في إطار سياسة صناعية منفتحة واستباقية، تستمر المهن العالمية للمغرب في النمو بقوة واكتساب القدرة على الصمود في سياق عالمي جديد يتسم بعدم اليقين وتعطيل سلاسل القيمة.
وتظهر هذه المهن، التي تستفيد من الموقع الجيو – استراتيجي المتميز للمملكة والثقة المتزايدة للمستثمرين الأجانب، حاليا كمزود رئيسي لمناصب الشغل مع مؤهلات ضخمة من حيث تعزيز القدرات التصديرية للمملكة.
كما أن تعزيز إرساء وتحسين معدل اندماج القطاعات الممثلة في مختلف المهن العالمية للمغرب من المرجح أن يساهم في تحقيق ورش للسيادة الصناعية التي تشجع بشكل خاص الإنتاج المحلي القوي.
التصدير: أداء مثبت
لم يعد أداء شحنات المهن العالمية للمغرب بحاجة إلى إثبات، إذ تُظهر المذكرة الأخيرة الصادرة عن مكتب الصرف قفزات مهمة في المهن الست خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2022، هذا على الرغم من السياق الدولي المتسم باللا يقين، والذي يتميز بارتفاع تصاعدي في أسعار السلع الأساسية وبعض الاضطرابات في سلاسل التوريد في أعقاب الصراع في أوكرانيا.
وقد بلغت بذلك صادرات النسيج والجلود، أعلى مستوياتها في السنوات الخمس الماضية.
وموازاة مع ذلك، بلغت صادرات قطاع الفلاحة والصناعة الغذائية أكثر من 32,83 مليار درهم عند متم أبريل 2022، مقابل 28,44 مليار درهم برسم نفس الفترة من العام السابق، بزيادة قدرها 15.4 في المائة.
ويعزى هذا التطور إلى الزيادة المتتالية في مبيعات الصناعات الغذائية (+ 26,5 في المائة) والفلاحة والغابات والصيد (+ 7 في المائة).
وسجلت المبيعات في قطاع السيارات من جانبها نموا بنسبة 12,9 في المائة لتصل إلى 31,99 مليار درهم عند متم أبريل 2022، مقابل 28,34 مليار درهم قبل عام.
ويتجاوز هذا المستوى ما تم تسجيله خلال نفس الفترة ما بين 2018 و2021. ومع ذلك، انخفضت حصة هذه المبيعات من إجمالي الصادرات بمقدار 4,3 نقاط (23 في المائة في متم أبريل 2022، مقابل 27,3 في المائة نهاية أبريل 2021).
أما بالنسبة لصادرات قطاع الطيران، فقد سجلت قفزة نوعية؛ حيث ارتفعت من 4,49 مليار درهم في متم أبريل 2021 إلى 7,37 مليار درهم سنة قبل ذلك، أي بنسبة زائد 64,1 في المائة، ويعزى ذلك أساسا إلى الزيادة التي تجاوزت 80 بالمائة في الصادرات المتعلقة بالتجميع.
كما انتعشت الصادرات في قطاعي الإلكترونيات والكهرباء بنسبة 19,1 في المائة، حيث سجلت المكونات الإلكترونية لوحدها ارتفاعا بنسبة 32,4 في المائة.
المهن العالمية للمغرب: رهانات جديدة
تفرض نماذج جديدة نفسها على النطاق العالمي، وتولد في أعقابها سلاسل قيمة جديدة يمكن للمغرب من خلالها الاندماج وترك بصماته.
ومع ذلك، لا يمكن القيام بذلك دون مراعاة بعض القيود المرتبطة بشكل خاص بالأنظمة البيئية المفروضة على الصادرات، وإزالة الكربون من العمليات وكذا الاستثمار في التدريب والبحث والتطوير والابتكار.
ففي دراسة حديثة حول مستقبل المهن العالمية للمغرب، قام المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية بتشخيص مستقبلي لهذه المهن الست، لا سيما في ضل سياق جديد يتسم بالتطورات والاضطرابات التكنولوجية الكبرى في المهن الرئيسية المعنية.
لكن التحدي الرئيسي لهذه الدراسة هو التساؤل عن المكانة التي اختارها المغرب، وما إذا كانت المملكة محصنة من منافسة فاعلين جدد على الساحة الدولية.
وهكذا، وضعت الدراسة مقترحات ذات طابع استراتيجي قادرة على ضمان التنمية المستقبلية المتناغمة لهذه المهن العالمية.
وبين تنويع أسواق التوريد والتصدير وتعزيز السوق المحلية، هناك مصادر جديدة للفرص متاحة أمام المهن العالمية للمغرب، ولكن هناك أيضا تحديات يجب على المغرب أن يأخذها في الاعتبار من أجل الارتقاء وينَصب نفسه كفاعل عالمي رئيسي.