المسيرة الخضراء… تلاحم العرش والشعب

علاء البكري

“شعبي العزيز، غداً إن شاء الله ستخترق الحدود، غداً إن شاء الله ستنطلق المسيرة، غداً إن شاء الله ستطؤون أرضاً من أراضيكم وستلمسون رملاً من رمالكم وستقبلون أرضاً من وطنكم العزيز”.

“من خطاب الملك الراحل الحسن الثاني”

 بهذه الكلمات، وجه المغفور له الملك الحسن الثاني – طيب الله ثراه – خطابه لشعبه الأبي، يوم 5 نونبر 1975، من مدينة أكادير، للالتحاق بركب المسيرة الخضراء قصد تحرير الصحراء المغربية من أيدي الاستعمار الإسباني.

وتنفيذا لأوامر الملك الراحل الحسن الثاني، شارك في هذه المسيرة ما يناهز  350 ألف متطوع من جميع مناطق المملكة، 10 في المئة منهم نساء.

ومن نتائج حدث المسيرة الخضراء الذي أصبح من العلامات الفارقة في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر، قبول إسبانيا  إجراء المفاوضات والوصول إلى اتفاقية مدريد الموقعة يوم 14 نونبر 1975.

وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذه الاتفاقيةالتي بموجبها دخل المغرب إلى أراضيه الجنوبية بشكل سلمي.

نتائج المسيرة الخضراء

‎ أعلن الملك الحسن الثاني في 9 من نونبر 1975 أنّ المسيرة حقّقت أهدافها المرجوّة، وأعطى للمشاركين إشارة انتهاء المسيرة بنجاح.

وفي 14 نونبر من نفس العام، وقّعت كلٌّ من المغرب وموريتانيا وإسبانيا اتفاقيّةً تؤكد استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية.

لقد شكلت المسيرة الخضراء نجاحًا كبيرًا للمملكة المغربية، بإسهامها في استعادة الأمن والسيادة الوطنية على الأراضي المغربية في الجنوب.

وهذا النجاح هو ما يجعل ذاكرة المسيرة الخضراء فرصة للاحتفال بهذا الإنجاز التاريخي والتذكير بأهمية الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

مشاركة نسائية فعالة

لقد ساهمت المرأة المغربية بدورها في هذه الملحمة المجيدة، وكانت في مقدمة المتطوعين لتحرير الصحراء المغربية من الاستعمار،.

فقد لبت المرأة المغربية نداء الوطن وانظمت بحماس إلى جانب الرجل في سلك المسيرة من خلال مشاركة فعالة ومتميزة.

ومنذ الإعلان عن انطلاق المسيرة الخضراء السلمية، أبانت المرأة المغربية حسا وطنيا ووعيا بواجباتها نحو بلادها.

وضمت قائمة المناضلين المشاركين في المسيرة منذ انطلاقها أسماء عدد من النساء وقفن بقوة وإصرار في الصفوف الأولى وتركن بصمتهن في النضال الوطني التطوعي، وأصبحن رمزا من رموز المرأة المغربية في جل المجالات.

ومن بين هؤلاء النساء نذكر ميلودة بيسكوس ومقتاني السعدية، والمناضلة والفاعلة الجمعوية لالة السعدية نعيم العلوي.

وهكذا، رسخت مشاركة المرأة المغربية في المسيرة الخضراء في أذهان المغاربة، ممثلة الحافظ للهوية الثقافية من خلال تربية الناشئة على الالتزام بواجباتهم تجاه المسيرة الخضراء ولقنتهم مبادئ الدفاع عن القضية.

الاحتفاء بذكرى المسيرة الخضراء مناسبة للتذكير بمنجزات المغرب 

ويخلد الشعب المغربي، من طنجة إلى الكويرة، اليوم الأربعاء، الذكرى الـ49 لهذا الحدث التاريخي، الذي يشكل مناسبة للتذكير بالأمجاد واستنهاض الهمم من أجل إعلاء صروح المغرب الحديث، تحت القيادة السديدةلصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وخاض المغرب منذ المسيرة الخضراء غمارا دبلوماسيا حافلا بالإنجازات في ما يخص استكمال وحدته الترابية، مازال مستمرا حتى اليوم بذات النهجالسياسي السلمي.

وفي عهده صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تستمر هذه الملحمة لإحباط مناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة، حيث يقف المغرب، ثابتا في الدفاع عن حقوقه المشروعة، مُعزِزا بفضل إجماع كافة قواه الحية، استماتته في صيانة وحدته الترابية.

وأكد المغرب للعالم إرادته القوية وتجنده الموصول دفاعا عن مغربية صحرائه، وتمسكه بمبادرته الجادة لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل الذي طال أمده جراء تعنت وعناد خصوم الوحدة الترابية.

نتائج الدينامية التنموية بالأقاليم الجنوبية 

ولعل أبرز نتائج الدينامية التنموية المتواصلة بالأقاليم الجنوبية للمملكة، تمثل في الورش المفتوح من المنجزات الكبرى، التي جعلت هذه الربوع من البلاد تسجل أدنى معدلات الفقر ومستويات الفوارق الاجتماعية.

كما تجلت أفضل النتائج في مجال الإنجازات الاجتماعية والخدمات الصحية والسكن، وأعلى نسب نمو الناتج الداخلي الخام، وأفضل أداء لسوق الشغل، مما يعزز بشكل مطرد جاذبيتها الاقتصادية.

وأضحت الأقاليم الجنوبية، بفضل هذه الدينامية، تشتمل على كافة المتطلبات الكفيلة بتنزيل الجهوية الموسعة، التي يريدها جلالة الملك أن تكون نقلة نوعية في مسار الديمقراطية المحلية في أفق جعل هذه الأقاليم نموذجا للجهوية المتقدمة، بما يعزز تدبيرها الديمقراطي لشؤونها المحلية.

Exit mobile version