مدينة مرزوكة الواقعة جنوب شرق المملكة المغربية، تعتبر من أفضل وأشهر الوجهات لعلاج أمراض المفاصل والعظام، وذلك عبر دفن الجسم بالكامل تحت الرمال، والعلاج ليس السبب الوحيد الذي يقود السياح إلى مرزوكة، بل كذلك من أجل الاستمتاع بجمال كثبانها الرملية، وممارسة الرياضات الرملية، أو مشاهدة شروق الشمس بعد قضاء ليلة ساحرة في إحدى الخيم وسط الرمال.
أُطلق عليها اسم مدينة “رمال الشفاء”، لاعتبارها واحدة من أشهر الوجهات في المغرب لعلاج داء الروماتيزم بطريقة طبيعية، عن طريق دفن المريض تحت الرمال ما بين 10 إلى 15 دقيقة، على مدى ثلاثة إلى أربعة أيام متتالية، ويحتاج من يريد زيارتها إلى السفر جوا، أو ركوب الحافلة نحو 10 ساعات من أجل الوصول إليها، حيث يزورها، من داخل وخارج البلاد، ما يصل إلى 120 ألف سائح سنويا.
إن ما يميز رمال مرزوكة السحرية، هو وجودها في منطقة صحراوية ذات الكثبان التي تعتبر الأعلى في المغرب، إذ تتمكن من امتصاص أشعة الشمس إلى جوفها، لتصبح درجة حرارتها عالية، تصل إلى 50 درجة مئوية، وتصبح قادرة على استقبال الأشخاص القادمين من أجل العلاج، لكن قبل التوجه إليها، يجب أخذ احتياطات طبية قبل الدفن في الرمال، من بينها التأكد من سلامة الشخص الراغب في الحمام الرملي من خلال قياس ضغط دمه، والتأكد من استقراره، وكذا التأكد من أنه غير مصاب بأمراض مزمنة كأمراض القلب والسكري، إضافة إلى الصيام عن شرب الماء أو المشروبات الباردة، لكي يكون الجسم مستعداً للتعرُّق تحت الرمال.
وبعد مراحل ما قبل الدفن تحت الرمال، تأتي مرحلة “الردم”، كما يسميها أبناء المدينة، إذ يتم دفن الشخص كاملا دون رأسه، الذي يتم تغطيته بقبعة كبيرة تسمى “الترازا”، تحسبا من ضربات الشمس، فيما يكون إلى جانبه شخص يقدم له جرعات قليلة من الماء، إلى أن يتم إخراجه من الحفرة الرملية، وذلك تفاديا لإصابته بالجفاف، وعند خروج المريض من الحفرة، يتم تغطيته بشكل سريع بغطاء صوفي يسمى “المانطة”، ويدخل لإحدى خيمات الاستقبال من أجل الاسترخاء قليلا وشرب مشروب ساخن، ثم يتوجه بعد ذلك إلى حمام مغربي تقليدي ليستمتع بالمياه الساخنة، لتكون جميع مراحل العلاج الطبيعي قد اكتملت، وتستمر هذه العملية من ثلاثة إلى أربعة أيام.
وحسب المشرف على تأطير المرضى الراغبين في العلاج الطبيعي في مرزوكة، الدكتور عبد الله هناوي، فإن الدفن دون إشراف طبي من الممكن أن يكون له أعراض جانبية خطيرة، فحتى من يتوقع نفسه خاليا من الأمراض، يجب عليه معاينة الطبيب قبل التوجه إلى مراكز العلاج الطبيعي.
وعن الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب، والسكري، والفشل الكلوي، يمكنهم أخذ حمام من الشمس، أو دفن أرجلهم فقط تحت الرمل، لكن بعد الحصول على الموافقة الطبية.
وبالإضافة إلى كونها وجهة للسياحة العلاجية، تتميز مدينة مرزوكة بجمال منازلها الطينية، وكثبانها الرملية التي يطلق عليها اسم “عرق الشبي”، وهي كثبان تكونت بفعل الرياح لتشكل تلال متفاوتة الارتفاع، حيث يمكن لزوارها الاستمتاع بعدة أنشطة مختلفة، من بينها سباق السيارات رباعية الدفع والتزلج على الرمال، وكذلك عيش تجربة المبيت في المنتجعات السياحية الفخمة، أو داخل خيم موجودة في قلب الصحراء، لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الجمال.
ولتجربة النوم في الخيام عدة طقوس، أولها السهرات الغنائية حول النار، خلال حفلة شواء، لكن هذه السهرة لا تدوم طويلا، لضرورة الاستيقاظ قبل الفجر، من أجل مشاهدة شروق الشمس من وراء الكثبان الرملية، ويعتبر هذا النشاط واحدا من بين أشهر الأنشطة في المنطقة.
وإذا كنت تريد شراء تذكار من مدينة مرزوكة، سيكون عبارة عن وشاح طويل يلبسه الرجال والنساء، ويستعمل من أجل حماية الوجه من العواصف الرملية التي تشهدها المنطقة.