المغرب يحتضن منتدى يمثل أزيد من مليارين ومئتي مليون نسمة ويجمع دولا يفوق ناتجها الداخلي الخام مجتمعة أزيد من 8200 مليار دولار
أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج السيد ناصر بوريطة ، اليوم الجمعة بالرباط، أن المغرب سينخرط بكل عزم في تحقيق أهداف مبادرة “منتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب” لمجالس الشيوخ والمجالس المماثلة بإفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكاريبي وإعطائها الزخم اللازم.
وقال السيد بوريطة، في كلمة له في افتتاح أشغال “منتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب”، الذي ينظمه مجلس المستشارين تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إن ” المغرب، العضو الفاعل في منظمة الأمم المتحدة، الحريص على التشبث بمبادئ القانون الدولي، لن يذخر جهدا في دعم كل مبادرة تصب في إطار تعزيز هذا البعد المميز من العمل الدبلوماسي البرلماني، وتعبئ خبرتها وإمكاناتها لإرساء شراكة طموحة خدمة لأهداف شعوب هذه الفضاءات.
تحولها بالتالي إلى مسرح للصراع والاصطفاف الإيديولوجي ومحاولة كسب معارك وهمية
وسجل أن العديد من التجارب السابقة لمبادرات التقارب أو الاندماج، على مختلف أشكالها وصيغها، قد أثبتت أن “قدرتها على بلوغ الأهداف المتوخاة منها رهين بحرصها على تجنب محاولات الزج بها في قضايا خلافية تتناقض مع طموحات ومرامي مؤسسيها، وتحولها بالتالي إلى مسرح للصراع والاصطفاف الإيديولوجي ومحاولة كسب معارك وهمية قد فشل أطرافها الحقيقيون في التسويق لها على المستوى الدولي، وبشكل خاص على مستوى الشرعية الدولية، والتي تبقى منظمة الأمم المتحدة أسمى وأنجع فضاء متعدد الأطراف لحلها”.
وأبرز الوزير أن هذا المنتدى يمثل أزيد من مليارين ومائتي مليون نسمة، ويجمع دولا يفوق ناتجها الداخلي الخام مجتمعة أزيد من 8200 مليار دولار؛ وهي دول تزخر بإمكانات هائلة للنماء المشترك وخلق الثروة والاستثمار المربح والتبادل التجاري والتكنولوجي والثقافي، وتوفر فرصا حقيقية لتحسين مستوى عيش شعوبها، لافتا إلى أنه ” في الواقع الدولي والإقليمي الذي نعيشه، أصبحت الاتحادات البرلمانية والبرلمانات الجهوية والإقليمية تكتسي، أكثر من أي وقت مضى، أهمية خاصة لدول الجنوب. حيث تلعب دورا رائدا في التفكير والبحث الجماعي عن إجابات براغماتية وناجعة لمختلف تحديات التي تواجهها بلداننا ومجتمعاتنا اليوم “.
وقال السيد بوريطة إن “قناعة المملكة المغربية، كانت ولاتزال، أن التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه شعوب الجنوب تستدعي تبني مقاربة جماعية، تقوم على مبدأ التنمية المشترك، وتأخذ بعين الاعتبار حاجيات وخصوصيات كل بلد، وتعمل على تثمين مجهوداته الوطنية في إطار مقاربة تشاركية على مستوى المنطقة أو الإقليم”، مذكرا، في هذا السياق، بأن مسلسل الإصلاحات والأوراش التنموية الكبرى التي عرفتها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تشكل رافعة تنموية حقة تضع المغرب في مصاف الدول الرائدة التي راكمت رصيدا مهما من الخبرات والممارسات الفضلى، يؤهلها للإسهام بفاعلية في المسار التنموي الإقليمي وبين الإقليمي.
وأضاف أن التجربة التي راكمها المغرب في عدة قطاعات استراتيجية وحيوية، كالطاقات المتجددة والأمن الغذائي، والاستغلال المستدام للموارد الطبيعية، فضلا عن التكنولوجيات الجديدة والصناعات الدوائية، تبوء المملكة مكانة خاصة على المستوى الإقليمي والقاري وتفتح آفاق حوار وتعاون عمليين مع الدول والمجتمعات الصديقة والشقيقة، خاصة بإفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكاريبي، في إطار تعاون جنوب-جنوب مبني على التضامن الفاعل والاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة والشراكة راب-رابح “.
تحولها بالتالي إلى مسرح للصراع والاصطفاف الإيديولوجي ومحاولة كسب معارك وهمية
وتابع أن المجالس الممثلة المجموعات الجيوسياسية الثلاث، تضم بطبيعتها كفاءات وخبرات متخصصة وتمثيليات مهنية وترابية كفيلة بنقل تطلعات وانشغالات المواطنين والهيئات التي تمثلها، “وهو ما سينعكس إيجابا على جودة المبادرات والاقتراحات التي ستناقشونها داخل هذا المنتدى، ويضفي عليها طابعا عمليا يجعلها أكثر قابلية للتنفيذ والتتبع على أرض الواقع “.
ولفت السيد بوريطة إلى أن الحوار البناء وتبادل وجهات النظر بين هذه المؤسسات من شأنه التقريب بين شعوب ودول مناطق تتشارك قيما إنسانية وثقافية وحضارية عميقة، وكذا تطوير آليات للتكامل والتعاون وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى في مجالات حيوية، كتحفيز النمو الاقتصادي والرفع من التنافسية وتكريس الاندماج الاجتماعي وتقليص الفوارق والدفع بالتنمية الترابية والحكامة وغيرها.
وعبر عن ثقته بكون ” هذا المنتدى سيسهم في تنسيق المواقف السياسية في المحافل الدولية بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك لشعوب مناطقنا، في إطار الاحترام الكامل لمبادئ وأعراف القانون الدولي، بما فيها احترام السيادة والوحدة الترابية للدول “.
واعتبر أن العمل الدبلوماسي البرلماني أصبح بعدا موازيا للعمل الدبلوماسي الحكومي، ولا يقل أهمية عنه، خصوصا في الدول التي جعلت من المسار الديموقراطي خيارا استراتيجيا يثمن الاختصاصات الدستورية الموكلة إلى المؤسسات التشريعية ويعترف بها فاعلا وازنا في تقوية صلات التعاون بين الشعوب والنهوض بالأمن والسلم العالميين، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أكد في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الـ 34 للمسيرة الخضراء، أن “تفعيل التوجهات السياسية والتنموية، لهذه المرحلة الجديدة، لا ينبغي أن ينحصر في الجبهة الداخلية، وإنما يتطلب أيضا تضافر جهود الدبلوماسية الرسمية والموازية”.
وعبر وزير الشؤون الخارجية عن ارتياحه لما حققته ” مختلف تجمعاتكم البرلمانية خلال السنوات الأخيرة، من خلال السعي المشترك إلى الاضطلاع بأدواركم كبرلمانيين ومعالجة القضايا التي تعيشها شعوب إفريقيا والعالم العربي وكذا شعوب أمريكا اللاتينية والكاريبي، في ظل ما تجتازه هذه المناطق من تحولات متسارعة وتحديات متنامية، إن على المستويات السياسية والأمنية أو في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية “.
وخلص إلى القول “إننا، في المملكة المغربية، فخورون بالعمل الدؤوب الذي يقوم به البرلمان المغربي بغرفتيه، من انخراط فاعل داخل العديد من المنتديات البرلمانية الجهوية بإفريقيا والعالم العربي، وبحركيته ونشاطه بأمريكا اللاتينية والكاريبي، عن طريق المشاركة الفعلية في أشغال الجلسات التي يدعى إليها والمساهمة في تبادل الخبرات في المجالات التشريعية. ولعل خير مثال على ذلك، تدشين المكتبة المتعددة الوسائط التي تحمل اسم جلالة الملك محمد السادس نصره الله، مؤخرا بمقر برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب (برلاتينو Parlatino) بالعاصمة البانامية بنما سيتي.