أخبار

“دار الآلة” بالدار البيضاء: بوابة للسفر في تاريخ الموسيقى الأندلسية

(التهامي الوهابي - ومع)

“دار الآلة”، لا يمكن اختزال هذا الفضاء في مجرد مكان لعرض الآلات المستعملة في الموسيقى الأندلسية، فهو بمثابة بوابة ساحرة تفتح أمام الزوار للسفر عبر الزمن إلى عالم تراث وتاريخ هذا الفن الأصيل.

بمجرد أن تطأ قدماك عتبة “دار الآلة”، ستجد نفسك محاطا بهالة من السحر والجمال.. فأينما وليت وجهك تجد آلات موسيقية عريقة مثل، العود والرباب والناي، موضوعة بأناقة وعناية في كل زاوية. هنا، لا يتم عرض هذه الآلات كقطع أثرية فقط، فكل واحدة منها تحمل قصة عميقة عن تطور الموسيقى الأندلسية عبر العصور.

“دار الآلة” ليست مجرد متحف ولكنها مدرسة حية مليئة بالدروس التاريخية والثقافية الخاصة بهذا الفن الدال على العمق الحضاري والثقافي للمملكة، كما تتيح تجربة فريدة لزوارها الراغبين في الاستمتاع بنغم طرب الآلة المعزوف بإتقان ووفق أصول وقواعد غاية في الدقة والعبقرية على آلات كلاسيكية ضاربة في جذور الفن المغربي، وهو ما ينقل الزوار في رحلة إلى باطن الجمالية الباذخة معنى ولحنا لهذا الفن العريق.

ويعود تأسيس هذا الفضاء إلى سنة 2010، عندما اقتنت جمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب بيتا عريقا بحي الحبوس بمدينة الدار البيضاء، وعملت على ترميمه ليصبح مقرا للجمعية ومتحفا لموسيقى الآلة.

في هذا السياق، أوضح نائب رئيس جمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب، منير الصفريوي، أن الجمعية منذ تأسيسها سنة 1958 كانت تمتلك مجموعة من الآلات الموسيقية العريقة التي كانت بحوزة “لمعلمين” وشيوخ الموسيقى، حيث اقتنت بعضها وحصلت على البعض الآخر من أصحابها، وهو ما دفعها إلى العمل على توفير فضاء لعرض هذه التحف للعموم.

هذا المتحف يلعب دورا كبيرا، يؤكد السيد الصفريوي في تصريح خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، للتعريف بالموسيقى الأندلسية ورجالاتها، و بالآلات القديمة التي كانت جزءا من الموسيقى الأندلسية ولكنها انقرضت، مبرزا أن من بين هذه الأخيرة على سبيل المثال لا الحصر، هناك العود الرباعي أو عود الرمل المتميز بكونه يضم أربعة أوتار، والذي، مع كامل الأسف، “لم يعد له وجود اليوم”.

وتابع أن هناك أيضا بعض آلات الرباب التي أعيد استخدامها، نظرا لأن جوق الموسيقى الأندلسية قديما كان يضم عددا كبيرا من عازفي الرباب، وخير مثال على ذلك البيت الشعري القائل “وكانوا شهود ربائب وعود”.

وسجل أن هذه الآلات الموسيقية تعرض اليوم بمتحف “دار الآلة “بهدف تمكين الزوار، وخاصة الشباب منهم، من الإطلاع والتعرف على هذه الآلات الموسيقية المغربية العريقة التي كان بعضها جزءا من هذا الموروث الموسيقي، مبرزا أن من بين الآلات المعروضة هناك آلات يتجاوز عمرها قرنين من الزمن.

وأضاف أن المتحف يعرض أيضا مخطوطات تمثل كل الأشعار والأشجان التي تغنى في الموسيقى الأندلسية وهي مكتوبة بخط اليد، وتروم تقريب الزوار من هذا الفن، علاوة على مجموعة من الكتب القديمة التي تخص هذا التراث والمعروفة لدى المهتمين بالمجال باسم “الحايك”.

وعن هذا الأخير قال: إن “الحايك” هو أول شخص ألف كتابا خاصا بهذا النوع الموسيقى في القرن السابع عشر، وأطلق عليه اسم “الحايك”، كما أن الغاية من تدوين هذه المخطوطات هي الحفاظ على الموسيقى وضمان عدم اندثار أشعارها.

يذكر أن هذا الفضاء “دار الآلة” يمثل أيضا مساحة للإبداع والتفاعل، حيث يلتقي بين جدران هذا البيت العتيق المتواجد قرب مسجد مولاي يوسف، بين أزقة حي الحبوس التاريخي، فنانون من مختلف المشارب لتبادل الأفكار والتجارب، وذلك للحفاظ على تراث الموسيقى الأندلسية وتطويرها بأساليب جديدة ومعاصرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى