نشكو نحن الكبار ليل نهار على منصات التواصل الاجتماعي من افتقادنا لكوب قهوة مع الأصدقاء، أو لضم الأقارب، والأحلام المفزعة، والمزاج المتقلب، وكيف نقوم بـ3 أدوار في وقت واحد الأم، والمعلمة، والموظفة، والكثير من التوتر يلاحق كل خطواتنا، مع مستوى لم نختبره من قبل في التفاعل مع أطفالنا بهذا القرب والكثافة.
ولكن لا يملك الأطفال أداة للتعبير عن أزماتهم الحالية مثلنا، حتى إذا أشفقنا عليهم من العزلة، فالعلم لم يصل بعد لنتائج أزمة فيروس كورونا.
لماذا يحتاج طفلك للآخرين؟
يبدأ نمو دماغ الطفل بعد فترة وجيزة من الحمل، ويستمر على الأقل خلال مرحلة البلوغ، ويتشكل من خلال تفاعل معقد بين الجينات والبيئة، فيبدأ التطور المعرفي الاجتماعي في السنة الأولى، ليفهم ما يفكر فيه الآخرون، وتستمر تلك المرحلة حتى سن الخامسة.
يعد اللعب جزءا مهما من تلك العملية، حيث يتضمن الكثير من الاتصال الجسدي وتنمية الصداقات؛ مما يساعد الأطفال على التعامل مع المشاعر والبقاء أقوياء عقليا، ونحن نعلم أن إدراكه للعالم بهذا الشكل ينمي مهارات مثل الانتباه، والتخطيط، وحل المشكلات، والتعاطف، وإدارة العواطف، وتطوير اللغة والتواصل الاجتماعي.
الحقيقة أن الأطفال كائنات فعالة اجتماعيا مثلنا، تذكري فترة الطفولة، وكم كنت حريصة على تطوير مهارات مثل المشاركة وحل الخلافات في الروضة والتعاطف أسرع مما أنت عليه الآن؛ لذلك حتى لو لم يكن لديهم أشقاء، فإن إدراكهم العاطفي والاجتماعي قد بدأ بالفعل في التطور؛ لكن خلال العطلة الطويلة التي فرضها فيروس كورونا، ضاعت عليهم العديد من فرص النمو العاطفي والاجتماعي.
هل تأثرت صحة طفلك العقلية؟
ناقشت إيلينا هونتوريا تورك، الأخصائية النفسية الإكلينيكية في جامعة فرجينيا أكبر التهديدات للصحة النفسية للأطفال الصغار أثناء الوباء، والطرق التي يمكن أن يؤثر بها قلق الوالدين على الأطفال.
هناك عدد من التغيرات في سلوكيات الطفل قد تشير لتضرره، وحاجته لتدخلك، كأن يتحول لطفل خجول يرفض لقاء زملائه على برنامج “زوم” (Zoom)، أو يلتحق بدروسه على البرنامج؛ لكنه لم يعد يشارك بالحديث، أو يصبح أكثر انسحابية في الجلسات الأسرية.
حذرت إيلينا من ملاحظات؛ مثل حدة وسرعة انفعال الطفل، أو مواجهة صعوبة في النوم، أو التبول اللاإرادي، أو شكواه المتكررة من أعراض جسدية كآلام البطن والصداع وارتفاع درجة الحرارة.
تشمل العلامات أيضا البكاء بشكل غير معتاد، والاعتمادية، والرعب من مقابلة الغرباء أو الخروج من المنزل، وعدم الرغبة في فعل أي شيء كان يحبه من قبل، والفزع مع خروج أحد الوالدين من المنزل، أو ظهور عادة قهرية جديدة كقضم الأظافر. اعلان
كيف تساعدينه على تخطي الأزمة؟
حتى يتمكن طفلك من التفرقة بين المنزل والمجتمع الخارجي، إليك بعض الحلول لمساعدته في التكيف والنمو.
روتين يومي
حددي روتينا يوميا للتعلم من خلال اللعب، وكوني مبدعة؛ كأن تجعلي طي الغسيل لعبة، وتسألينه عن رأيه في تغيير ديكورات غرفته، فمن خلال تأدية دور بالمنزل سيتعلم طفلك إدارة عواطفه معك، وسيحسن مفرداته، ويطور مهارات الاتصال.
يمكن أن يضم الروتين غسيل الأيدي على أنغام أغنيته المفضلة، ووضع أقنعة الوجه على اللعبة المحببة له، وتحديد وقت يومي لقراءة القصص، ووقت لتناول الوجبات الخفيفة.
اجعلي “زوم” مسليا
يجب أن يكون هناك توازن في استخدام الشاشات، كأن تتناول الأسرة وجبات الطعام معا، مع تواصل بالعينين، وإبعاد الشاشات عن غرف النوم. أما إذا كنت تواجهين صعوبة في إقناع طفلك بالانخراط في محادثة على “زوم” مع الجدة والجد، فيجب أن تكون المحادثة مسلية، واسألي الأجداد أن يطلبوا منه العثور على أشياء أو لعبة معينة، أو يحكوا له القصص العاطفية والمثيرة.
دعيه يشاركك
كون العالم محدودا للغاية، هو أمر صعب على الأطفال، ويمثل تحديا طالما لا يدركون السبب، لكن حقيقة أن هذا شيء نمر به جميعا يمكن أن يساعدهم على المرونة، ولتفسير الوضع للطفل مزايا حقيقية، فهذا النوع من الصعاب العالمية يمكن أن يفيد شخصية طفلك، ويجعله جزءا من حياة ومجتمع أكبر، خاصة إذا أدرك أن باتباعه الإجراءات الاحترازية سيكون مفيدا لمجتمعه.
حفزي انفعالاته
يحتاج الطفل قبل عودته للروضة أو المدرسة أن يتعلم المزيد عن لغة الجسد، والمزيد من الأصوات التعبيرية لنقل المعلومات، التي قد يتم إغفالها بسبب عدم القدرة على رؤية فم أو عين شخص ما جيدا. المنزل أفضل الأماكن لممارسة تلك التمارين البسيطة، من خلال تمثيل القصص القصيرة والاعتماد على تغيير نبرة الصوت، ليشعر طفلك بقدرته على التعبير عن نفسه جيدا من خلف الكمامة.
ساعديه على التكيف
لا تجبري طفلك على الانخراط وسط مجموعة جديدة إذا رفض ذلك؛ يعاني الأطفال من قلق الانفصال، وقد ينزعجون إذا تركوا مع أشخاص غير مألوفين، وهذا طبيعي تماما ولا علاقة له بعزلة كورونا، وبمجرد أن يصبح أكثر فضولا وثقة، سيرغب في اللعب مع أطفال آخرين، فالدراسات التي أجريت على الأطفال الموجودين في المستشفى على المدى الطويل وجدت أنهم تكيفوا وابتكروا طرقا أخرى للعب.
عالجي قلقك
من الطبيعي أن تشعري بضغط إضافي تلك الفترة؛ لكن هناك احتمالات عالية بأنك ما زلت أما جيدة، ولكي تستمري في دورك، يجب عليك مراقبة صحتك العقلية. في استطلاع حديث لمقدمي خدمات الحوامل والأطفال الصغار، أكد 98% تقريبا أن قلق الوالدين أو اكتئابهما قد أثر على الأطفال؛ لأن مشاكل الصحة العقلية للوالدين والأطفال تسير جنبا إلى جنب.
المصدر : مواقع إلكترونية