لازالت رؤية امرأة تقود حافلة تشكل مشهداً غير عاديّاً في أوزبكستان الجمهورية السوفياتية السابقة ذات الأغلبية المسلمة، والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 35 مليون نسمة ولا تزال قيمها الاجتماعية ذكورية إلى حد كبير.
في هذا السياق، رفعت أوزبكستان، الحظر على عمل النساء سائقات للحافلات، وهو حدث انتظرته المرأة الأوزبكية طويلاً لتحقق حلمها القديم بامتهان هذا المجال.
وبعد هذا القرار الذي ذرفت بعد سماعه عَينَا سودات شيرماتوفا دموع الفرح، أكدت هذه المرأة، التي كانت تعمل في صيانة وسائل النقل العام في العاصمة الأوزبكية طشقند، أنها طالما انتظرت ذلك طويلاً.
وأضافت: “في البداية، نظر إلي الكثير من الناس في حالة صدمة. وسألني بعض الرجال إذا لم يكن الأمر صعبا للغاية بالنسبة لي. وظل آخرون صامتين ولكن بدا عليهم الرفض”، “لكنني لست قلقة، وأتلقى الكثير من التشجيع والتهاني”.
وأشارت شيرماتوفا، إلى أن زوجها، وهو أيضا سائق حافلة، كان قلقاً في البداية لكنه قدّم لها “الدعم الكامل”، وأنه يطالبها بتوخي الحذر بشكل يومي.
وقبل أن تشرع شيرماتوفا بقيادة حافلات كهربائية على الخط رقم 51 الذي يجوب شوارع طشقند – أكبر مدينة في آسيا الوسطى ويبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، تدربت لأيام مع زميلها محمود مسلموف، الذي ذكَّر بأن النساء كنّ يقدن الحافلات في الحقبة السوفياتية ضمن شروط معينة.
وأضاف مسلموف “إنه لأمر جيد للغاية أن يُسمح للنساء بقيادة الحافلات، خصوصاً وأن المركبات باتت عملية أكثر وقيادتها أصبحت أسهل مما كانت عليه في العهد السوفياتي”.
من جهة أخرى، أكدت نرجسة غادويفا، سائقة الحافلة الوحيدة الأخرى في أوزبكستان حتى الآن، وهي مدربة قيادة سابقة، أنها اغتنمت فرصة الحصول على دور جديد في المجتمع.
وأضافت “في البداية كنت قلقة. كان أطفالي يعارضون قيادتي للحافلة. لكنني ثابرت على موقفي”، مشيرة إلى أن التهاني الكثيرة التي تلقتها طغت على القلق الذي عاشته في البداية.
وأبدت غادويفا أملها في أن تشكل حالتها حافزا لنساء أخريات على قيادة (الحافلات)، مؤكدة أنها تريد أن تكون مثالاً للمرأة الأوزبكية، لإظهار أنهن قادرات على القيام بأشياء كثيرة.
وقال الناطق باسم وزارة النقل نودير خودوبيردييف “في أوزبكستان، كان يُمنع على النساء قيادة الشاحنات التي تزيد حمولتها عن 2,5 طن والمركبات التي تقلّ أكثر من 14 شخصاً”، لكنّ “الحكومة رفعت هذه القيود للسماح للنساء بالعمل”.
ويتماشى الإصلاح مع التحرير التدريجي في البلاد خلال حكم الرئيس شوكت ميرضيايف، الذي يدير نظاماً يخضع لرقابة مشددة من دون معارضة سياسية حقيقية منذ عام 2016.
وفي إصلاح مهم آخر، صوت البرلمان الأوزبكي على قانون يفرض حصة قدرها 40% من المرشحات في الانتخابات البرلمانية، مُشَكِّلاً محاولة لتحقيق التوازن في المشهد السياسي الذي تغيب فيه النساء إلى حد كبير باستثناء سعيدة ميرضيايفا، ابنة الرئيس.
هذا، وأدى الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي في عام 1991، في جميع أنحاء آسيا الوسطى،إلى انتشار مفاهيم أكثر تحفظاً تجاه دور المرأة في المجتمع، بعدما كانت هناك مساواة أكبر بين الجنسين في ظل الشيوعيةء، وإلى اليوم لا تزال النساء في وسط آسيا ممنوعات من مزاولة مهن كثيرة، بما يشمل قطاع المواد الأولية.
ولاحظت هيئة الأمم المتحدة في تقرير لها عام 2020 أنه في الوقت الذي كانت فيه الحكومة الأوزبكية تتخذ خطوات نحو معالجة عدم المساواة بين الجنسين، لم يكن هناك تغيير يذكر في الحياة اليومية لمعظم النساء، مشيرة إلى أن الوضع قد يتغير.