أمال أحمري : خوفي على التبوريدة النسوية من الاندثار

- Advertisement -

أمال أحمري

حوار: علاء البكري

بدايةً، نود أن تقربينا أكثر من شخصية أمال أحمري؟

        أنا أمال أحمري، فارسة ومقدمة للسربة النسوية التي تمثل مدينة القنيطرة، مسيرة ضيعة فلاحية، متزوجة وأم لطفلة وطفل.

شخصية هادئة، لا أحب الاختلاط كثيراً، خصوصا مع وجود كثرة الحاقدين، و”المغيارين” والمنافقين، إلا من رحم ربي. تسعدني اللقاءات والأشخاص الذين أستفيد منهم ثقافيا، والذين أحس معهم بطاقة إيجابية. أحب الحرية باحترام والاستقلالية، وهدفي في الحياة دائما هو التعلم والنجاح والتميز.

ما العلاقة التي تربط بين أمال أحمري بالخيل؟

علاقتي بالخيل علاقة وجدانية روحية، شغف، لا أتصور حياتي بدون خيل، أعشقهم من الصبى حتى المشيب. وجودهم في حياتي كيان مشترك، إن مرضوا أمرض، إن تألموا أبكي، إن اكتأبوا أكتئب، فرحهم مبتغاي، حياتهم حياتي هذه علاقتي بالخيل، أحبهم حتى النخاع.

كيف ومتى قررت التفرغ لركوب الخيل والتبوريدة؟ 

أمتطي الخيل منذ صباي، كانوا محور طفولتي ومراهقتي، أصدقاء شبابي، ويترقبون مشيبي، لا ينتظرونني لأتفرغ لهم، أشياء أخرى هي التي تنتظر، لهم الأولوية فهم الخيل التي أعشق.

ما الأسباب التي دفعتك لتأسيس فرقة نسوية تخص “البَّارْدِيَاتْ”؟

مع أخد التجربة والتعلم الكافيين، جاء الوقت المناسب لتأسيس السربة الأولى والوحيدة بمدينة القنيطرة.

كانت الفكرة مرعبة لي في بادئها لكن التوكل على الله ومساندة العائلة المقربة خاصة أمي الحبيبة التي لم تبخل علينا أنا وأختي التي تشاركني هذا المجال بشئ لمساعدة نجاحنا في هذا الميدان، خصوصا وأنه كان حكرا ذكوريا بامتياز من الصعب تقبل الأنثى فيه.

ما هي أهم التظاهرات والمهرجانات الخاصة بفن التبوريدة التي شاركت بها رفقة سربة “النور”؟

تعتبر سربة فارسات النور من السرب الرائدات في الميدان والتي بقيت مستمرة منذ تأسيسها أكثر من سبعة عشر سنةً، مشاركاتها في عدة مهرجانات ومواسم  في جل ربوع المملكة من صحرائها إلى شمالها ومن غربها إلى شرقها، أهمها والتي بقيت خالدة إلى يومنا هذا في أذهاننا هي البطولة الوطنية النسوية التي كانت تقام بدار السلام بالرباط، والتي توجت سربتنا بالميدالية الذهبية لسنة 2008، وكذا كأس الحسن الثاني لنفس السنة، وهذه الأخيرة كانت ثمار التعب المادي، المعنوي والنفسي الذي عشناه في هذا الميدان، والذي نعتبره تحفيزا للإستمرار دون كلل أو ملل.

مع الأسف لم تكن هناك مشاركات خارج البلاد للتعريف بهذا الموروث الثقافي اللامادي، رغم تلقينا عدة عروض لخارج أرض الوطن إلا أنها لم تكلل بالنجاح.

ماذا يعني لك اليوم أن تكوني مْقدمة فرقة الفروسية النسوية بجهة الرباط سلا القنيطرة، ومن أوائل المغربيات اللواتي اضطلعن بمهمة قيادة السربة؟

المقدمة أمال أحمري قبل أن تكون مقدمة فهي فارسة تعثرت ونهضت ووجدت من يسندها فأضحت مقدمة، دخلت الميدان من بابه الواسع ورثت حب الهواية عن جدها رحمه الله، أخدت الشياخة عن مقاديم كبار في الميدان، تعلمت الطقوس عن أصولها، أصبحت محنكة لتقول ها أنا ذي مميزة في الميدان، سفيرة التبوريدة النسوية أينما حللت وارتحلت.

المقدمة مسؤولية، هي تكليف قبل أن تكون تشريف، أنا المسؤولة عن السربة من “ألفها” إلى “يائها”، من خيولها إلى أصغر لوازمها، أنا المسؤولة عن الفارسات في ضيافتي واللاتي أعتبرهن أخواتي، تحياتي لهن…

 ما العراقيل والصعوبات التي واجهتها في هذا الميدان الذي كان حكرا على الرجال دون النساء؟

 لكل مجال عراقيله، لكن ربما لمجال التبوريدة عراقيل خاصة، بصفته مجال ذكوري محض يصعب تقبل الأنثى فيه، لأن أغلب مزاوليه من البادية، المرأة بالنسبة لهم تعني المنزل والأولاد. في بادئ الأمر كان من المستحيل أن يعطي فارس حصانه لتمتطيه فتاة على يقين منه بأنها ستقلل من شأنه، كما أنه من الصعب على الفارس الركوب في السربة بجانب فارسة، ربما إحساسه بالدونية بجانبها لا يعطيه تلك الثقة بالنفس التي يبحث عنها…

لكن من تجربتي في الميدان إن كان الفارس ماهرا في طريقة ركوبه فهو لا يخاف الركوب بجانب فارسة لأن مراقبة الجمهور الحثيثة لها لن تأثر عليه فهو فارس عارف لأصول التبوريدة.

سمعة الفارسة في الميدان هي ما يحدد قيمتها ويحث على احترامها.

هل فكرتِ في إنشاء مؤسسة أو جمعية تُعنى بتأطير الخيالة والاهتمام بهذا التراث الشعبي الأصيل؟

بداياتي في ميدان الخيل كانت أوائل الألفين مع القفز على الحواجز، أربع سنوات أخرى لأبدأ التبوريدة كمبتدئة. وكان ذلك سنة 2004، ثلات سنوات أخرى في ميدان التبوريدة كانت كفيلة لأتعلم الأصول وأصير مقدمة ليأتي تأسيس جمعية النور للثرات والأصالة سنة 2007 والتي تترأسها أمي السيدة ثريا السويلم.

من أهداف الجمعية الاهتمام بتعليم الفارسات أصول التبوريدة ومواكبة السربة.

كيف ترين مستقبل التبوريدة النسوية؟ 

خوفي على التبوريدة النسوية من الاندثار، قلة الفارسات وعشوائية التعلم، التبوريدة هي أصول وتراث مغربي أصيل، الطريقة التي تعلمت بها أنا مع شيوخ التبوريدة وأكثرهم حكماً، لا أعتقد أن فارسات اليوم سيتعلمن بها.

البطولة الوطنية النسوية كانت حافزا لتعلم الفارسات وزيادة السربات في المغرب، توقف الحافز المهم سنة 2010 ولعب دورا عكسيا في تدهور عدد الفارسات والسرب مع الأسف.

في رأيك، هل يساهم الإعلام المغربي في التسويق لفن التبوريدة والتعريف بأعلامه؟ 

التبوريدة عامة لم تأخذ حقها في المجال الإعلامي، رغم أن جمهورها طويل عريض، محبيها بالملايين. صنفت في 16 دجنبر 2021 كتراث ثقافي مغربي عالمي لامادي من طرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم الثقافي (اليونيسكو)، بعد الطلب الرسمي الذي قدمه المغرب سنة 2019.

التبوريدة أكثر انتشارًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما يزيد من انتشارها العالمي، ويقربها من جمهورها.

هل لديكِ رؤية أو مشروع مستقبلي بخصوص الخيالة أوالتبوريدة النسوية بصفة عامة؟ 

هدفي ومشروعي أن أعطي صورة مشرفة يستحقها هذا الميدان، أن أكون سفيرة وبامتياز، وأن أزيد من محبيها خصوصا نون النسوة، أن أكون مشرفة لمن تتخدني مثالا وقدوةً لها، أن يكون عدد من تعلَّمنَ على يدي كثيرات، أن أذهب إلى خالقي وأترك تاريخا جميلا ومشرفا أُذكر به.

  ما هي النصيحة التي تقدمينها للعنصر النسوي المقبل على ممارسة هذه الهواية أو بالأحرى هذا الفن؟

نصيحتي لمن دخلت الميدان هي أن تحب الخيل للخير والتبوريدة للبارود، أن تحترم نفسها قبل كل شيء، أن تكون منصتة لمن يفوقها خبرة، أن تستمر في التعلم مادامت في الميدان فهو بحر دائم التجديد، أن يكون الإصرار والعزيمة مصاحبانها في الطريق، أن تزيل من قلبها كل ذرة ضغينة أو حقد، والله ولي التوفيق.

بخلاف ركوب الخيل والتبوريدة، هل لديك مواهب أخرى؟

هواياتي متعددة أغلبها مع الخيل، زاولت عدة رياضات في صغري (الجمباز، الرقص الكلاسيكي، التكواندو…) لكن استقراري كان على التبوريدة والعزف على البيانو إلى الآن.

في كلمة أخيرة. ماذا تودين القول للمسؤولين والجمهور؟

تحياتي للمسؤولين على الميدان على رأسهم صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي يعطي رعاية خاصة لهذا المجال، وكذا رئيس الجامعة الملكية المغربية للفروسية الشريف مولاي عبد الله العلوي للمضي قدما بهذا الثراث الذي هو جزء لا يتجزأ من هويتنا المغربية.

أشكر زوجي السيد مهدي عامر الذي يساندني دائما وأول مشجعي ومحفزي على الاستمرار شكرًا جزيلا مهدي، وأشكر ماما لأنها هي من ساندني ووثق في قدراتي من بدايتي إلى حاضري، شكرا لكل من شجعني من بعيد أو قريب، وأخيرًا شكرًا مجلة فرح على هذه الالتفاتة الجميلة وهذا الحوار الشيق، مسيرة موفقة لكم.