تعرف منطقة “فم زكيد” بإقليم طاطا بغنى منتوجاتها الحرفية ذات الحمولة الثقافية الهامة التي تعكس مهارة الصانع التقليدي الطاطوي في الإبداع والابتكار، ومدى تشبثه بالموروث المحلي الذي يقاوم العصرنة والاندثار في آن.
وأمام هذا التطور كان لابد من إحداث فضاء يلم شمل هؤلاء الصناع والصانعات، ويعيد الحياة للحرف المهددة بالانقراض، من أجل مواكبتهم ودعم الإنتاج وتحسين جودة التكوين وتسويق المنتوجات المميزة لهذه المنطقة خاصة الزرابي والنسيج، تماشيا مع التطور النوعي الذي عرفه قطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني باقليم طاطا خلال السنوات الاخيرة.
وتشكل قرية الصناع التقليديين بفم زكيد، التي تم تدشينها آواخر سنة 2022، بيتا بمواصفات عالية يحتضن إبداعات الحرفيين في مكان واحد، ويفتح الآفاق أمامهم من أجل تطوير قدراتهم في الإنتاج والإبداع وتعزيز مكانتهم اقتصاديا واجتماعيا بالوسط القروي، كما أنها تعكس ما تزخر به المنطقة من موروث ثقافي متنوع.
وقد تم إنجاز هذا المشروع بغلاف مالي يناهز 6 مليون و300 ألف درهم في إطار شراكة بين وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ومجلس جهة سوس ماسة والمجلس الإقليمي لطاطا وجماعة فم زكيد.
ويتكون هذا المشروع الذي شيد على مساحة إجمالية تقدر بـ1500 متر مربع منها 922 متر مربع مغطاة، من طابقين، طابق أرضي يضم 15 ورشة للإنتاج والتسويق وبهو للاستقبال والعرض ومرافق صحية، وطابق علوي يحتوي على قاعتين للتكوين وقاعة للعرض وأخرى متعددة الاستعمالات وقاعة للصلاة ومكتبين إداريين ومخزن ومقصف ومرافق صحية.
وفي تصريح لقناة M24 التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال مندوب الصناعة التقليدية بتزنيت وطاطا، هشام عطوشي، إن هذا الفضاء يدخل ضمن استراتيجية وزارة الصناعة التقليدية للنهوض بقطاع الصناعة التقليدية بالمملكة عموما وإقليم طاطا بالخصوص، موضحا أن المشروع يروم تمكين الصانعات والصناع من فضاء للعمل الجماعي والتكوين في مجالات تقنيات الانتاج والتدبير والتسويق وتجميع وعرض المنتجات.
وأبرز أن هذه القرية ستساهم في تعزيز البنيات التحتية الجماعية الخاصة بالإنتاج والعرض، وفي تلبية حاجيات الصناع التقليديين من حيث مقرات العمل الملائمة وتحسين جودة منتوجات الصناعة التقليدية، وأيضا في إحداث فرص للشغل.
وأضاف المسؤول المحلي، أن الفضاء يتكون من محلات مهنية، وورشات في حرف الزربية، والخياطة والصياغة والمصنوعات الجلدية، مؤكدا أنه سيتم مواكبة الصناع وتأطيرهم ضمن تكتلات حرفية، وذلك انسجاما مع الاستراتيجية الوطنية لتنمية وتأهيل العمل التعاوني.
من جانبهم عبر مجموعة من الصانعات والصناع في تصريحات مماثلة، عن سعادتهم بولادة هذا المجمع الجديد، الذي سيمنح لأعمالهم دفعة قوية، مبرزين أن قدراتهم سوف تتعزز عبر التكوين والتأطير مما سيسهم في التسويق الأمثل لمنتوجاتهم على الصعيد الوطني.
وسيساهم هذا المشروع الذي تعززت به الجماعة الترابية فم زكيد، في إنعاش قطاع الصناعة التقليدية والنهوض بالتنمية الاقتصادية والسياحة للمنطقة، إضافة إلى تحسين وضعية حرفيي الصناعة التقليدية بهذا الإقليم الذي يبعد عن مدينة أكادير بـ300 كلم.
ويتميز إقليم طاطا بغنى وتنوع الصناعة التقليدية الموجودة بالمراكز الحضرية والجماعات القروية، منها على الخصوص صناعة الزرابي ” الزربية الزكيدية”، نسبة لمنطقة فم زكيد ومنتجات الفخار٬ بالإضافة إلى المنسوجات النباتية (السلال – الأطباق- الحصير) التي تشكل إحدى الأنشطة التقليدية، التي تتفنن في إبداعها أنامل نساء المنطقة.