لك سيدتي خناثة بنونة
فوزية طالوت المكناسي
مديرة النشر
تعرفت على الأستاذة خناثة بنونة وأنا في سن السابعة عشر من عمري. أُعجبتُ بشخصيتها وبأسلوبها في التعامل مع تلميذات ثانوية وْلاَّدَة التي كانت مديرتها آنذاك.
كان أبي مواظبا على قراءة جريدتي العلم ولوبنيون وكلتاهما لسان حزب الاستقلال. فكنت أتصفح كلتا الجريدتين وكنت في كثير من الأحيان أجد مقالات لها أو عليها.
في هاته الحقبة من حياتي لم أكن التقيت بها كثيرا لكنّها كانت وباستمرار حاضرة في ذهني وفي حياتي من خلال كتاباتها. شاءت الأقدار أن أصبحت بدوري صحفية، وما إن قرَّرت إصدار مجلة نسائية حتى علمت أنّ الأستاذة خناثة أصدرت مجلة الشروق كأول مجلة أطلقتها امرأة مغربية عام 1957، وثاني مجلة في الوطن العربي بعد مجلة روز اليوسف في مصر. بحثت عن الأستاذة فتسنى لي شرف لقائها، تحدثنا كثيرا حول تجربتها و كيف كان عليها أن تتحدى سلطة الأب والأسرة والتقاليد المغربية المتوارثة.
لقد كانت هذه المرأة القوية ولا زالت وستبقى المثال الحي للشجاعة والجَسَارة والإقدام. للاَّ خناثة كانت لديها القدرة والجرأة على قول ما تفكر به بصوت عالٍ وواضح، في وقت كانت فيه النساء، وحتى الفتيات بلا صوت…إنَّ السيدة جد عظيمة، وزدت إدراكا لعظمتها أكثر في اليوم الذي أعربت لي فيه الراحلة فاطمة المرنيسي خلال نقاش فكري دار بيننا، عن مدى الاحترام والتقدير الذي كانت تكنه تجاه الأستاذة خناثة، “بالتأكيد فريدة من نوعها في المجتمع المغربي”. كانت تقول لي.
“.”تذكرني بالشباب الأمريكي المتمرد”. كانت تقول لي دائما، هذه المرأة الاستثنائية هي أكثر من متمردة، إنها قاطرة تجر خلفها العديد من العربات: الشجاعة، العظمة، العزم، الالتزام، الثبات، الثقافة، الشعر، التعليم، الصحافة…
من المُسَلَّم به أن الكاتبات المغربيات لسن بعدد كبير كما هو الحال في إنجلترا، كما أنهن غير رائدات ومرئيات كما هن في فرنسا، لكن خناثة بنونة تبقى امرأة أديبة حقيقية. إنَّها نَصبٌ تذكاري وطني، وثروة أدبية وفكرية وكرم إنساني.
إذا كان الغرب يفتخر بوجود كتاب عظماء في القرن العشرين مثل: فيرجينيا وولف ، دوريس ليسينج (إنجلترا) ، فرانسواز ساجان ، سيمون دي بوفوار وفرانسواز جيرو (فرنسا)، فالمغاربة فخورون ويفخرون بامتلاكهم لشخص من مكانة الأديبة والشاعرة والصحفية خناثة بنونة.
فلك سيدتي
اخترنا في هذا العدد كملف الشهر أن نقدم مسيرة هاته السيدة العظيمة سواء كأديبة وصحفية أغنت الساحة الفكرية والأدبية المغربية، أو كإنسانة وطنية وقومية. كما أعددنا ورقة خاصة حول حفل الإعلان عن تأسيس “مؤسسة خناثة بنونة للبحث العلمي للشباب” كأول مشروع من نوعه في المغرب، والتي أسستها الأستاذة خناثة بنونة من مالها الخاص.
وفي هذا العدد كذلك نتعرف على نساء ميكانيكيات سعوديات يزاحمن الرجال في ورشة لإصلاح السيارات، وسنتحدث عن المساواة بين الجنسين كقضية مجتمعية، وعن جوائز الأوسكار الهندية التي سطعت مجدداً في أبوظبي، وعن المصممين العرب الذين تألقوا فوق السجاد الأحمر لمهرجان كان الدولي للسينما.
قراءة ممتعة سيدتي
لك سيدتي خناثة بنونة