ريا أبي راشد: شغف السينما يسعدني

- Advertisement -

لا يمكن مشاهدة ريا أبي راشد، أو التحدث معها، دون أن ترتسم على وجهك ابتسامة عفوية. طاقة إيجابية استثنائية تنبعث من تلك الشخصية التي تمدك بشعور فوري من السعادة يشبه فرحة قدوم العيد. حديثها، صدقها، عفويتها، ذكاؤها، تلقائيتها وبساطتها صفات لازمتها ولم تنل منها الشهرة الواسعة التي وصلت إليها. لا يعرف الغرور طريقه إليها، هي التي تبتعد عن كل متعالٍ ربما تكون قد حاورته في برنامجها الشهير «Scoop With Raya»، الذي التقت خلاله مشاهير العالم والفن السابع. فضلاً عن نجاحها الباهر في الحوارات التلفزيونية، هي زوجة وأم متفانية، وشخصية عامة ملهمة في مجالات الموضة والجمال، بفضل جمالها الطبيعي الذي يترجم مفاهيمها وأفكارها التحررية وثقافتها العالية. ونظراً لنجاحها ومكانتها العالميين، اختيرت نجمة غلافنا المحبوبة لتكون إحدى السفيرات العربيات لمشروع Giorgio Armani Crossroads، وهو مشروع دار Giorgio Armani الخاص الذي يأخذنا حول العالم للتحدث إلى نساء ملهمات غير عاديات، كل في مجالها، حول قصة نجاحها ومواضيع الاستقلالية والإلهام والشغف والأمومة وغيرها من الجوانب التي تطرقنا إليها في حوارنا المطوّل والمشوّق معها. 

• أخبرينا المزيد عن ريا أبي راشد التي لا نعرفها؟

– لا أعرف كيف يمكن للمرء تعريف شخصيته ووصفها، أعمل في مجال الإعلام، وطبيعة عملنا قد تؤدي إلى الغرور والالتفات إلى المظهر والتقاط الصور الخاصة، ولكنني سعيدة بأنني بعد كل هذا المشوار المهني الطويل لا زلت تلك الشابة المراهقة التي لم يتغير بداخلها شيء. على الرغم من أن الحياة تغيرت، وأهمية ما أقوم به زادت، ولكنني فتاة تحب عملها، وشغوفة جداً بما تفعله، أشعر بالغرابة بأنني أتحدث عن ذاتي (ضاحكة). أحب الابتسامة والإيجابية، والأشخاص الإيجابيين في الحياة. أحب الأصالة وأن تظل علاقتي بالمحيطين بي على طبيعتها.. هذه ريا باختصار.

• ما هو أهم قرار اتخذتيه في حياتك؟ وما الخيارات التي كانت متوفرة أمامك؟

– ثمة نقطتا تحول في حياتي، أول قرار اتخذته كان الاستقلال عن جذوري عندما قررت ترك لبنان، رغم أنني من برج الثور، أي من فئة الأشخاص الذين تهمهم الجذور، وكان قراراً مصيرياً أن أنفصل عن جذوري وأسافر إلى بريطانيا والإقامة هناك لأنني شعرت بأن حياتي كريّا المستقلة بدون تأثيرات عليها من الناس المحيطين بي بدأت عندما استقليت وأصبحت طالبة في لندن، هذا أفضل قرار اتخذته وشكل انطلاقة لحياتي المهنية. القرار الثاني هو إنجاب طفل، لأنه مع حياتي المهنية ومسؤولياتي المتشعبة لم أكن أريد أن أصبح أماً لمجرد أن أكون أم، كنت أريد أن يأتي هذا القرار بحب وأن أكون مقتنعة بالأمر وناضجة بما يكفي لأكون الأم التي أصبحتها بالنسبة لابنتي «لولا»، وبالطبع هو من أجمل القرارات التي اتخذتها في حياتي. أحب ابنتي «أكثر من الدنيا»، ولكن استغرق هذا القرار وقتاً طويلاً لكي أتخذه.

• ماذا غيرت «لولا» في شخصيتك؟

– قلّت الأنانية والاهتمام بالذات، فمن غير المعقول أن تتمحور الحياة حولك فقط، وأعتقد أن هذا شعور كل الأمهات، فالحياة تبدأ منها ومن ثم أنت، هذا ما تغير بالدرجة الأولى. كنت أقول دوماً إنني أستطيع فعل كل ما أريده في هذه الحياة، أستطيع تحمل مسؤولية مشروع ما أو برنامجاً تلفزيونياً مهماً ولكن عندما ينتهي البرنامج تقلّ المسؤولية ونستطيع أخذ استراحة بعده، أما مسؤوليتي كأم فأشعر أنها لن تتوقف أبداً، وهذا أمر جميل ومخيف في الوقت نفسه، أشعر أن مسؤولية الأمومة ستدوم كل حياتي، حتى ولو أصبح عمري 150 سنة وابنتي لا تحتاج لي.

• هل من السهل عليك أن تختاري؟ أم تعانين قبل الاختيار؟ وهل تعتبرين نفسك إنسانة حازمة؟

– الأمر نسبي، عندما يتعلق الأمر بالعمل على غرار إجراء مونتاج لأمر خاص بالبرنامج، أو إذا كنت أريد تقديم شيء بطريقتي، أكون صارمة وحاسمة في اتخاذ القرار، ولكن في أمور تافهة أو سطحية، كأن أختار حقيبة فاخرة أريد شراءها، أفكر وأتردد كثيراً ولا أستطيع أبداً أخذ القرار الصائب، ولكنني حاسمة جداً في القرارات المهمة. نعم أعتبر نفسي خبيرة باتخاذ قرارات بسرعة باستثناء الأمور السطحية، أظن بأنه يعتمد علي في القرارات المهمة جداً. إذا كنت مترددة أطلب رأي من أثق برأيهم، والاستعانة بصديق تسهل الكثير من شؤون الحياة.

• ماذا تفعلين عندما تشعرين أنك «عالقة» بين قرارين؟

– لدي أفكاري ومعروفة بعنادي، إذا كنت مقتنعة بأمر ما لا شيء يمكن أن يغير رأيي، وفي حال لم أكن مقتنعة أفضّل سؤال المحيطين بي من أصدقاء موثوقين يهمني رأيهم أستشيرهم عندما أكون مترددة في اتخاذ قرار ما، فلا مشكلة لدي بالسؤال، ولكن أحياناً أكون مقتنعة لدرجة لا يمكنني فيها تغيير رأيي ولكن يجب على المرء أن يكون منفتحاً وأن يوسع آفاق قراراته. أبداً، لا أؤمن بالحظ، لم يحصل أي شيء في حياتي بسبب الحظ، ليس لدي هذه العلاقة بالحظ، ثمة أناس يعتقدون بأنهم محظوظين أنا أؤمن بأن الانسان يصنع حظه «أنت تصنع مصيرك»، أكيد الحياة توجهك ولكن مسيرتك في الحياة أنت تخطينها خطوة خطوة، وهكذا أعيش حياتي، لا أترك أبداً الأمور للحظ.

• في البداية درست الاقتصاد هل هذا كان حلمك؟ أم كنت تعرفين ميولك للعمل في مجال الاعلام؟

– أعتقد وبدون غرور أن كل ما حصل معي في حياتي المهنية كان تدريجياً، وشهرتي لم تأت بظرف ربع ساعة كما يحصل الآن بوجود السوشال ميديا. بنيت ما يسمى «شهرتي»، ولم أبدأ حياتي المهنية وأنا أفكر أن أكون مشهورة. الناس تأتي وتسألني كيف يمكنني أن أكون مشهورة مثلك، فأضحك وأقول إن هدفي لم يكن في حياتي أبداً الشهرة بل هي نتيجة ما أفعله، لا سيما وأن هدفي في الحياة أن يكون لدي حياة مهنية أفتخر بها وأستطيع إخبارها لابنتي. النتيجة كانت الشهرة، ولا أنكر جميلها ولكنها لم تكن يوماً ما هدفي. 

• كيف بدأ مشوارك في مجال التلفزيون؟ هل سعيت إليه أم حصل بدون تخطيط؟

– نعم، بدأت حياتي المهنية بطريقة عشوائية، لم أكن أفكر أن أدخل مجال التقديم التلفزيوني وأن أحترف الإعلام، عندما كنت صغيرة كنت أشاهد الأفلام وأريد أن أكون محامية لأنني شاهدت المحامي في الأفلام   أو أن أدرس العلوم السياسية، ولكن فيما بعد وحالياً استوعبت أن حبي كان للفيلم وليس للوظيفة في الفيلم، وحبي للسينما هو ما يمنحني الشغف والطاقة الإيجابية في كل ما أفعله. حياتي المهنية بدأت بالصدفة، كنت أريد العمل ليس لأكون بالإعلام، أعطيتُ وظيفة مؤقتة في محطة الإذاعة، وكانت هواية وأيضاً لكسب مزيد من الأموال لأسافر أكثر، فإمكانيات أهلي ليست كبيرة ليقدموا لي 3 رحلات سفر في السنة، كنت طماعة وأريد المزيد، ولهذا بدأت في العمل عندما كنت على مقاعد السنة الجامعية الأولى، وما حدث فيما بعد أتى بمحض الصدفة. ولكن عندما تم تصويري لأول مرة، وعرفت أن ثمة كيمياء بيني وبين الكاميرا، شعرت بأنني وجدت ما أحب وشغفي في الحياة، ألا وهو السينما والتلفزيون. وعندما أدركت ذلك بذلت كل جهدي وعملت بجد لإكمال هذه المسيرة، لم أتخيل يومها أن أًصل إلى 20 سنة من مزاولة المهنة، في أوائل حياتي المهنية كنت أفكر أنها ليست وظيفتي النهائية ويوماً ما ستأتيني فرصة وظيفة حقيقية.. ومرت السنوات.

• ما هي العبارة أو الحكمة التي تعتقدين بها؟

– من العبارات التي أؤمن بها وأحبها: «لا تكرهوا شيئاً لعله خيراً لكم»، أنا من الأشخاص الذين لا يندمون على شيء، وأعتقد بأن الحياة توجهني إلى أينما كنت، وتعطيني إشارات لكي أعرف ما أفعل، مع أنه عندما حصلت على وظيفة في الـ mbc كنت أطمح لوظيفة بالـ CNN لأنني لم أكن أتوقع كم أن هذه الوظيفة ستكون مهمة، وكم أن المحطة ستكون مهمة، لأنه كنا أثناء الفترة الأولى لنجاح القناة. وهذا مثال مهم عن أهمية هذه العبارة، فمن الجيد أن أول وظيفة قدمت لي عندما كنت في لندن كانت في الـ mbc وإلا لم تكن مسيرتي الإعلامية هذه لترى النور، كانت القناة بمثابة بيت بالنسبة لي ولا زالت.

• كيف توازنين بين حياتك الشخصية والعمل؟

– أعرف الأولويات خاصة بعد ولادة «لولا»، وتنقسم بوضوح بين أن أكون الأم والزوجة والمهنية الناجحة، لا يوجد أمر آخر، ليس لدي حياة اجتماعية ولا طموحات غير هذين الأمرين، أن أكون أماً لابنتي وأحافظ على علاقة جيدة بزوجي وأن لا ينقص حياتي المهنية كثيراً. لا يوجد حدود قصوى في حياتي الآن بمعنى أنه لا يسعني أن أحقق الكمال كأم وفي حياتي المهنية، بل الموازنة بينهما والتركيز أمران مهمان.

مع المرأة أفضل

• قلت سابقاً بأن كل مرشديك كانوا نساء، هل أتى ذلك بمحض الصدفة أم تعتقدين أن للأمر علاقة بطبيعة عمل المرأة؟

– لا أعتقد ذلك وكان لدي مرشدين غير نساء، ولكن من أثروا علي شخصياً ومنحوني اندفاعاً ووجهوا لي النصائح الصحيحة في الأوقات المناسبة ومنحوني اندفاعاً كن نساء ولهذا أتذكرهن كثيراً. وأعتقد بقوة بفكرة أنه عندما تساند المرأة المرأة يصبح العالم أفضل، فلنعطي المسؤوليات والنفوذ للنساء لأن العالم أفضل مع امرأة أفضل. وفي مسيرة حياتي ثمة نساء كثيرات ألهمنني.

• قابلت العديد من الأشخاص الرائعين، كم تشعرين أنهم أضافوا لك؟ وغيروا شيئاً في داخلك؟

– أعتقد بأن أي شخص أجري له مقابلة حتى لو لم يكن مشهوراً يضيف لي شيئاً، هذا الحوار الذي تجرينه مع شخصية ما يمنحك طاقة، ولا أقصد فقط  الشخصيات المشهورة ولكن أيضاً المشتركين في برنامج مثل Arabs Got Talent، تتعلمين من تجاربهم وعواطفهم وخبرتهم وموهبتهم. من أقابلهم في مجال السينما بالطبع آخذ منهم طاقة الشغف الموجودة لدينا في الفن والسينما وفي حب الشاشة الكبيرة، وفي الحرية التي نشعر بها عندما نستيقظ في السينما، والهروب من الواقع. أعتقد بأنني أتعلم من أي شخص أجري له مقابلة، أحب فن الحوار أكثر من التقديم، لأنني أشعر أن الخمس دقائق التي تمضينها مع شخص ألهمك أيضاً أو معجبة بما يقدمه، على غرار مخرجين أمثال «مارتن سكورسيزي» الذي كبرت وهو يعطيني هذا الشغف في السينما، تتعلمين منهم بالتأكيد حتى ولو لم يتكلموا.

موهبة السينما

• ما الصفات التي تزعجك لدى المحيطين بك والمشاهير؟

– لا أحب الغرور أينما كان سواء معي أو مع المحيطين بي مشهورين أو غير مشهورين، إذا قابلت نجماً ما وكنت أظنه على خلاف ما بدا لي منه من غرور، أُبعد نفسي عاطفياً. حتى لو كنتَ أشهر شخص في العالم فعليك مسؤولية أن تعامل الناس بلطف واحترام، إذا ذهبت إلى مقابلة وشعرت بأن نجماً كبيرا لديه موهبة فذة وشعرت بأنه يفتقر إلى احترام من يعملون معه ويعطونه كل هذه الأهمية لأنهم يعملون معه، فأغير رأيي ويتوقف إعجابي به. لم يحصل لي هذا الأمر مع أشهر النجوم، لأنه عندما تزيد نجوميتهم يزداد تواضعهم، فهم يعرفون أن الناس المحيطين بهم هم الذين يقودونهم للنجاح. لقد نجحت بسبب الناس التي حولي على كل «بلاتو» تصوير، اليوم بالماضي وبالمستقبل، كلهم يعملون لكي أكون الأفضل، هم من يعطوني الطاقة لكي أنجح في الحياة، وهذا أمر مهم بالنسبة لي، وأراه أيضاً مهماً مع الناس المشهورين.

• في مقابلاتك مع النجوم العالميين، هل واجهت عقبات كونك امرأة عربية؟

– في السينما، لا يوجد جنسية، ولا يوجد رجل وامرأة ولا يوجد شيء مهم، إلا موهبة السينما وحب مجتمعها، فهي جنسية بحد ذاتها بالنسبة لي، لأنه يظهر علي أنني أحب المهنة والمضمون، وأحب إجراء مقابلاتي. لم أشعر بأن هناك فرق لأنني امرأة أو لأنني عربية، أعتقد أن ما أحدث الفرق هو موهبة لدي تفوقت على مواهب الآخرين الذين يجرون هكذا مقابلات وهذا الأمر الذي ميزني، ولم أواجه أية عقبات لأنني امرأة أو كوني عربية.

• أقمت عام 2020 على صفحتك في الفيسبوك حملة تبرع لصالح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، ما الذي جعلك تأخذين هذا القرار؟

– نحن كشخصيات عامة ووجوه تحت الأضواء تقع على عاتقنا مسؤولية كبيرة إذا كنا نستطيع تقديم مساعدة ولو ضئيلة لمن يحتاج إلينا، ولا سيما اللاجئين، لأنني زرتهم عدة مرات وأعرف ظروفهم في الحياة فهم بأمس الحاجة إلى سند، حتى ولو استطعنا وضع ابتسامة على وجوههم. أي دعم، إذا كان لدي نفوذ ضئيل جداً على السوشال الميديا وقدرة على تغيير أي شيء لدى أحدهم سأعطيه كل طاقتي وهذا أمر مهم جداً، ولهذا جمع التبرعات يجب أن يحصل كل يوم لهذه المنظمة وحبذا لو كنت أحدث فرقاً. أشعر بأنه لدي مسؤولية محاولة إحداث الفرق.

• إلى أي مدى تختلف شخصيتك المرحة التي نشاهدها على الشاشة عن تلك الحقيقية؟

– أعتقد أن من يرى حجم العمل الذي يأتي خلف ابتسامة البرنامج وهيكليته والمونتاج والأناقة والفستان، وحالياً أصبح كل شيء مع السوشيال ميديا مهماً، العمل الذي يأتي وراءه ليس كل الناس يعرفونه ولكن يشعرون بالطاقة التي لدي، ولكن لا أعتقد بأنني أختلف عن شخصيتي على التلفزيون فهذه أنا ريا سواء أحببتموني أم لا. كما أقول دائماً عن وجهي وعن عمليات التجميل، فهذا وجهي الذي ربما لا تحبونه ولكنه على الأقل على حقيقته.

• من هم الأشخاص ضمن فريق العمل الذين تواجهين صعوبة في التعامل معهم؟

– قليلو الأدب والاحترام، والمدخنون حولي يزعجونني. لا أستطيع التعامل مع قليلي الاحترام وأدخل في وضع احترافي بارد. في الماضي كان هناك منتجة لبرنامج أقدمه، طريقة معاملتها للناس المحيطين بها جعلتني في هذا الوضع المهني البارد طوال الموسم. في الواقع، الحياة صعبة كما هي وفي حال وضعنا الطاقة السلبية حولنا لا نستطيع تقديم الأفضل، ابتسم للحياة لأنها تعود وتبتسم لك، تذكر ذلك وردده دوماً.

المصدر زهرة الخليج