حوار مع السيد عبد العزيز المير، رئيس جمعية الأمل للأطفال المهملين، بمدينة فاس
في فاتح يناير من كل سنة، يخلد العالم اليوم العالمي للأسرة الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993. وجاء إحداث هذا اليوم العالمي لتسليط الضوء على الدور الفعال الذي تلعبه الأسرة في بناء مجتمع مستقر، وللتذكير بأهمية كل فرد داخل الأسرة والمجتمع معا.
لكن ينبغي لتخليد هذا اليوم العالمي أن يذكّرنا بأن هناك شريحة واسعة من الأسر لا تدخل ضمن هذا الاحتفاء رغم انتمائها لها.. والحديث هنا عن الأطفال المتخلى عنهم.
ولتسليط الضوء على هذه الفئة من المجتمع، زارت مجلة (فرح) المركز الاجتماعي “الأمل للأطفال المهملين” بمدينة فاس، وتنقل لكم مجموعة من الحقائق والمعطيات في معرض هذا الحوار الذي أجريناه مع رئيس الجمعية، عبد العزيز المير .
– بادئ الأمر سيد المير ما هو المعدل السنوي الذي يستقبله مركزكم؟
بالنسبة للمعدل السنوي، إلى حدود سنة 2013 يعني حسب حركية العشر سنوات الأخيرة، كنا نستقبل في حدود 90 إلى 100 رضيع (مسجلون جدد)، بالإضافة إلى الأعداد المتراكمة من السنوات السابقة، ما يعني أن المركز كان يستقبل ما يناهز 172 مستفيدا في السنة.
لكن في السنوات الأخيرة ولعدة أسباب، اجتماعية، صحية، نفسية، قانونية، لم تعد الأمهات تتخلى عن أبنائها، بالإضافة إلى الدعم التي تحظى به هاته الأمهات قبل أطفالها، حيث أن هناك دعم من عدة جوانب، الشيء الذي شجع الأمهات على الاحتفاظ بأبنائها، ولهذا فقد انخفض في السنوات الأخيرة عدد الحالات التي يستقبلها المركزما بين 20 إلى 40 حالة، يعني معدل الانخفاض وصل حوالي خمسين في المائة.
– هل يبقى هؤلاء الأطفال في المركز أم هناك طلبات للتكفل من بعض الأسر؟
نعم، لقد أصبح لدينا تزايد كبير في طلبات كفالة الأطفال، لدرجة أنه لدينا حاليا لائحتا انتظار للتكفل بطفل أو طفلة، حيث أصبحنا نتوفر على عدد كبير من أذونات الكفالة التي وافق عليها السيد نائب وكيل الملك أو السيد قاضي شؤون القاصرين، لبعض الأسر التي تتوفر فيها شروط الكفالة، واليوم وأنا أتحدث إليكم لدينا سجلين، سجل خاص بالإناث وسجل خاص بالذكور، فالسجل الخاص بالإناث يضم 182 عائلة تنتظر أن تتكفل بطفلة، و40 عائلة تنتظر أن تتكفل بطفل.
وللإشارة فإننا نتلقى طلبات نوعين من الكفالة، حيث أن هناك كفالة تقوم من خلالها الأسرة بمجموعة من الإجراءات الإدارية وتتسلم الطفل للعيش معها داخل أسرتها وفي كنفها، وهناك الكفالة عن بعد من خلال التكفل بمصاريف واحتياجات أحد الأطفال، وغالبا نحن في المركز نقترح على هذه الأسر أطفال من ذوي الإعاقة لأنه يستمر في البقاء بالمركز إلى آخر حياته، نظرا لعدم وجود مركز يهتم بهذه الشريحة من المجتمع، لأن الرخصة المسلمة للمركز بطاقة استيعابية 182 نزيل ونزيلة، والسن منذ الولادة إلى 3 سنوات.
– في المخيال الشعبي فإن المراكز مثل مركزكم تستقبل حصرياً الأطفال الناجمين عن العلاقات غير الشرعية ، هل هذا صحيح أم أن هناك حالات أخرى تجد مكانا لها في مركزكم؟
دعيني أخبرك أن أي طفل يلج المركز يجب أن يكون مصحوبا من طرف ممثلي الأمن وبمحضر موقع من الدائرة الأمنية، وطبعا هناك أطفال يفدون على المركز نتيجة علاقة غير شرعية، أو أطفال مجهولي الهوية يتم العثور عليهم بمناطق معينة، أو أطفال بوضعية صعبة كتواجد مشاكل في الأسرة من قبيل إثبات الأبوة والنسب أو تواجد نزاع قانوني، أيضا وضعية صعبة قد تكون الأم متوفية والأب يقضي عقوبة حبسية، فهاته الحالات أيضا تلج المركز، والحالة الرابعة هي أطفال في وضعية هشاشة وهذا ناذر في أن تجد أسر تتخلى عن طفلها رغم هشاشة وضعها.
– هل الحالات التي يستقبلها المركز من مدينة فاس أم أيضاً من مدن أخرى؟
يتم استقبال الأطفال من مختلف المناطق المغربية، خصوصا في حال صدور أمر قضائي . لدينا حالة وافدة من مدينة الراشيدية وأخرى من مدينة تاونات… هناك مراكز في هذه المدن ولكن أحيانا تكون أسباب معينة تدفع وكيل الملك إلى إصدار أمر قضائي بتغيير تدبير هذا الطفل نظرا لمصلحته، على سبيل المثال الحالة التي وفدتنا من مدينة الراشيدية يعاني من مرض، ويستدعي مرضه العلاج بشكل أسبوعي بمستشفى الحسن الثاني، والتنقل به من الراشيدية لفاس يضر به، ما جعلنا نتكفل بهذه الحالة فضلا، لتسهيل عملية استشفائه.
– وما مصير هؤلاء الأطفال بعد سن الثلاث سنوات؟
مصير الأطفال: الحمد لله كما قلت لك، لدينا لائحتا انتظار، يعني بمجرد دخول الرضيع إلى المركز تكون لديه أسرة حاضنة، يبقى المشكل في الأطفال في وضعية إعاقة، لأن الأسر المغربية عادة ما تتجنب احتضان طفل من هذه الفئة، وحتى في حال تواجد أسرة حاضنة فإن التقدير يبقى لقاضي ووكيل شؤون القاصرين أو وكيل الملك فهو من يقرر إذا كان بالإمكان إعطاء أو تسليم هذا الطفل، وغالبا ما يتم رفض هذا الطلب نظرا لعدة أسباب أهمها مصلحة الطفل التي تكمن في بقائه في المركز من أجل تلقي رعاية خاصة.
-كم عدد الحالات التي استقبلها المركز في سنة 2022؟
سنة 2022 استقبل المركز 33 حالة، وهو رقم منخفض مقارنة بالسنوات الفارطة، من بينها سبع حالات إناث، اثنتان منهن تم استرجاعهن من طرف أمهاتهن، واحدة منهن في وضعية إعاقة.
– وما هي مصادر الدعم والتمويل؟
عند الحديث عن الدعم يجب أن نستحضر صاحب الجلالة نصره الله فهو على رأس الداعمين للمركز، ففي فترة كوفيد توصلنا من جلالته بمبلغ ضخم، إضافة إلى عدة شراكات تبرمها الجمعية بحكم أنها الممثل القانوني للمركز مع جهات معينة على رأسها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومجلس الجهة، ومجلس العمالة، والتعاون الوطني.
ولا ننسى الخواص، وأقصد بذلك المحسنين، لأنه الحمد لله هناك مجموعة من المحسنين يتبرعون بعقارات من أجل وقفها لفائدة هؤلاء الأطفال.
– وماذا بخصوص التسجيل في الحال المدنية؟
بالنسبة للتسجيل في الحالة المدنية: الإشكال يكمن في صعوبة تسجيل بعض الرضع بالحالة المدنية، في المركز أول ما يأتي الرضيع يتم إحالة ملفه على المساعدة الاجتماعية التي تقوم بكتابة توجيه للمحكمة من أجل التسجيل في الحالة المدنية ومن أجل استصدار حكم الإهمال.
ولكن في المحكمة أحيانا تواجهنا صعوبات في ملف الطفل، كتواجد الأم في مناطق نائية ويصعب عليها التنقل، فيقومون ببحث أو محضر استماع، ويبقى الأمر محصور حينها وغالبا عندما تكون الأم قاصر، أما حينما تكون الأم مجهولة الهوية فالأمر يكون سهلا وسريعا حيث يتم تسجيل الرضيع(ة) في غضون شهرين أو ثلاث أشهر.
– بعيدا عن الإجراءات القانونية، ما هي المعايير التي على أساسها تتكفل الأسر المغربية بالطفل؟
بعد الانتهاء من الإجراءات القانونية، والمرور من كل المراحل تأتي الأسرة الكفيلة للقاء الطفل، حسب اختيارها أنثى أو ذكر، ويستحب أن يكون هناك ارتياح وشعور بالإعجاب من طرف الطفل منذ اللقاء الأول.
-كم عدد الحالات التي يستقبلها المركز من الأمهات القاصرات؟
نسبة الأمهات القاصرات التي تتخلى عن أطفالها أربعة في المئة.
-كم عدد المراكز التي تتوفر عليها مدينة فاس التي تستقبل هؤلاء الأطفال بعد ثلاث سنوات؟
في فاس تتواجد ثلاثة مراكز تحتضن هؤلاء الأطفال بعد ثلاث سنوات: مركز متعدد الاختصاصات باب الخوخة، مركز لالةأمينة لرعاية الأطفال، ومركز دار أطفال الوفاء.
-ماهي الإكراهات التي تواجهكم في تنزيل خططكم للرقي بهذه الفئة؟
نطمح إلى أن توفر جهة فاس مكناس مركزا خاصا وعالي الجودة لإيواء الأطفال ذوي الإعاقة، لأن الجهة لا تتوفر على مركز واحد لمثل هاته الحالات، الأكثر من ذلك أنه هناك حالات لأسر تريد المساعدة، ولكن بحكم أن المركز مقنن حسب قانون 14.05 وأن المداخيل والنفقات مقننة فإنه يصعب تقديم المساعدة لهؤلاء الأطفال، كما نتمنى أن تصبح إجراءات الكفالة أقل تعقيدا وأسرع مما هي عليه.