يواصل العربي بنجلون، الكاتب المتخصص في أدب الطفل، سعيه الدؤوب إلى تقريب الناشئة من كنوز تراثنا المحلي والعالمي، وتعريفها بشخصياته وأسسه ومقوماته، بلغة سلسة تتماشى وقدرة الطفل على الفهم والتحصيل، بعدما صدرت له حديثا سلسلة قصصية تهتم برحلة ابن بطوطة.
ويأتي هذا العمل، الصادر في طبعته الخامسة، ناقلا رحلة ابن بطوطة “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”، إلى لغة مبسطة تمكن الطفل من فهمها واستيعابها، وهي سلسلة قصص نالت جائزة نعمان العالمية لقصة الطفل.
وصرح العربي بنجلون لجريدة هسبريس أن هذه الطبعة صدرت بعنوان جديد، فبعدما كانت “ابن بطوطة معنا”، صارت “تحفة النظار لأولادي وأحفادي الصغار”.
وأضاف بنجلون: “رحلة ابن بطوطة في 600 صفحة ولخصتها في ستين، ثم خمسين؛ حتى يقرأها الأطفال بسرعة، ولا تثقل عليهم قراءتها، واخترت فقط القضايا المتعلقة بالأطفال، ولم أتطرق لما لا يهمهم”.
وتدور أطوار القصة حول ثلاثة أطفال قاموا برسم لوحة فنية لابن بطوطة، وحينما انتهوا منها تمنوا لو أن ابن بطوطة ما يزال حيا بينهم، فإذا هم وسط أمنيتهم حتى ابتسم ابن بطوطة وقفز من وسط اللوحة وضمهم وعطف عليهم، ثم بدأ يحكي لهم رحلته ملخصة، قبل أن يخرطه الأطفال بدورهم في عالم الأنترنيت حتى يتسنى له حكاية رحلته لمن يريد.
وحول استثماره لغنى التراث المحلي، المغربي والإسلامي والعالمي، في حكاياته للناشئة، قال العربي بنجلون: “التراث جزء من شخصية الأمة، بل هناك دول لا ينتمي إليها ابن بطوطة ورغم ذلك تهتم به وتدرس تطور الأفكار والحضارات من خلال رحلته”.
وأضاف: “تفتح هذه الرحلة مثلا الخيال عند الأطفال، وتعطيهم قيما اجتماعية واقتصادية، وعلمية وثقافية، يمكن أن يحتاجوها في هذا العصر. وبدل الاقتصار على اللعب، تشجع مثل هذه القراءات على البحث عن التراث في الأنترنيت، ليس في بعده النقلي، بل في بعده العقلي الذي يفتح الذهن؛ أي عدم الاقتصار على التعرف على بناية، بل كيف بنيت”.
وأكد بنجلون أن القصد من قراءة التراث “ليس لنعيش فيه الماضي، بل لنستمد منه أفكارا جديدة نحاول أن نطبقها أو نحسنها في عصرنا الحاضر؛ فكل الاختراعات التي هي حقيقة اليوم كانت خيالا عند الإنسان القديم”.
هذا، وإلى جانب المتعة الكبيرة التي توفرها قراءة القصص للطفل، فإنها تسعى إلى تحفيز خياله وملكته على التأمل والتفكير، و تشكل مصدراً مهماً للمعلومات، ووسيلة لإيصال القيم الإنسانية والأخلاقية، وأداة لبناء قدرات الطفل اللغوية وتقويتها. كما تسهم مثل هذه الحكايات في تعزيز الوعي لدى الناشئة وبناء قدراتهم المعرفية وإثراء ثقافتهم، الأمر الذي يساعدهم في تحقيق التفوق العلمي كما يعزز من فرص نجاحهم حياتياً ومهنياً.
ونشير إلى أن العربي بنجلون، المزداد سنة 1948، أصدر أزيد من 59 كتابا للأطفال، والعديد من المؤلفات النقدية والإبداعية، وسبعة أعمال أدبية في التربية غير النظامية، اعتمدتها بلدان أوروبية ومنظمات عالمية في هذا المجال.
والعربي بنجلون، الذي اشتغل معلما ثم أستاذا للغة العربية وحاضر في كليات الآداب ومعاهد الإعلام بالمغرب وخارجه، عضو اتحاد كتاب المغرب، وعضو اتحاد الكتاب العرب، وعضو اتحاد الصحافيين العرب بهولندا، وعضو مؤسس لاتحاد ممثلي الصحافة الوطني