تحفة ابن بطوطة تعد وثيقة ذات قيمة أنثروبولوجية، وإثنولوجية، واجتماعية عظيمة
خلال جلسة نظمت ضمن المعرض الدولي للكتاب المقام حاليا بمدينة الشارقة، تحت عنوان “على خطى ابن بطوطة” ، أكد المشاركون أن كتاب “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”، الذي خلَّفه الرحالة المغربي اين بطوطة يعد وثيقة ذات قيمة أنثروبولوجية، وإثنولوجية، واجتماعية عظيمة.
وأشار المشاركون إلى أن تحفة ابن بطوطة قدمت ولازالت تقدم كنزا ثمينا من المعلومات التي تمثل الآن جزءا من التراث غير المادي العربي والعالمي، سيما وأنه تُرجم إلى أكثر من 50 لغة حتى الآن، وأكدوا على أن الباحثين لازالوا يستحضرون نصه ليتعرفوا أكثر على تاريخ الإسلام والعالم في القرون الوسطى من المغرب وشرق أوروبا حتى الصين والهند، معتبرين أن التفاصيل الدقيقة التي اعتنى بها في كتابته، والتي تطرقت لعامة الناس حتى النساء والأطفال الذين تجاهلهم المؤرخون بوصفهم من عامة الناس، كانت أول سجل مكتوب عن الكثير من المناطق في العالم.
بدورها، أكدت التونسية ليلى العبيدي، أستاذة الأدب في جامعة الشارقة، على أن قيمة هذه الوثيقة تتجلى في كونها عرفتنا على ثقافات الشعوب التي زارها ابن بطوطة، وخصائصهم، مع كم هائل يلخص كل جوانب حياتهم، مضيفة أن ابن بطوطة وإن كان قد خرج في رحلته من طنجة بغرض الحج، إلا أنه كثيرا ما سعد بخروج القوافل التي رافقها في مساره الأصلي طوال العقود الثلاثة التي استمرت فيها رحلته.
وتابعت ليلى حديثها مبرزة أن الرحالة عندما يتعرف على الشعوب الأخرى فإنه لا ينظر إليهم من منظورهم، بل من منظوره هو، لأن هنالك جانب من الذاتية في تلك الموضوعية التي يزعم الرحالة أنه يتحلى بها، “ولا نستطيع مهما قلنا أننا نجانب الموضوعية أن نتحلى بها مائة في المائة في أدب الرحلات، لأن الجانب الذاتي يطغى عليها”.
وفي نفس السياق، أثنت كلوديا ماريا تريسو، المستشرقة الإيطالية والباحثة في جامعة تورينو، على أهمية رحلة ابن بطوطة معتبرة كتاب هذا الرحالة المغربي “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” نصا أساسيا لمعرفة جانب مهم من تاريخ القرون الوسطى في معظم أنحاء العالم المعروف آنذاك، على الرغم من كونها سرد لتجربة شخصية وليس كتابا علميا في التاريخ.
وأوضحت كلوديا ماريا تريسو الفارق الجوهري بين أدب الرحلات، الذي يوثق ككتاب ابن بطوطة، لمشاهدات الحياة اليومية للناس العاديين، على عكس كتابات المؤرخين التي تركز فقط على الشؤون الرسمية، وأصحاب السلطة.
ويذكر أن الندوة استضافت كلا من الدكتورة كلوديا ماريا تريسيو، المستشرقة الإيطالية التي كانت أول من نقل هذا الكتاب إلى اللغة الإيطالية في العام 2006، والدكتورة التونسية ليلى العبيدي، الحائزة على جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها السادسة 2012-2011، في جلسة أدارها الكاتب والصحفي الأردني محمد أبو عرب، بحضور نيكولا لينير، سفيرة الجمهورية الإيطالية لدى الإمارات.
علاء البكري