أخبار

التبادل التربوي بين المغرب والولايات المتحدة

ثلاثة أسئلة للمديرة التنفيذية لبرنامج "فولبرايت" المغرب

تم الاحتفاء، مؤخرا، بخريجي برنامج المنح الدراسية “فولبرايت المغرب” 2024، المغاربة والأمريكيين، خلال حفل نظمته سفارة المملكة بواشنطن، في مناسبة سلطت الضوء على إسهام التبادل الأكاديمي والثقافي في توطيد الشراكة الوثيقة والمتعددة بين البلدين.

وبمناسبة هذا الحفل، الذي حضره سفير جلالة الملك لدى الولايات المتحدة، يوسف العمراني، ومسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية واللجنة المغربية الأمريكية للتبادل التربوي والثقافي، خصت المديرة التنفيذية لبرنامج “فولبرايت المغرب”، ريبيكا جيفنر، وكالة المغرب العربي للأنباء بحوار، تطرقت فيه إلى حصيلة أربعة عقود من هذا البرنامج الممول بشكل مشترك من الحكومتين، ودور خريجي البرنامج في مد “جسور التعاون والتفاهم والرؤية المشتركة”، إلى جانب معايير انتقاء المرشحين لمنح التميز.

 1- ما هو تقييمكم لأثر التبادل التربوي والثقافي بين الولايات المتحدة والمغرب على الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين؟

يعد المغرب أحد أقرب وأقدم حلفاء الولايات المتحدة، إذ تعود صداقتنا إلى لحظة تأسيس الولايات المتحدة. كل يوم، نعاين ونختبر عمق ومتانة هذه الروابط. فمنذ أزيد من 40 عاما، يشكل برنامج فولبرايت جسرا أساسيا بين البلدين، مساهما بذلك في تعزيز التفاهم والتبادل الثقافي.

برنامج فولبرايت شكل أحد ركائز الدبلوماسية العمومية الأمريكية، إذ ساهم في توطيد العلاقات الثنائية، وتقليص سوء الفهم، وتحفيز تبادل المعرفة بين المجتمعات، فضلا عن إقامة علاقات دائمة في المغرب.

إن التزام الولايات المتحدة والمغرب بتحقيق السلام والرفاه والأمن في المنطقة – وفي أنحاء العالم – أضحى أقوى من أي وقت مضى. كما أن الروابط بين أفراد مجتمعينا تشكل جزءا أساسيا ضمن عمق وجودة علاقاتنا القوية.

يتجاوز تأثير هذا التبادل التعاون البحثي والوسط الأكاديمي، إذ يعمل على نسج روابط غنية بين طلابنا المغاربة المستفيدين من منح فولبرايت ومجتمعهم في الولايات المتحدة، وكذلك بين طلابنا الأمريكيين في برنامج فولبرايت ومجتمعهم في المغرب.

يعد خريجو برنامج فولبرايت بمثابة سفراء ثقافيين، إذ يساهمون في تبديد الصور النمطية حول ثقافات ومناطق معينة، ويمنحون نظراءهم الأمريكيين فكرة حقيقية عن الثقافة والتقاليد المغربية، والعكس صحيح. ففي عالم حيث تتعدد الاختلافات، يهدف البرنامج إلى إرساء جسور التعاون والتفاهم والرؤية المشتركة.

من خلال منح “فولبرايت”، تدعم برامج اللجنة المغربية الأمريكية للتبادل التربوي والثقافي أيضا الإصلاحات التعليمية التي تضعها الحكومة المغربية.

نتوفر على برامج تمكن الطلاب والجامعيين من إجراء أبحاثهم في بلد آخر، وهي فرصة من شأنها أن تزيد بشكل كبير من أثر مقالاتهم العلمية.

كما أنهم يكتشفون نظاما تربويا جديدا يستند إلى الفكر النقدي والتكوين في مجال الكفاءات العامة، والتعلم التجريبي، والمشاركة المواطنة، والتعليم الدامج.

يوفر برنامج فولبرايت فضاء لتبادل الممارسات الفضلى والتقنيات البيداغوجية الحديثة وشبكة دولية موسعة.

يتيح أحد برامجنا لطلاب أمريكيين إمكانية تدريس اللغة الانجليزية لمدة عام دراسي في الجامعات العمومية في المغرب، مما يدعم هدف النهوض بمكانة اللغة الإنجليزية.

 2-  إلى أي مدى يساهم برنامج فولبرايت في تطوير الفرص الاقتصادية؟ هل يمكنكم تقديم بعض قصص النجاح التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية؟

يعد برنامج فولبرايت بمثابة استثمار مباشر في الجيل الجديد من القادة بالمغرب. فمنذ أزيد من 40 عاما، ما فتئت حكومتا البلدين تجنيان ثمار هذا الاستثمار.

أصبح عدد من طلابنا المغاربة السابقين وزراء ورؤساء شركات كبرى وباحثين رفيعي المستوى وصحفيين ورجال أعمال. يغادر خريجو برنامج فولبرايت المغاربة الولايات المتحدة بشهادات في الماجستير، ومنشورات بحثية، وممارسات بيداغوجية موسعة، وخبرة مهنية في شركات متعددة الجنسيات وفي العمل ضمن شبكة دولية متنوعة من النظراء.

هؤلاء الطلبة يوجدون في الطليعة من أجل كسب التحديات الملحة التي يواجهها المغرب، في مجالات تتنوع بين الاستدامة البيئية والتقدم في مجال الرعاية الصحية، ويتمتعون بإمكانية الإسهام بشكل إيجابي في مسار التنمية في المغرب.

تساهم برامجنا أيضا في تكوين القادة الأمريكيين، إذ يحظى المستفيدون من المنحة بفرصة التسجيل في دورات لغوية مكثفة في المغرب لدراسة اللغة العربية والدارجة والأمازيغية. كما يتمكن أساتذتنا من تجربة ميدانية في المدارس المغربية، ويتعلمون المزيد عن الثقافة والتاريخ والسياسة ويكون بإمكانهم تقاسمها داخل الفصول الدراسية الأمريكية.

كما يتعاون باحثونا بشكل وثيق مع جامعيين مغاربة وشركاء غير حكوميين لتوسيع المعارف حول المغرب والمنطقة. وبفضل منح فولبرايت الدراسية، أصبح عدد من الأمريكيين دبلوماسيين، ومسؤولين حكوميين، وأكاديميين رائدين في مجالاتهم، ومستشارين، ورجال أعمال، وأيضا علماء بارزين.

ومن خلال برنامج فولبرايت، تقوم اللجنة المغربية الأمريكية للتبادل التربوي والثقافي بدور بارز في مد الجسور وإرساء التبادل الهادف ودعم الحوار الثقافي والأكاديمي الذي يتجاوز الحدود.

العقود الأربعة الماضية كانت حافلة بقصص الخريجين الذين طوروا معارفهم من خلال العمل التطوعي، والعمل بمثابة سفراء ثقافيين، ومن خلال الصداقة الدائمة، والتعاون، والثقة، والتنوع، والقيم المشتركة.

 3-  كيف تحرصون على توفير البرنامج ولوجا عادلا إلى فرص التعليم الدولي وإسهامه في رأب الفجوة في مجال البحث في التخصصات المتطورة، وخاصة بالنسبة للنساء؟

تحرص اللجنة على احترام أعلى معايير التميز والشفافية والأخلاقيات في عملية الانتقاء. تشمل قيم برنامج فولبرايت التي نتشبث بها، على الخصوص، التنوع والإنصاف والإدماج والولوج.

يُعرّف برنامج فولبرايت التنوع بأنه: “الفرص المتاحة للأشخاص، بغض النظر عن العرق أو اللون أو الأصل أو الجنس أو العمر أو الدين أو الانتماء الجغرافي أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي أو الإعاقة”.

تسعى اللجنة المغربية الأمريكية للتبادل التربوي والثقافي، إذن، إلى اختيار مجموعة متنوعة وموهوبة من المرشحين لبرامجنا. نرحب بالطلبات المقدمة من المجموعات والتخصصات والمناطق التي لا تحظى بتمثيل كاف في المغرب والولايات المتحدة، ونرحب بالتأكيد بالطلبات المقدمة من النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

فمن خلال دعم هذه القيم الأساسية والحرص على الموضوعية وضوابط الإنصاف، تحترم لجان الانتقاء معايير الإدماج والانسجام وتجنب تضارب المصالح، والشفافية، وعدم التمييز، والسرية.

نتوفر على أمثلة عديدة، حالية وسابقة، لنساء ورجال استفادوا من منح برنامج فولبرايت في جميع التخصصات، بما في ذلك العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. لدينا طلاب ماجستير ودكتوراه مغاربة في الولايات المتحدة يدرسون حاليا ويقومون بأبحاث في مجالات التكنولوجيا المالية وتحليل البيانات، وعلم الوراثة الحيوانية، والبيولوجيا الجزيئية، وعلوم البيئة، والروبوتيك والذكاء الاصطناعي، والكيمياء الجيولوجية، والزراعة المستدامة، والطاقة الشمسية وغيرها الكثير.

في الوقت الراهن، تدرس إحدى المستفيدات من منحة فولبرايت الزراعة الغذائية في جامعة تكساس “إي آند إم”. وبعد التخرج، تعتزم متابعة التكوين ما بعد الأكاديمي أخصائية تسويق في إحدى شركات إنتاج الحليب حيث ستشتغل في مجال التحليل الاقتصادي. لدينا أيضا طالبة دكتوراه في مركز أبحاث متخصص في فقدان النطق بجامعة “ميريلاند كوليدج بارك”، وتشتغل في مجال يجمع بين العلوم واضطرابات التواصل وعلم اللغويات العصبية.

يستفيد من البرنامج أيضا طالب دكتوراه أمريكي يعمل مع معهد باستور في الدار البيضاء لدراسة الاختلاف التطوري لأنواع الثعابين الإفريقية الأكثر انتشارا.

هناك أيضا باحث أمريكي يدرس تدبير المياه في وادي درعة وكيفية تعامل الفلاحين في الواحات مع نقص المياه. هذه مجرد أمثلة قليلة على دعمنا للمنح الدراسية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وغيرها. وباختصار، تلتزم اللجنة بدعم مجموعة واسعة من المجالات ومواضيع البحث وأيضا المرشحين.

أجرى الحوار: عمر عاشي – ومع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى