قد لا يعلم البعض أنها قبل أن تكون وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فإن السيدة فاطمة الزهراء عمور أخصائية تسويق بارزة، تجلب خبرات رفيعة المستوى من القطاع الخاص إلى هذا المنصب، شرطَ أن تكون هذه الخبرة أحد الأصول الرئيسة لتحسين هذا القطاع. ونحن مقتنعون بأننا سنجد فيها حليفًا قريبا من اهتمامات النساء الحرفيات، فكان لنا مع معالي الوزيرة الحوار التالي:
فرح: في نظركم السيدة الوزيرة، كيف ولماذا انقطعت سلسلة انتقال كنوز المعرفة الثقافية والحرف اليدوية؟
فاطمة الزهراء عمور: الحرف اليدوية قطاع ذو أهمية مضاعفة، أولا بسبب تأثيره المباشر على خلق فرص العمل، وأيضا للحفاظ على التراث الثقافي لبلدنا. وبالتالي، فإن نقل المعرفة الحرفية له أهمية كبيرة بالنسبة للمغرب.
فسلسلة النقل والانتقال بعيدة عن أن تنكسر. بل على العكس من ذلك، يتم تعزيزها بشكل متزايد، وخاصة من خلال نظام التدريب الحالي. ولنا أن نذكر في هذا السياق مؤسسات التدريب المهني، بما في ذلك 22 معهدًا متخصصًا للفنون التقليدية، وسبعة مراكز حرفية بمدن المهن والمهارات في تافيلالت، والدار البيضاء وسطات، وفاس ومكناس، وبني ملال وخنيفرة. كما أن هناك عرضاً للتعليم العالي (باك+5) في المهن الحرفية التي تقدمها أكاديمية الفنون التقليدية بالدار البيضاء، فضلا عن أكثر من 60 دورة تدريبية، تغطي مجموعة واسعة من الحرف مثل صناعة الفخار والسيراميك، والنجارة، والمجوهرات، والنسيج، والمصنوعات الجلدية،وحرف البناء التقليدية، وغيرها الكثير.
وتجدر الإشارة هنا أيضاً إلى أن هناك عدة مستويات من التدريب المهني تتراوح من شهادة التدريب المهني إلى مستوى الفني المتخصص، مما يسمح للمتدربين تطوير المهارات المناسبة لاختيارهم المهني.
وبالتوازي مع التدريب الأولي، يقدم النظام أيضًا تدريبًا مستمرًا للحرفيين في الممارسة العملية أو أثناء التوظيف. وتنخرط الحرفيات بشكل مهم في هذا النظام، إذ يستفدن من جميع إجراءات التدريب والتطور وتعزيز المهارات. كما تبلغ نسبة الفتيات الصغيرات في التدريب الأولي 61 في المئة.
أما فيما يتعلق بحماية ونقل المعرفة والخبرة الحرفية، لدينا برنامج مستمر مع اليونسكو، تم توقيع اتفاقيته في نونبر 2022. وهو برنامج طموح يهدف بشكل أساسي إلى حماية ونقل المعرفة المرتبطة بالحرف اليدوية، ويقدم التقدير لأصحاب هذه المعرفة من خلال تأهيلهم للقب “كنوز الفنون التقليدية المغربية””.
ولنقل هذه الخبرة، يوفر هذا البرنامج دورة تكوينية في 32 حرفة ذات مكون ثقافي قوي، منها 6 حرف كانت موضوع نسخة 2023، وهي زليج تطوان، والسروج المطرزة، و“بلوزة وجدية”، ونسج الخيام وصناعة الآلات الموسيقية والتطريز. وقد تم اختيار الحرفيين المتميزين خصيصًا لمشاركة معارفهم وخبراتهم ونقلها إلى 57 متدربًا شابًا (من بينهم 47 فتاة)، والذين بدورهم سيلعبون دورًا حيويًا في الحفاظ على هذه الحرف الرمزية واستمراريتها..
فرح: كيف يمكننا تطوير سلسلة القيمة لهذه المعرفة والاستفادة منها لتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للحرفيات لدينا؟
فاطمة الزهراء عمور: نحن مقتنعون بأن المرأة المستقلة والبارعة هي الضمانة لأسرة سعيدة، ومجتمع متكامل، وفي نهاية المطاف، مجتمع متطور. ولذلك، فإن اندماجها الاقتصادي يجب أن يرقى إلى مستوى إمكاناتها الحقيقية. كما نؤمن بأن ريادة الأعمال الاجتماعية توفر حلاً ملموسًا لتمكين المرأة ونعقد آمالًا كبيرة على التعاونيات الحرفية النسائية.
ولهذا السبب نستثمر فيها بكثافة مع شركائنا الإقليميين والوطنيين والدوليين. ويتمثل هدفنا في تعزيز قدرات الحرفيات من خلال برامج التدريب والدعم للابتكار والتسويق والرقمنة. ولذلك، فإن التدريب هو الخطوة الأولى نحو توظيف الحرفيات وإدماجهن في سوق العمل
ومن جهة أخرى، نعلق أهمية خاصة على التثقيف المالي، مع التركيز على تعزيز الممارسات الجيدة في هذا المجال. ومن هذا المنطلق، قمنا بتأسيس العديد من الشراكات مع المؤسسات المصرفية. وتهدف هذه التعاونيات إلى دمج الحرفيين والحرفيات في النظام المالي من خلال تقديم دعم شخصي وعروض مناسبة لهم، بما في ذلك، على وجه الخصوص، إدارة AMO لعمليات محددة وسحب وسداد التكاليف.
فرح: ما هي التدابير التي ينبغي تنفيذها لتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للحرفيات بمجرد تحسن هذه السلسلة؟
فاطمة الزهراء عمور: وزارتنا ملتزمة تمامًا بتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للحرفيات. ومن هذا المنطلق، ساهمت الوزارة في إنشاء 98 دار صناعة تقليدية في المناطق القروية، وهي بنى تحتية مصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات الإنتاجية والتسويقية للحرفيين. وحاليا، تستفيد حوالي 3685 امرأة تعمل في مجالات الزربية والتطريز والخياطة من هذه المنشآت.
علاوة على ذلك، فإننا نمضي قدما في تنفيذ مشروع كبير للبنية التحتية الحرفية لإنتاج خيوط صوفية عالية الجودة، يستفيد منها حوالي 20 ألف حرفي متخصص في الزربية بتازناخت.
كما تستفيد الحرفيات من مختلف برامج الاقتصاد الاجتماعي والتضامني التي نطلقها. وتستهدف العديد من الشراكات الدولية تمكين المرأة من خلال ريادة الأعمال الاجتماعية. وعلى سبيل المثال، يمتد تعاوننا مع الوكالة الإسبانية لتمكين النساء والشباب من خلال ريادة الأعمال إلى أربع جهات: الجهة الشرقية، وجهة سوس ماسة، وجهة الدار البيضاء سطات، وجهة طنجة تطوان الحسيمة.