تواجه سائقات التوصيل في المكسيك، سيما النساء الغير مكسيكيات، كل يوم، هجمات عنيفة على يد الزملاء والعملاء وحتى عمال المطاعم، تحت ذريعة أنهن يأخذن طلبيات الطعام منهم.
في هذا السياق، كانت برلين أوغستين، ذات الثالثة والعشرين ربيعا، وهي سائقة توصيل طعام تنحدر من هايتي، تقود دراجتها النارية لأكثر من ساعة، من منزلها في ضواحي العاصمة إلى حي “روما نورتي” الراقي؛ حيث يوجد الكثير من الطعام الذي يمكن توصيله إلى الأثرياء. وبينما كانت تنتظر الحصول على طلبية جديدة، توقف أحد سائقي التوصيل بجانبها، وألقى مادة الكلور عليها.
وبعد حدوث هذا الحادث المأساوي، تقول أوغستين: “شعرت باحتراق هذه المادة على ملابسي حتى كادت أن تصل إلى بشرتي”. مؤكدة أن وقوع هذا الهجوم العنيف؛ كان مثالاً آخر على الهجمات التي تواجهها سائقات التوصيل في المكسيك.
وتعد أوغستين واحدة من مجموعة من السائقات اللواتي، غالباً، ما يتعرضن للمضايقة، بدعوى أنهن يحصلن على عمل أكثر من زملائهن الرجال. إلا أن أوغستين تنفي ذلك بشدة، مشيرة إلى أنها تستيقظ مبكرا، ولهذا السبب تتلقى الكثير من الطلبات.
وتقول السائقة: “أتعرض بانتظام لتعليقات عنصرية من الرجال، بينما يسألني بعضهم عن أشياء غريبة، وأحياناً غير لائقة”، مضيفة أنها نادراً ما تستجيب لاستفزازاتهم، وأنها لم تفكر في الإبلاغ عن المعتدين عليها؛ لأنها تعتقد أنه لن يتم فعل أي شيء. وهي تدرك، أيضاً، وضعها كونها مواطنة أجنبية.
قليل من الدعم
وللحصول على المزيد من سبل الدعم، انضمت أوغستين هذا العام إلى الاتحاد الوطني لعمال الشركات عبر تطبيق الهاتف “أونتا”، الذي يمثل العاملين في أربع شركات كبرى لتوصيل الطعام، وشركات أخرى، في المكسيك. وتقوم النقابة بحملات، لتسوية وضع أعضائها العمال، ما يتيح لهم الحصول على حقوق العمل الأساسية، والدفاع عن العاملات.
ويقول تقرير حديث صادر عن “فير وورك”؛ وهو مشروع أكاديمي يدقق في اقتصاد الوظائف المؤقتة، “إن عاملات عدة يعملن في التوصيل، في المكسيك، يواجهن تحرشاً جنسياً مستمراً من موظفي المؤسسات التابعة، خلال ساعات عملهن، وعلى الطرق العامة، ومن قبل مستخدمي الخدمة”.
وأخبرت النساء الباحثين أنهن واجهن طلبات غريبة عند إجراء عمليات التوصيل إلى المنازل، حيث يقوم بعض الرجال بفتح الباب وهم عراة تماماً، لاستلام الطلبات، وفقاً لشايرا جاردونيو، السكرتيرة الاجتماعية في منظمة “أونتا”، التي تأسست عام 2020.
ترهيب وإهانة
تؤكد جاردونيو، أن شركات التطبيقات لا تفعل الكثير لحماية النساء، حتى عندما يقدمن شكاوى، موضحة أن الإناث يتعرضن للترهيب والإهانة بشكل منتظم في الشارع أثناء عملهن.
ولإيجاد حل لذلك، خطرت لجاردونيو فكرة رائعة، ما أدى إلى افتتاح أول “بونتو نارانجا” من قبل النقابة، في أكتوبر، وهو المكان الذي تستطيع فيه سائقات التوصيل نيل قسط من الراحة، وتجديد طاقتهن أثناء نوبات العمل، وشحن أجهزتهن، ومقابلة زميلاتهن. والأهم من ذلك، أنه أيضاً مكان يمكن للعاملات فيه طلب المساعدة من النقابة في حال حدوث مضايقات، أو ما هو أسوأ من ذلك.
وافتتحت “أونتا” استراحة أخرى، في نونبر الماضي، وتخطط لأربعة أماكن في مدن أخرى قبل نهاية العام، على غرار المساحات الآمنة للنساء المعرضات للخطر في أماكن مختلفة من البلاد.
وتقول جاردونيوك، في هذا الإطار: “الآن أصبح لدى الزميلات مكان يذهبن إليه في حالة التعرض للتحرش، أو ببساطة لاستخدام الحمام”، وتدعو النقابة شركات التوصيل إلى أن تحذو حذوها وتنشئ أماكن مخصصة في جميع أنحاء المدينة؛ حيث يمكن للسائقات انتظار الطلبات من دون التعرض للتحرش.