تشاء الأقدار أن تذهب إلى مكان لم تكن تريد الذهاب إليه أصلا، وتشاء الأقدار أن تلتقي في هذا المكان بشخص هو أيضا جاء ولم يكن يريد أن يأتي. تتقاسم معه أطراف الحديث وتتكلم في كل شيء ولاشيء. تنتقل بعدها لتحكي معه عن أشياء مهمة، وهنا تجد نقطة التلاقي ويبدئ الكلام الدي سيفضي إلى للقاء ثانية، ومن هناك تنشأ صداقة متينة هدفها القيام بعمل إنساني. تلك حكايتي مع المبدع والإنسان الشهم والكريم بوقته ودرايته.
تقابلنا ذات يوم من سنة 2009 في حفل في فندق المأمونية بمراكش. حفل من تلك الحفلات التي يحضرها مدعوون اختيروا بعناية ودقة. كان إيريك تبوش نجم تلك الحفلة وكان يرافقه المغني الأمريكي جرمين جاكسون الأخ الأكبر لميكل جاكسون. مثلي، كانا يشعران بكثير من الملل. تبادلنا أطراف الحديث، أخبرني عن عمله وحبه للإبداع في ميدان الأزياء. كلمته في البداية عن عملي كصحفية وعن حبي ونضالي اللا مشروط للنساء الصانعات التقليديات. شد على يدي بكلتا المعنيين الصحيح والمجازي. مند ذاك الوقت أصبح بشكل تطوعي راعي لشبكة الصانعات التقليديات والمدير الفني لقفطان دار المعلمة.
اشتغل بتفاني مع النساء الصانعات التقليديات وفتح لهن أبواب ورشته بباريس. ساعدهن وأطرهن وأعطاهن الآليات الضرورية والأولية للانتقال بإبداعاتهن إلى الرقي. لم يبخل أبدا لا بوقته ولا بدرايته. تظمنا ثلاث عروض لقفطان دار المعلمة، ورغم ضعف الإمكانيات للازمة لمثل هاته الأنشطة، استطاع إيريك أن يرفع التحدي وأن يسجل نجاحا باهرا للعروض الثلاثة. ورغم مغادرته باريس والانتقال إلى شنكهاي بالصين، واصل العمل معنا.
فمن هو إيريك تيبوش ؟
إيريك تيبوش هو مصمم فرنسي من مواليد 1972، وأصله من بونيفاسيو “جنوب كورسيكا”. قضى طفولته بين منطقة بونيفاسيو وطاهيتي. نشأ وترعرع وهو يرافق والدته الأنيقة إلى دور الأزياء، حيث تعرّف إلى هذا العالم وعشقه، وصمم على ممارسته والنجاح فيه. هكذا بدأت قصّته مع فن الخياطة والتصميم، لا سيّما الخياطة الراقية، لينطلق بعدها نحو مختلف الأقسام المتعلقة بالإناقة.
انتقل إلى باريس في سن الثامنة عشر لتعلم كل ما يخص الموضة والأزياء، فلطالما كان إيريك مولوعا ومنجذبا إلى عالم الموضة.
عمل إيريك تيبوش في بداياته مع المصممة الفرنسية إيزابيل موران. وفي سنة 1998، اقترح عليه المصمم المعروف جان بول غوتييه العمل معه. وفي سنة 2005، تم تعيينه مديراً فنياً لـ « Fashion Program Development France ».
وشغل إيريك مناصب عديدة في دور أزياء مختلفة، مثل “ريك أوونس” و”إندر كوفر”,”ريتشارد ريني”.وفي سنة 2006 قام بإنشاء داره الخاصة وقدم مواهبه كمدير فني إلى”كليو بلو” و “جاكس فتح”. في عام 2014، بدأ مغامرة جديدة مع الصين، حيث تمّ اختياره من قبل مجموعة صينية، ليصبح المدير التنفيذي الإبداعي.
إن رؤيته الحادة للملابس وإحساسه الشديد بالتفاصيل يجعلان من فن الهوت كوتور الخاص به معروفاً. إبداعاته فريدة بقدر ما هي أنيقة للغاية. ينمو عالمه الإبداعي من خلال التعاون مع عوالم فنية مختلفة، ألبسة جاهزة وأسواق جماعيّة، مجوهرات، أزياء مسرحية، سينما، مستحضرات تجميل، موسيقى، فن معاصر، تصميم داخلي، أثاث.
يشارك المصمم الفرنسي إيريك في الأحداث الدولية مثل مهرجاني كان ومراكش، ثم يتعاون بشكل وثيق مع فناني السينما. وقد تلقى جوائز عديدة منها جائزة المصمم الأجنبي في أسبوع الموضة في بكين عن أول مجموعة من “ط ي” علامة تجارية فرنسية – صينية للأزياء الراقية فتحت أول متاجرها في 15 أكتوبر على طريق نانجينغ، وهو مركز تجاري في شنغهاي شبيه بشارع الشانزليزيه.
اطر قفطان دار المعلمة” سنة2011 – 2012- 2019 لصالح الحرفيات عضوات شبكة الصانعات التقليديات في المغرب
وقد ارتدت ملكة جمال فرنسا 2013 مارين لورفيلين، خلال الحفل الختامي لمهرجان كان السينمائي فستانا من تصميم إيريك تيبوش.
غادر المصمم الفرنسي باريس سنة 2014 متجها إلى الصين بعد عرض الصناعي رينجونغ ينغ التحدي المتمثل في إغواء السوق الصينية من خلال علامة تجارية فرنسية – صينية تركز على الإبداعات الأنثوية الراقية.
وتهدف هذه الماركة الفرنسية الصينية والتي استرعت الانتباه خلال أسابيع الأزياء الصينية، إلى فتح 200 متجر خاص بها على مدار 5 سنوات، وستتم إضافة 300 متجر إليها تدريجياً كامتيازات. على المدى الطويل، هناك رغبة في نشر حوالي مئة عنوان أجنبي، بخاصة في عواصم الموضة الأجنبية. الهدف النهائي هو الوصول إلى خطوط الكوتور”ط ي”والتي تهدف إلى إقامة عروض أزياء في باريس.
وقد أمضى إيريك عشرة أشهر من التدريب في الفريق الصيني لكي يفهم كيف يعمل السوق الصيني، ولكن واجه إيريك مشكلا كبيرا في الصين وهو هيكليّة اللباس. فبالكاد يمكنك التحرك في الملابس. لذلك قام بتزويد فرق الخياطة والتصميم بتفاصيل عن صناعة الملابس والمهارات الفنية التي اكتسبها في الخياطة.
وفي نفس الوقت يواصل إيريك تطوير ماركته الخاصة وهو حاليا يستعد لطرح خط مستحضرات التجميل لكل من الأسواق الصينية والعالمية.
المصمم الفرنسي إيريك يقول دائما “أنا إنسان شغوف بالموضة، وهمي الأول هو إلباس المرأة بشكل أنيق ومتجدد ومواكب لعصرها، فعملي هو التركيز على الجسد، وعلى التصميم، وعلى الطلّة، فهناك صوت في داخلي يكلمني دائماً ويقودني الى اختيار الأسلوب الأنسب الذي يليق بكل سيّدة. لقد حالفني الحظ في العمل لدى أهم المبدعين الذين يتمتعون بالموهبة ويقدّمون الجديد في كل موسم وقد عاهدت نفسي أن أسير على خطاهم”.
يتميز إيريك تيبوش بأسلوب يتسم بالأناقة والتجدد فهو مواكب لكل جديد في عالم الموضة، ومتأثر بكل حوض البحر الأبيض المتوسط.
وصل صيت نجاحه الشرق الأوسط. فله زبائن في هذه المنطقة خاصة الرياض وقطر والكويت. فالنساء هناك بالنسبة له يقدرون أهمية كل شيء في بناء الزي المثالي.