أخبارالمغرب

قبة زيفاكو بالدار البيضاء، صلة وصل بين مدرستين مرجعيتين في فن المعمار

(كريمة العثماني - ومع)

تعد قبة زيفاكو (Coupole Zevaco)، التي جرى إنشاؤها في قلب العاصمة الاقتصادية، تحفة ومعلمة معمارية رائعة تأسر أعين ومخيلة الزائرين منذ أن صممها المهندس المعماري جان فرانسوا زيفاكو عام 1975.

فهذه المعلمة الفريدة التي يطلق عليه محليا “الكرة الأرضية” تجسد أناقة العمارة الغربية، في اندماج متناغم مع التأثيرات المغربية والشرقية.

تقع هذه القبة في قلب ساحة الأمم المتحدة، أحد الشرايين الأكثر دينامية ورمزية في المدينة، إذ تقف بفخر تشد المارة بديزاينها الفريد وتاريخها الرائع..

هذه التحفة تتميز بهندستها المعمارية الفريدة، فهي عبارة عن قبة بيضاوية الشكل مما يسمح لأشعة الشمس بالتسرب إلى الداخل محدثة بذلك تلاعبا بالضوء داخل هذه المعلمة.

منذ إنشائها، صمدت قبة زيفاكو في وجه تأثيرات الزمن، كما قاومت تقلبات الطقس والتغيرات الحضرية، بل وحافظت على سحر وروعة الزمن الماضي، فواصلت استقطاب الزوار وعشاق الهندسة المعمارية من كل صوب وحدب.

وقد أعيد افتتاح هذه المعلمة أمام العموم في دجنبر من سنة 2021 بعد 5 سنوات من الأشغال التي أنجزتها كل من شركة الدار البيضاء للتراث وشركة الدار البيضاء للتهيئة بكلفة بلغت 25 مليون درهم.

ويأتي تجديد هذه المعلمة، التي تتواجد بين المدينة العتيفة والمركز التجاري للدار البيضاء، في أعقاب شكاوى السكان الذين لاحظوا أنها تحولت على مر السنين إلى نقطة سوداء حقيقية وملاذا للباعة الجائلين.

ويندرج هذا المشروع في إطار رؤية استراتيجية لحماية وتثمين التراث التاريخي المحلي الغني، وذلك من أجل الحفاظ على الجاذبية السياحية ومواكبة تطور المدينة.

وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قالت المهندسة المعمارية لمشروع إعادة تأهيل قبة زيفاكو وممرها تحت الأرضي سعاد بلقزيز، إن رهانات وأثر هذا المشروع تتجاوز إطاره وحدوده المادية، موضحة أن الممر تحت الأرضي للقبة كان في حاجة إلى حياة جديدة.

واعتبرت السيدة بلقزيز، أن المشروع كان متناسقا ومتوافقا مع التغيرات الحضرية للمدينة مع الحفاظ على الأبعاد الشعبية والرمزية للقبة.

في سياق متصل، كان مشروع المهندسة بلقزيز، الذي تم اختياره بالإجماع من قبل أعضاء لجنة التحكيم، قد اقترح التفكير في إمكانية خلق دينامية وتجديد بهدف إطلاق حياة جديدة في ساحة الأمم المتحدة عبر عملية توسيع ودمج البعد “الأخضر” باعتباره عنصرا من عناصر هذا الفضاء، مع إبراز القبة من خلال دمجها في مربع حقيقي ممتد.

وحسب السيدة بلقزيز، فإن هذا المشروع كان يقترح أيضا إنشاء مجال أخضر حقيقي وإطلاق حياة جديدة لضمان استدامة المشروع من خلال دمج أنشطة دائمة (محلات تجارية، مطاعم، وأنشطة ترفيهية…).

وكشفت المهندسة المعمارية، أن الفضاء تحت أرضي للمعلمة كان محصورا ويصعب الولوج إليه مما أدى إلى تهميشه، وعبرت عن أسفها كون “هذا المكان الذي كان مضيئا، وجد نفسه مهملا تدريجيا، بل تعرض للغزو تدريجيا من قبل المشردين، فتحول إلى فضاء يتجنب السكان المرور حتى جواره.

وبناء عليه، أكدت المهندسة أن هذا المشروع المتعلق بالممر تحت أرضي كان يقتضي، في المقام الأول، الحفاظ على وظيفته الأصلية (ممر للراجلين)، فضلا عن تحويل الموقع لفترة قصيرة إلى فضاء لاستضافة بعض التظاهرات .. وهذا من شأنه توفير أسمال اقتصادي كاف موجه لعملية تدبيره وتسييره ذاتيا.

بالإضافة إلى جماليتها المثيرة للإعجاب، تكتسي قبة زيفاكو كذلك أهمية تاريخية وثقافية كبيرتين بالنسبة لمدينة الدار البيضاء، فهي ترمز لحقبة مضت لكنها غير منسية، وتمثل المشهد الحضري للمدينة وتشهد على تطورها على مر العقود.

وبالإضافة إلى ذلك، تحولت هذه القبة إلى معلمة بصرية وملتقى لساكنة المدينة، الذين يعتبرونها بكل فخر جزءا لا يتجزأ من تراثهم الثقافي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى