لا ريب أن استخدام الهاتف الذكي بكثرة يؤدي إلى الإضرار بأجسادنا وعقولنا وحتى مشاعرنا، وفي حين تمتلك التكنولوجيا فوائد ومزايا تجعل حياتنا أسهل، فإنها سيف ذو حدين، ولها من السلبيات الكثير.
ووفقا لتقرير نشر في مجلة “تيك بيت” الإسبانية، فإن كل شخص يلقي نظرة على هاتفه المحمول بمعدل 150 مرة في اليوم، مما يؤكد أن الهواتف الذكية تحوّلت من مكمّل لحياتنا اليومية إلى أداة تواصل لا غنى عنها لدرجة الإدمان عليها.
في هذا الاتجاه، يقرّ المهندس الأميركي مارتن كوبر الذي اخترع الهاتف النقّال قبل خمسين عاماً، بأن هذه الأجهزة التي ابتكرها باتت تطرح مشكلة تتمثل في أن الناس يمضون الكثير من الوقت في استخدامها، وبالتالي فإنهم أصبحوا مدمنين عليها.
وصرح “أبو الجوال” البالغ 94 عاما، أن رؤية الناس يعبرون الشارع وينظرون إلى هواتفهم المحمولة، بات أمرا يصدمه، مضيفا أنهم فقدوا عقولهم، على حد تعبيره.
ويتوقع كوبر “أن يُحدث الهاتف المحمول في المستقبل ثورة في مجالَي التعليم والصحة”. ويضيف “أعلم أنني قد أبدو وكأنني أبالغ، ولكن (…) خلال جيل أو جيلين سنهزم المرض”.
إن الهاتف الخليوي الذي يحمله مارتن كوبر، اليوم، ويستخدمه بالدرجة الأولى لإجراء المكالمات، لا يمتّ بصلة إلى تلك الكتلة الثقيلة من الأسلاك والدوائر الإلكترونية التي استخدمها لإجراء أول مكالمة من هاتف جوّال في التاريخ في 3 نيسان/أبريل 1973.
وبالعودة إلى هذا التاريخ، كان كوبر يرأس فريقاً من المصممين والمهندسين من شركة “موتورولا” التي استثمرت ملايين الدولارات لمحاولة التقدّم على شركة “بل سيستم” الأميركية العملاقة للاتصالات في تصميم أول نظام هاتف محمول.
وبعد ثلاثة أشهر من العمل المتواصل، تمكن فريقه أخيراً من ابتكار الهاتف الجوّال “داينا تاك” (DynaTAC). وكان وزن هذا الهاتف يزيد عن كيلوغرام، كما كانت بطاريته تتيح إجراء محادثة لمدة 25 دقيقة”.وهو الأمر نفسه الذي أبرزه المخترع قائلا “إن الجهاز كان ثقيلاً جداً بحيث لا يمكن حمله 25 دقيقة”.
وتعود المكالمة الأولى التي أجراها مارتن كوبر من الهاتف المحمول كانت مع منافسه في “بل سيستم” الدكتور جويل إنجل؛ حيث يحكي: “قلت له: جويل، أنا مارتن كوبر (…). أتحدث إليك بواسطة هاتف جوّال. لكنه هاتف جوّال حقيقي وشخصي ومحمول ويمكن إمساكه باليد”. مضيفا أن “صمتاً ساد على الطرف الآخر من الخط. أعتقد أن (جويل إنجل) كان يصرّ على أسنانه”.
لم تكن هذه الهواتف المحمولة الأولى زهيدة الثمن، إذ كان سعر الجهاز الواحد يبلغ نحو خمسة آلاف دولار.وكان الوسطاء العقاريون أول من اعتمد هذه الهواتف، بحسب مخترعها. فالهاتف المحمول كان يمكّنهم من الردّ على الزبائن الجدد فيما هم يرافقون زبوناً آخر للاطلاع على منزل. ويلاحظ أن هذه الأجهزة ساهمت في “تعزيز إنتاجيتهم”.
ويلاحظ مارتن كوبر أن “الهاتف المحمول أصبح اليوم امتداداً للشخص، ويمكنه تنفيذ مهام أكثر بكثير”. ويتوقع أن يكون هذا الواقع “مجرد بداية”، إذ أن قدرات الهاتف المحمول بدأت للتو تُعرَف.
توقع المهندس السابق أن الهواتف المحمولة ستغير العالم ذات يوم، مع أنه لم يكن يتخيل كل شيء يمكنها فعله، ويقول “كنا نعلم أن الجميع سيمتلكون يوماً ما هاتفاً محمولاً. ها قد بلغنا هذه الدرجة تقريباً”.
وبالعودة إلى إدمان البعض على استخدام هواتفهم، فيعتقد كوبر بأنه واقع سيتغير، وحسب رأيه يتوقع فإن كل جيل سيكون أكثر ذكاءً من الذي سبقه، وسيتعلم الناس استخدام الهواتف الذكية بكفاءة أكبر.