليئة بالضيوف اكتفت بتقديم ضيوفها عبر الشاشة ومنها اعتمدت على ظهور مقدميها من منازلهم أيضاً.
حياة وكــــــــــمامات
شهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2020، عودة الحياة الفنية تدريجياً إلى سابق عهدها، ففي مصر كانت البداية من مهرجان الجونة السينمائي بدورته الرابعة، الذي كانت فيه الكمامات جزءاً من أناقة النجمات، كما شهدت القاهرة مهرجانها السينمائي الدولي في ديسمبر، بينما شهدت دبي أول سجادة حمراء بعد الانقطاع في حفل توزيع جوائز مهرجان ضيافة، وعادت الحفلات الجماهيرية في دبي ولكن مع مراعاة التباعد الاجتماعي، وبنصف سعة المسرح أو أقل.