أخبار

“صراع العروش الجديد” بقلم فتاة سريلانكية أميركية مسلمة

حفصة فيصل: أنا جزء من أقلية يتم تشويه سمعتها وشيطنتها باستمرار في وسائل الإعلام، مما يعني أنني دائما قلقة بشأن رد الفعل العنيف بسبب هويتي، لكنني محظوظة لأنني محاطة بأشخاص طيبين وداعمين حقا.

اعتاد قراء أدب الخيال والفانتازيا الغربي لونا مألوفا من العوالم الخيالية مستوحى من إلهام تاريخي محدد -أوروبي في الغالب- مثل الذي قدمته سلسلة روايات “أغنية الجليد والنار” التي تحولت لمسلسل سينمائي شهير وضمت تنانين وملوكا وسيوفا وصراعات على السلطة، لكن رواية “غربية” جديدة أصبحت ضمن قائمة الأكثر مبيعا لنيويورك تايمز (في المرتبة الخامسة لأدب اليافعين-2019) تقدم للقارئ شخصيات خيالية مستوحاة من شبه الجزيرة العربية القديمة.

في رواية “نحن نصطاد الشعلة” (We hunt the flame) للكاتبة والمؤلفة الأميركية لروايات اليافعين حفصة فيصل (28 عاما)، تقدم الكاتبة الشابة حكاية خيالية تدور في عوالم الفانتازيا حيث تقوم صائدة تدعى “زافيرا” بالتنكر في هيئة رجل من أجل السفر إلى غابة آرز الخطرة، وتعيش مغامرات سحرية في عوالم ملحمية من الممالك القديمة والجن والسحر والأساطير والموت والظلام.

ورغم أن الكاتبة من أصول سريلانكية لكنها اختارت شبه الجزيرة العربية القديمة مسرحا لأحداث روايتها، وخطرت لها فكرة كتابة الرواية بعد أن اطلعت بشكل جيد على أدب اليافعين لتقدم -فيما بعد- تجربتها الخاصة والمختلفة.

خيال وفانتازيا

في الرواية تلاحَق بطلة الرواية زافيرا من قبل ناصر، الابن القاتل للسلطان المتعطش للسلطة، الذي تم إرساله لإلقاء القبض على “الصياد الأسطوري” واستعادة القطع الأثرية لوالده، وبينما يكافح ناصر للتمسك بآخر بقايا الإنسانية، يتقاطع دربه مع زافيرا، وتتشابك مصائرهما المتضاربة وتضعهما في مواجهة شر قديم مع قوى أعظم وأكثر فتكًا مما يتخيله أي منهما.

وتجري أحداث القصة الخيالية في مملكة العراوية الأسطورية، حيث الحرب تختمر والغابة المخيفة تبتلع الأرض في الظل.

وتكتسب الرواية قيمتها الأدبية من كونها بناء لعالم خيالي يناظر الواقع، ووضع الحبكة الدرامية بعناية ضمن هذا العالم المرسوم بالكلمات، وهذا ما دفع نقادا أدبيين لمقارنة الرواية بملحمة جورج مارتن الخيالية المذهلة التي تحولت لمسلسل “صراع العروش”.

تقول فيصل في حوارها مع مجلة “بابليشرز ويكلي” الأميركية (Publishers Weekly)‏ إن العالم الحقيقي الواقعي وجد طريقه إلى السرد عبر العقل الباطن، رغم أن الرواية تدور في عوالم غرائبية من الفانتازيا، مشيرة إلى مقتل الأبرياء في سوريا بالغاز السام بطريقة مروعة.

وأضافت أنها لم “تتحلى بالصبر على الشعر” ولم تحاول كتابته، لكنها كانت دوما من محبي الكتب الشغوفين، حيث كتبت رواياتها الأولى في عمر الـ17 عاما، بينما كانت “نحن نصطاد الشعلة” روايتها الخامسة.

وقالت فيصل إن النشر صناعة يصعب اقتحامها، مشيرة إلى أنها بدأت التدوين في سبتمبر/أيلول 2010 في رحلة استغرقت قرابة 10 سنوات كانت تراقب خلالها عالم النشر من الخارج، بما في ذلك أعمال التسويق والدعاية وديناميكيات النشر وما قبل الطباعة.

واعتبرت فيصل أنها “جزء من أقلية يتم تشويه سمعتها وشيطنتها باستمرار في وسائل الإعلام، مما يعني أنني دائمًا قلقة بشأن رد الفعل العنيف بسبب هويتي، لكنني محظوظة لأنني محاطة بأشخاص طيبين وداعمين حقًا”.

وبسؤالها عما إذا كانت روايتها تعتبر عملا سياسيا، قالت إنها تشعر “بالراحة في مزج عناصر الإسلام مع الخيال، ومع ذلك، فقد أردت إنشاء عالم يظهر الشرق الأوسط كما هو: موطن لآلاف وآلاف من الناس وليس المنطقة الشيطانية والغريبة التي يصورها الخيال ووسائل الإعلام”.

أصول مختلطة

وفي مقالها لموقع تور Tor الخاص بالخيال العلمي، كتبت فيصل أنها كانت البنت البكر لمهاجرين مسلمين متدينين، كان أبوها مدرس مونتيسوري في مدرسة، بينما والدتها لاعبة “جودو”، وحرص أبواها على أن يكون الإسلام جزءًا أساسيا من حياة أبنائهما إلى جانب الإلمام بأحدث جوانب الثقافة الشعبية والموضة “بقدر ما يمكن للمرء أن يكون أميركيا” بحسب تعبيرها.

وتابعت فيصل القول إنه من الصعب على أي شخص أن يفهم أن اسمها كان عربيا، وأن والداها ولدا في الوقت الذي كانت فيه سريلانكا لا تزال تحت الحكم البريطاني، فهما يتحدثان لغة سريلانكية مع بعضهما البعض لكن يتكلمان الإنجليزية مع أبنائهما، وتضيف “التفهم يعني قبول حقيقة أن الناس يمكن أن يكون لهم صلات بعدة بلدان ولغات وثقافات”.

وأضافت “عندما بلغت، بدأت في ارتداء النقاب مثل أمي، بعد سنوات من التوسل إليها لتعطيني حجابًا أسود خاصًا بي، وبعد أشهر غادرنا لوس أنجلوس المليئة بالحيوية وعدنا (مرة أخرى) إلى فلوريدا بسبب وظيفة والدي.. في المدينة التي عشنا فيها، لم تكن المدارس مناسبة لفتاة محجبة مثلي، لذلك بدأت التعليم المنزلي”.

وعن روايتها قالت إنه بينما كانت تكتب أول مسودة لما سيصبح في النهاية روايتها، لم تستطع تجاوز الفصل الأول رغم عدم وجود خطأ ظاهري، فقد كانت تكتب خيالًا شابًا بالغًا عن فتاة مراهقة تتحدى الوضع الراهن في عالم خيالي متمركز حول أوروبا مثل معظم الأعمال الخيالية التي تخاطب اليافعين في الوقت المعاصر، قبل أن تحول مسرح أحداث الرواية من أوروبا إلى عالم البحر الأبيض المتوسط.

وتتابع القول إنه عندما تأملت في الخريطة انحرفت عيناها جنوبا نحو شبه الجزيرة العربية وهناك بدأت القصة، حيث كتبت قصة “لا يغذيها الإرهاب والزواج القسري، حيث تكون البطلة فتاة تعرف البخور والفرق بين التواريخ، بينما البطل فتى يفهم جمال القمر ويدرك إحساس اللغة على لسانه، وعندما تكون أسماؤهم صعبة النطق على قراء آخرين فيكون ذلك بمثابة تذكير بمدى اختلافهم”.

ومع ذلك قالت فيصل إن مخطوطتها الروائية التالية قد تكون أقرب قليلا لجذورها الشخصية مع شخصيات من أصول سريلانكية وسيكون العمل التالي أقرب مع بطل أميركي مسلم، وختمت “أحاول معالجة المفاهيم السياسية والدينية الخاطئة، ورغم مدى تشابك وجودي مع المغالطات؛ لم أكن أحاول إيضاح وجهة نظري، بل أردت فقط قصة.. مغامرة.. كنت أرغب في وضع طبيعي جديد، لذلك أعطيته لنفسي”.

عندما بدأت فيصل في كتابة الرواية وجعلت مسرح أحداثها في العالم العربي، كانت تعلم أن جعل قرائها يشعرون بأنهم في وطنهم أمر بالغ الأهمية؛ ولهذا حرصت على تدقيق وصف الملابس العربية والديكور والطعام، لتعبر بالقارئ الفضاء الحدي بين الأجنبي والمألوف؛ وهكذا أصبحت الرواية قريبة من توقعات القارئ العربي عن أمكنته المعتادة، بينما يستطيع القراء غير العرب الذين يشعرون بالملل من “أوهام المركزية الأوروبية” أن يجدوا راحة واختلافا عن المعتاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى