بالتزامن مع ذكرى الاستقلال، تترقب تونس غدا السبت 20 مارس/آذار الجاري إطلاق “تحدي1” أول قمر صناعي تونسي ويأمل الخبراء أن يمثل هذا الإنجاز بداية حقيقية لقطاع الصناعات الفضائية في تونس.
مع مطلع يوم السبت سيكون القمر التونسي الأول قد طار إلى الفضاء من محطة بايكونور الفضائية في كازاخستان على متن صاروخ سويوز2 حاملا معه آمالا كبيرة في دخول نادي الدول التي تمتلك القدرة على التصنيع الفضائي.
مواصفات ومهام
“يعتبر (تحدي1) قمرا صناعيا صغير الحجم من نوع الأقمار الصناعية المكعبة يوفر خدمات إنترنت الأشياء”، كما تقول عائشة معاوي المهندسة في مجال الفضاء، وقد قام بتصميمه مهندسو شركة “تلنات” المتخصصة في صناعة البرمجيات والأنظمة الإلكترونية.
ولا يخلو اختيار هذا النوع من الأقمار الصناعية من البعد الاقتصادي، وفقا لأحمد الفاضل رئيس الجمعية التونسية للفضاء في تصريح للجزيرة نت، “فإنترنت الأشياء تمثل سوقا واعدة تبلغ قيمتها حاليا 418 مليار دولار، وستصل هذه القيمة إلى 1.5 تريليون دولار في عام 2025”.
وبحسب المهندس أنيس يوسف مدير التجديد في شركة “تلنات” ومدير مشروع القمر “تحدي1” في تصريح خاص للجزيرة نت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن القمر “سيوفر هذه الخدمة خاصة في المناطق التي ليست فيها تغطية من الشبكة الأرضية وبأقل تكلفة وبجودة عالية من خلال استعمال بروتوكول لورا”.
ويمكن الاستفادة من خدمات القمر الصناعي في عدة مجالات مثل الفلاحة والنقل وحماية البيئة، فعلى سبيل المثال يمكن استخدامه في التواصل مع مجسات الحرارة والرطوبة والطقس في أراض فلاحية شاسعة لا تتوفر فيها تغطية شبكة الإنترنت الأرضية مما يحسن من إنتاجية الأراضي الفلاحية ويساعد في ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية.
آفاق يفتحها “تحدي1”
يشير أنيس يوسف إلى أن “شركة تلنات أمضت اتفاقا مع شركات روسية لإطلاق 30 قمرا من النوع نفسه سيتم تصنيعها في تونس خلال السنوات المقبلة لتوفير خدمات إنترنت الأشياء بجودة عالية وبالسرعة المطلوبة”.
يأمل المراقبون أن يكون القمر “تحدي1” الفراشة التي تصنع ربيع الهندسة الفضائية في تونس. فبحسب الصفحة الرسمية للسيد محمد فريخة رئيس مجمع “تلنات”، فقد تعهدت وكالة الفضاء الروسية بتوفير منح دراسية لطلبة تونسيين يتم اختيارهم للدراسة في معاهد روسية مختصة في مجال تكنولوجيات الفضاء.
كما اتفق الطرفان على الانطلاق في العمل من أجل تركيز مدرسة مهندسين في تونس مختصة بالتكوين في مجال هندسة الفضاء بدعم من روسيا. إلى جانب البحث في إمكانية تدريب وإرسال أول رائدة فضاء تونسية إلى المحطة الفضائية الدولية. اعلان
الهدف هو “أن تصبح تونس منصة أفريقية في مجال تصنيع الأقمار الصناعية من خلال دعم برامج البلدان الأفريقية وتكوين كفاءاتها في هذا المجال”، كما يقول أنيس يوسف.
“تحدي1” في عيون الخبراء
وحول أهمية هذا الإنجاز يقول الدكتور سفيان كمون رئيس الجمعية التونسية لعلوم الفلك في تصريح للجزيرة نت، “لقد انتظرنا هذا الإنجاز منذ عقود وسيكون خطوة أولى لنا في الفضاء، وأول الغيث قطرة، نأمل أن يكون القمر محفزا للطلبة وللشباب للقيام بمشاريع في هذا المجال”.
ويوضح الأستاذ الباحث كمال بسباس عضو اللجنة الوطنية للفضاء الخارجي في حديث للجزيرة نت “رغم أن العديد من الدول الأفريقية سبقت تونس في إرسال أقمار صناعية إلى الفضاء، فإن ما يميز هذه التجربة كون القمر صناعة تونسية بحتة”.
ومن جانبها، تؤكد عائشة معاوي أن (تحدي 1)، “سيمثل أول خطوة نحو إنشاء صناعة فضائية، وهو يفتح الباب على هذا المجال”.
ويرى الدكتور كمون أن إرسال كوكبة من الأقمار الصناعية من فئة القمر “تحدي1” نفسها بحلول عام 2030 لا يتجاوز قدرات الكفاءات التونسية المتوفرة حاليا، لكن ذلك يتطلب إستراتيجية وطنية مبنية على شراكة بين القطاعين العام والخاص.
وفي هذا الإطار، يشير الدكتور بسباس إلى أن العديد من المؤسسات ومختبرات البحث في تونس تعمل على مشاريع ذات علاقة بالفضاء، من ذلك إنشاء قاعة بيضاء لإجراء التجارب حول الأقمار الصناعية بالمركز.
كما أن اللجنة الوطنية للفضاء الخارجي تعمل حاليا على تجميع المتدخلين في مجال الفضاء للعمل في إطار مشترك حول 3 محاور رئيسية هي الصناعة والاتصالات، وعلوم الفضاء ومراقبة الأرض، وإدارة الفضاء.