ليلة بيضاء بالمكتبة الوطنية
احتضنت باحة المكتبة الوطنية للمملكة المغربية الليلة الماضية فعاليات الدورة ال11 لليلة البيضاء للسينما وحقوق الإنسان، التي تنظمها جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان هذه السنة حول موضوع “السينما وحقوق الأسرة”.
وجاء اختيار المنظمين على الأسرة كموضوع للدورة، لأنها شكلت، على امتداد سنتين من حالة الطوارئ الصحية وفترة الحجر وما رافقها من قيود على التنقل، محط النقاش العمومي المرتبط بتدبير الأزمة.
وبرزت في تلك الفترة جملة من القضايا من قبيل العنف الأسري وحماية الأشخاص المسنين ووفاة الأقارب دون التمكن من حضور مراسيم الجنازة وغيرها من الإشكاليات.
وفي كلمة بالمناسبة، أكدت رئيسة جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الانسان، فدوى مروب، أن دورة هذه السنة تم تخصيصها لموضوع حقوق الأسرة قصد طرح النقاش حول المفهوم السوسيولوجي الجديد للأسرة وتأثيرها على السياسات العمومية، بالنظر للدور المحوري للأسرة في حل مجموعة من الإشكاليات الاجتماعية التي برزت خلال فترة الحجر الصحي التي رافقت جائحة كوفيد 19.
وأضافت أن نسخة هذه السنة تعرف مشاركة عدد مهم من الأفلام المغربية مقارنة مع الدورات السابقة، ما يبرز أن موضوع حقوق الأسرة يستلهم كثيرا الإنتاج الإبداعي في المغرب، مضيفة أن مفهوم الأسرة أصبح موضوع قانون عقب اعتماد مدونة الأسرة ليتم تكريسه في دستور 2011، “وهو ما يدفعنا كمجتمع مدني بأن نولي الأسرة الأهمية التي تستحق”.
من جهته، قال مدير المكتبة الوطنية للمملكة، محمد الفران، إن المكتبات الوطنية للدول في مفهومها الجديد صارت فضاءات للتواصل الفكري وفتح النقاش حول المواضيع التي تستأثر باهتمام المجتمع المدني، مضيفا أن موضوع الأسرة هو موضوع له أهمية محورية نظرا للتحولات التي شهدها من الجانب القانوني.
وأضاف أن مبادرة الليلة السينمائية البيضاء لها نكهة خاصة لأنها تفتح نقاشا مميزا مفتوحا حول مفهوم الأسرة، ولأنها تجمع بين الصورة من خلال مجموعة من الأفلام التي تتخذ من الأسرة موضوعا لها، والحديث، في إشارة إلى طاولة النقاش التي ستشهدها المكتبة الوطنية اليوم السبت في إطار هذه الدورة.
من جهتها، أعربت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة – المغرب ، ليلى الرحيوي ، عن سعادتها بتنظيم هذه الدورة الجديدة من الليلة البيضاء للسينما، خصوصا من خلال اختيار موضوع الأسرة، مشيرة إلى أنها مناسبة لتحسيس الرأي العام بمواضيع مهمة أخرى مرتبطة بالأسرة، مثل حقوق الطفل والمرأة.
كما أعربت عن شكرها لجمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان لمعالجتها موضوع الأسرة، لأنه موضوع يستوقف المرأة كما الرجل، مبرزة أن المجتمع ككل في حاجة لفتح باب النقاش حول هذا الموضوع الحساس.
وتمت في إطار هذه الليلة البيضاء برمجة تسعة أفلام في الفضاء المفتوح بباحة المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، سيتم عرضها أيضا على المنصة السينمائية الرقمية “armcdh.ma“. ويتعلق الأمر بكل من “حياتي مثل حبة كوسة”، لكلود باراس-سويسرا، و”نعيمة”، لسامي سر الخاتم، (فيلم قصير-المغرب)، و”خريف التفاح” لمحمد مفتكر، (فيلم روائي-المغرب)، و(The art of illusion)، لكلاوديا فاريجو. فيلم قصير-البرتغال، و”واجب” لآن ماري جاسر، فيلم روائي-فلسطين، و”رونو 12″، لمحمد الخطيب (فيلم وثائقي. فرنسا-المغرب).
وقال المخرج المغربي محمد مفتكر، أن فيلم “خريف التفاح”، الذي تم عرضه في هذه الدورة هو فيلم تخيلي يحكي قصة طفل يحاول البحث عن أب، ما يجعله يدخل في دوامة من الأحداث الاجتماعية المتصارعة، مضيفا أن العمل يبرز إشكالية الأسرة التي هي موضوع الدورة.
وأشار في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بالمناسبة، إلى أن فكرة عرض الأفلام في الهواء الطلق تعتبر فكرة مميزة سيكون لها صدى إيجابي عند الجمهور، خصوصا لأنها تزامنت مع فصل الصيف، وأتت في فترة ما بعد كوفيد والحجر الصحي.
وتتواصل هذه الدورة من الليلة البيضاء للسينما وحقوق الإنسان اليوم السبت، بتنظيم طاولة نقاش بقاعة الندوات بالمكتبة الوطنية للمملكة، يطرح فيها فاعلون جمعويون وشخصيات أكاديمية النقاش حول موضوع “السينما وحقوق الأسرة”، من خلال مجموعة من المقاربات من قبيل “هل يمكن الحديث عن حقوق الأسرة باعتبارها حقوقا جماعية تقع تحت حماية الدولة؟”؛ و”ماهي الآليات التي تم وضعها عن طريق مختلف المؤسسات العمومية لحماية الأسرة؟”؛ و”ما هو مستوى الانسجام بين المتدخلين المعنيين؟”؛ و”هل يمكن الحديث عن سياسة عمومية خاصة بالأسرة؟”.
وحسب الجهة المنظمة، ستعرف الندوة مشاركة وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، ورئيس المرصد المغربي لمناهضة التطرف والعنف وأستاذ بكلية الحكامة والعلوم الاقتصادية والاجتماعية (جامعة محمد السادس-متعددة التخصصات)، مصطفى الرزرازي، والمديرة الوطنية لجمعية قرى الأطفال SOS-المغرب، سامية الموستي، إضافة إلى خالد الحنفيوي، باحث في العلوم الاجتماعية وخبير في مجال الطفولة والتحولات الاجتماعية، وثورية حسام، باحثة في مجال العلوم الاجتماعية وأستاذة بالمعهد الوطني للعمل الجمعوي بطنجة.
وتنظم دورة هذه السنة من الليلة البيضاء للسينما وحقوق الإنسان بشراكة مع مؤسسة “هينريش بويل-الرباط”، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة-المغرب، ومعهد “كامويس”، والوكالة البرتغالية للفيلم القصير، والمركز السينمائي المغربي.
وتعتبر الليلة البيضاء للسينما وحقوق الإنسان تظاهرة سنوية تسعى من خلالها جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان، للإسهام في مجال النهوض بثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية، على اعتبار أن فهم ونشر كونية قيم حقوق الإنسان والديمقراطية لا يمكن أن يتم إلا بوسيلة فنية وإعلامية ذات طابع كوني مثل السينما.
يشار إلى أن جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان تأسست سنة 2010. وتهدف إلى النهوض بثقافة حقوق الإنسان من خلال السينما.
وإلى جانب تظاهرة “الليلة البيضاء للسينما وحقوق الإنسان”، تنظم الجمعية العديد من الأنشطة على امتداد السنة تشمل “لقاءات خميس السينما وحقوق الإنسان”، وصباحيات الأطفال السينمائية (بكل من الرباط والدار البيضاء وطنجة وزاكورة و أكادير)، وماستر كلاس السينما وحقوق الإنسان (المنظم كل ثلاثة أشهر).