دائما ما يسعى المعلم والأستاذ إلى البحث عن طرق تحفز التلاميذ والطلاب على القراءة، ويعلم أن مكافآت القراءة قيمة، وبالإضافة إلى تعزيز مهارات الاتصال لديهم، فإنها تساعدهم في التقليل من الضغط والتوتر، ومع ذلك لا يزال العديد من التلاميذ والطلاب يتذمرون من فكرة القراءة، سيما خلال الوقت الراهن مع كثرة استخدام الإنترنت و ووسائل التواصل الاجتماعي و انتشار الهواتف الذكية، فإن مكانة القراءة تراجعت بشكل لا يوصف، الأمر الذي أثر بالسلب على شخصية الأجيال الجديدة، فانحدرت قيمة الابداع الفكري والأدبي ولذلك يجب البحث عن افكار للتشجيع على القراءة.
في هذا السياق، نستحضر سلسلة صدرت مؤخرا للباحث محمد الشبة في ستة أجزاء، تنضوي جميعها تحت شعار “الفلسفة والحياة”، تسعى إلى ربط حياة التلميذ بالفلسفة عن طريق تشجيعه على القراءة الفلسفية، بعناوين تعالج عدة مفاهيم فلسفية من قبيل “الوعي”، “الواجب”، “الغير”، “السعادة”، “الدولة والعنف”.
تعد سلسلة “الفلسفة والحياة”، سلسلة تربوية وديداكتيكية موجهة إلى المتعلمين والمتعلمات من أجل تحفيزهم على المطالعة الفلسفية، وإكسابهم المهارات والقدرات والكفايات اللازمة التي من شأنها أن ترتقي بكتاباتهم الإنشائية الفلسفية إلى ما هو أفضل..
وضمت عناوين سلسلة “الفلسفة والحياة” الصادرة عن دار أفريقيا الشرق بالدار البيضاء، مجموعة من المفاهيم الفلسفية الحاضرة في المقررات الدراسية الفلسفية بالتعليم الثانوي التأهيلي، تطمح إلى تقريب تلامذة التعليم الثانوي من الفلسفة وتشجيعهم على القراءة الفلسفية، وتطوير ملكاتهم التعبيرية والمنهجية، وحثهم على التفكير الذاتي عن طريق التفلسف في الحياة.
وفي تصريح للباحث محمد الشبة، أكد أن هذه السلسلة تتضمن مقالات فلسفية مبسطة موجهة إلى تلاميذ سلك البكالوريا على وجه الخصوص، تسعى إلى تشجيع المتعلمين على القراءة الفلسفية، عن طريق إعطائهم نماذج من مقالات تتضمن بعض المواصفات المنهجية والمعرفية التي يمكنهم أن يتمثلوها ويستبطنوها من خلال قراءتهم لمختلف أجزائها، وبعد ذلك يكون بإمكانهم أن يوظفوها في كتاباتهم الفلسفية”، وتابع: “بينت التجربة أن التلاميذ الذين يواظبون على المطالعة هم الذين يتفوقون في الكتابة الفلسفية.
وأضاف أنه إذا كانت الفلسفة تفكيرا في الحياة فإنه لا يمكن للمتعلم في كتابته الفلسفية ولا يمكن للمعلم في درسه سوى استحضار ما تعج به الحياة الإنسانية من وقائع وتجارب مختلفة، من أجل فهم الأفكار الفلسفية وتحليلها ومناقشتها.
وأفاد الباحث ذاته أن مسألة استحضار الحياة في الدرس الفلسفي وفي الكتابة الإنشائية الفلسفية، هي التي أوحت له بـضرورة كتابة مثل هذه السلسلة الفلسفية، التي حاول من خلالها نقل تلك الأفكار والأمثلة والنقاشات التي كانت تجري بينه وبين تلامذته داخل الفصل الدراسي.
وفي الإطار المنهجي، تصاحب هذه السلسلة صورا للفلاسفة، مع أقوالهم وتاريخ عيشهم؛ من أجل أن يتعرف التلاميذ أولا على وجه الفيلسوف عن طريق الإدراك الحسي البصري، ثم لكي يتعرفوا ثانيا على الفترة الزمنية التي عاش فيها، ويتأملوا ثالثا في مضمون القول الفلسفي المرفق. كما تُضمَّن النصوصُ لوحاتٍ فنية وصورا رمزية ومعبرة لها علاقة بمضمون المقال، في سبيل “ترسيخ تربية جمالية وفنية لدى التلاميذ من جهة، ومن أجل جعل الصورة تساعدهم على مزيد من فهم المحتوى المتضمن في الكتابة، وتشجيعهم على الإقبال على المطالعة الفلسفية والاستمرار في قراءة المقالات براحة نفسية أحسن من جهة أخرى”.
ونشير في الأخير، إلى أن هذه السلسة، تبرز قيمتها في تمكين عامة التلاميذ من الاستفادة، عن طريق تبسيط الأفكار الفلسفية لهم، ومحاولة دمجها في حياتهم اليومية، الأمر الذي يدفعهم للتفكير فيها بشكل شخصي انطلاقا من تجاربهم الحياتية.
عـلاء الـبـكـري