تظهر الحلوى الخاصة بالكريسماس في جميع أنحاء العالم مع اقتراب موعد الاحتفالات، وتقدم كل دولة أشهى وألذ ما لديها من أنواع تشتهر بها، إذ لكل بلد تقاليده الخاصة في إعداد الحلويات والأطعمة الخاصة بالعطلات والأعياد. وفي البرتغال لا يمكن تخيل عيد الميلاد من دون الكعك الملكي أو ما يعرف ب “بولو راي” أو حلوى الملك، تلك الفطيرة الفرنسية المستديرة المزينة بالفاكهة التي انتشرت في البرتغال منذ أواخر القرن التاسع عشر بفضل حلواني فرنسي .
لا تختلف احتفالات أعياد الميلاد في البرتغال عن الاحتفالات في أوروبا الوسطى، بحيث يجتمع أفراد الأسرة معاً، وتزدان البيوت بشجرة عيد الميلاد. ويقدم بابا نويل المعروف هناك باسم “باي ناتال” الهدايا لأفراد العائلة. وتستمر طقوس الاحتفال حتى السادس من شهر يناير. وخلال هذه الفترة تفوح رائحة الحلوى في كل زاوية من مدن البرتغال، لا سيما في قلب العاصمة لشبونة حيثيوجد مصنع الحلويات “كونفتاريا ناسيونال” والذي يحظى بشهرة كبيرة من خلال إعداده قالب حلوى الملك. وهو أفضل متاجر الحلويات على مستوى البرتغال. وقد تخصص في تحضير قالب “بولو راي” اللذيذ والذي يشبه تاج الملك.
في العام 1875، قام صاحب محل “كونفتاريا ناسيونال” الواقع في قلب العاصمة لشبونة قرب ساحة روسيو بتوظيف حلواني فرنسي يدعى غريغوار، وهذا الأخير كان له كل الفضل في جلب الكعك الملكي من فرنسا إلى البرتغال، إلا أنه عمل على تغيير الوصفة قليلا حتى باتت الحلوى على الشكل التي هي عليه اليوم.
وتعد “حلوى الملك” عبارة عن فطيرة بريوش مستديرة مصنوعة من فواكه مجففة ومحلاة، هذه الفواكه تعطي الكعكة مذاقها المميز، كعك طري مليئ بالمكسرات والفواكه المجففة والزبيب، يتخذ شكل تاج، ومن هنا أخذت اسم بولو راي؛ أي الكعك الملكي.
يستخدم الطحين والسكر والزبدة والخميرة والبيضلإعداد العجين، وبعد خلط العجين وتركه لعدة ساعات، يضاف إليه الصنوبر والجوز والفاكهة المجففة كالتين والقرع الأبيض والإجاص والبرتقال، ثم يصنع العجين المنتهي بشكل كعك دائري، يدهن في النهاية بصفار البيض ثم يزين بالجوز والفواكه المجففة والسكر، يوضع بعدها في فرن حرارته 180 درجة مئوية لمدة 30 دقيقةحتى يخرج في شكله النهائي.
في هذا السياق، أشارت ناقدة الطعام فاطمة مورا أثناء حديثها لوكالة الأنباء الفرنسية إلى أنّ حلوى الملك كانت منتشرة أصلاً في مختلف أنحاء أوروبا خلال العصور الوسطى ثم اختفت تقريباً قبل انتشارها مجدداً في فرنسا خلال عهد لويس الرابع عشر.
وتابعت انّ “الـ+بولو ري+ تحمل ألوان عيد الميلاد من خلال الفاكهة المُضافة إليها، فيبرز الأحمر والأخضر والبرتقالي التي تشكّل ألواناً جميلة جداً تجعل الفطيرة طبقاً مثالياً على المائدة” خلال أعياد نهاية العام.
ومع أنّ الفطيرة تحمل تسمية حلوى الملك، إلا أنّها تؤكل في عيد الميلاد تحديداً لا في عيد الغطاس الذي لا تحتفل البرتغال به.
لقد أضحت هذه الحلوى أحد الأطباق الخاصة بموسم الأعياد في البرتغال، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل أمست الجمعية الوطنية لمنتجي المخبوزات والحلويات بالبرتغال تمنح جائزة سنوية لأفضل “بولو ري” في البلاد.
فخلال العام الجاري، فاز بالجائزة مخبز صغير في حي دامايا الواقع في منطقة أمادورا في الضواحي الشمالية الغربية للعاصمة البرتغالية. وعن التتويج قال رئيس طهاة الحلويات في متجر “باداريا دا ني” الشعبي هيليو استيفيس، لوكالة الأنباء الفرنسية إنّ “هذه الجائزة بعيدة المنال نوعاً ما، لكنّ المتاجر الراقية لا تحضّر دائماً الفطيرة الأفضل”.
وتابع وهو يضيف فاكهة مجففة على إحدى الفطائر “لا يذهب الجميع إلى روسيو لشراء حلوى الـ+بولو ري+، لذلك يمكن أن نجدها في كل زاوية من الشوارع”، لأنّها “الحلوى الأكثر مبيعاً خلال فترة عيد الميلاد”.
وأضاف الطاهي البالغ 28 عاماً “نحاول أن نحضّر الحلوى بالطريقة التقليدية قدر الإمكان، لإبراز النكهات التي تعود إلى العصور القديمة”.