إفريقيا : سياسيات يتعرّضن لحملات تشهير إلكتروني

- Advertisement -

لا غرو أن التّشهير الإلكتروني بات ظاهرةً عالمية مشينة لا تكاد تقتصر على مجتمع معيّن. وبالرغم من أنها من الظواهر الحديثة إلا أنّ أضرارها وانعكاسها على أفراد المجتمع مضر ومدمر لأبعد الحدود.

ويتخذ التشهير عدة وسائل وطُرق أكثرها شيوعا الصّور والتسجيلات الصّوتية ومقاطع الفيديو، والتي قد تكون حقيقية أو مفبركة. وذلك بهدف الانتقام أو الإساءة إلى السّمعة أو السّخرية أو الابتزاز أو إقصاء أحد الخصوم كما يحدث مثلا في السّياسة.

في هذا السياق،  وغير بعيد عن السياسة، انتشرت، مؤخرا، على شبكات التواصل الاجتماعي صورة معدّلة  للسياسية الكينية جودي كينغو، قيل إنها تظهر فيها وهي تقبّل امرأة أخرى، وذلك بعد أسابيع قليلة من تعيينها في مجلس مقاطعة كوالي في جنوب شرق كينيا.

وفي تعليقها على الصورة المفبركة، تؤكد كينغو أن الهدف من الصورة المضلّلة هو إجبارها على ترك منصبها في المقاطعة المُحافظة الواقعة في الساحل الجنوبي لكينيا.

قضية كينغو ليست حالة معزولة:

هذا، ولا تعتبر قضية جودي كينغو  حالة معزولة؛ إذ يؤكّد خبراء ازدياد الدلائل على أنّ النساء في جميع أنحاء أفريقيا يواجهن حملات تضليل عبر الانترنت تهدف إلى تشويه سمعتهنّ والتقليل من شأن طموحاتهنّ وإبعادهنّ عن السياسة.

وتعتبر كينغو أنّ على النساء في المناصب العامة أن يتجاهلن الضغوط الناجمة عن الهجمات الإلكترونية وألّا يتأثّرن بها.

ورفضت كينغو الخضوع، وكلّفت منذ بدء الحملات ضدّها مدوّنين للردّ على حملات التشهير بحقّها على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتقول: “لطالما كان الذكور يهيمنون على مجال السياسة، ولكي تتمكنّي كامرأة من اختراقه عليك أن تكوني عدوانية جدًا”. غير أنّ تحقيق التوازن صعب.

وتوضح: “عندما تكونين عدوانية في الطريقة التي تتناولين بها القضايا، سيقول الناس إنّك تتصرفين بطريقة زائدة عن اللزوم أو إنّك ثرثارة. الأمر ليس كذلك بالنسبة لنظرائنا الذكور”.

الهجمات ذات الطابع الجنسي:

وأفادت كريستينا ويلفور، المؤسسة المشاركة لمنظمة #شي برسيستد العالمية غير الربحية التي تحارب التضليل الجندري والإساءة عبر الانترنت، أن نسبة هذه الهجمات تتزايد خلال موسم الانتخابات، بشكل استراتيجي لإسكات وقمع النساء، وفق

وتضيف كريستينا أن هذه الهجمات ذات الطابع الجنسي مهينة جدًا، وتهدف بالتأكيد إلى تقويض فكرة أنّ النساء لديهنّ مؤهّلات، مشيرة  إلى أنّ دراسة شاركت فيها المنظمة التي ترأسها خلال انتخابات 2022 الوطنية في كينيا خلصت إلى أنّ شبكات التواصل الاجتماعي سمحت “بازدهار الخطاب المعادي للنساء”.

من جهة أخرى، تؤكد النائبة المعارضة ميلي أوديامبو أن الكثير من النساء يخشين الدخول إلى الفضاءات العامة، خصوصًا السياسية منها بسبب المشاكل المحيطة بهذه الفضاءات.

وتشغل النساء في القارة الإفريقية بأكملها 24% فقط من المناصب البرلمانية البالغ عددها 12100 تقريبًا، بحسب دراسة أجرتها في 2021 مجموعة “وومن إن بوليتيكال بارتيسيبيشن” (“النساء في المشاركة السياسية”).

خدش وتحقير صورة المرأة :

خلال الحملة الانتخابية لعام2017 في رواندا، انتشرت على الإنترنت صور لامرأة عارية نُسِبَت لسيدة الأعمال والناشطة ديان رويغارا وذلك بعيد أيام من إعلانها ترشّحها للانتخابات الرئاسية، كونها المرأة المرأة الوحيدة التي ترشّحت للتنافس ضدّ رئيس رواندا بول كاغامي.

وبعد انتشار هذه الصور الخادشة، أكدت ديان رويغارا لوسائل إعلامية مختلفة أن الصور تمّ تعديلها باستخدام برنامج فوتوشوب لتدمير فرصها الانتخابية.

وكانت ديان قد مُنعت في وقت سابق من الترشّح على أساس أنها زوّرت توقيعات مؤيّديها لتقديم طلب ترشّحها. لكن محكمة برّأتها في العام 2018، معتبرة أنّ “لا أساس” للتّهم الموجهة إليها.

وفي أبريل الماضي، تلقّت السناتورة الكينية السابقة ميليسينت أومانغا دعوات للاستقالة من منصبها كوزيرة دولة بعدما انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو جنسية قيل إنّها لها.

وتوصّل تحقيق أجرته وكالة فرانس برس إلى أن مقطعًا واحدًا على الأقلّ من هذه المقاطع كانت بطلته ممثّلة إباحية هاوية.

في هذا الإطار، تعتبر المحلّلة السياسية الكينية نيريما واكو-اوجيوا أن هذه الظاهرة هي واحدة من الظواهر الهادفة إلى “تحقير النساء”، مضيفة أنه بسبب ذلك، تتفادى النساء (القيادة السياسية) تمامًا، أو يتفادين أن تكون لهنّ بصمة رقمية أو التواصل عبر الانترنت”.

وأفادت دراسة أجرتها في العام 2019 شركة “سينسيتي” Sensity الهولندية للذكاء الاصطناعي، أن هناك حوالى 96% من مقاطع الفيديو المزيّفة تزييفًا عميقًا، أي عبر تقنية “ديب فايك”، تتضمّن إباحية غير توافقية، ومعظمها تصوّر نساء.