مجلة فرح
تثير كلمة زربية في الآن نفسه إحساساً سحرياً، وانتشاء صوفياً، وشعوراً عجيباً، وانفعالا بالحلم، بقدر ما تستدعي فضاء مفعماً بالدفء والطمأنينة. فالزربية تراث وطني غني يشكل القطاع المفتاح للصناعة التقليدية التي هي على الخصوص من صنيع النساء المغربيات.
فالزربية تتقلد وظيفة ثلاثية من اتقاء البرد، وتعتبر علامة مفارقة للغنى و الرفاهية، كما أنها مصدر رزق لا يمكن تجاهله بالنسبة للعديد من الأسر. إنها صنعة متوارثة منذ قرون خلفا عن سلف، وكثير من الأسر في وقتنا الراهن تتعاطى حرفة النساجة.
أفقيا، تنتصب أداة النساجة مهيبة في ركن الصالة الأساسية بالبيت والزرابي هي في أصلها على الخصوص من المناطق القروية والأمازيغية ومن الصعوبة بمكان الإقرار بدقة الحقبة التي بدأت فيها النساء في صنعها، غير أنه بحسب عبد الكبير الخطيبي فإنّ الزرابي الحضرية قد ظهرت في زمن متأخر نسبيا، ولا يتجاوز تاريخ نشأتها القرن الثامن عشر.
وتختلف الزرابي بحسب أصلها ومكان صنعها، من حيث زخارفها والتقنيات المعتمدة في نسجها. فلدينا زربية الجنوب بتوشياتها البسيطة، وزربية “تازناخت” التي تتألف من الخزف والنسيج، وزربية الأطلس بتلاوينها على النموذج الأمازيغي مثل زربية خنيفرة وزمور وكلميم، ثم هناك زربية الرباط وسلا وفاس ومراكش.
لكل زربية زينتها وزخارفها الخاصة التي ليست في واقع الأمر سوى تعابير مخطوطة، منقولة من أصابع المرأة الجالسة خلف منسجها. إنه تدوين لمشاعرها في تلك اللحظة، لآمالها في المستقبل لمسراتها وأحزانها في الماضي، لمخاوفها لانتظاراتها وتوجهاتها في حياتها اليومية.
تتيح الزربية صيانة طقوس وهوية الجماعة، كل زربية تحمل في حد ذاتها سيرتها الخاصة. فمقتني الزربية، وهو يحملها فإنما يحمل معه قصة امرأة منسوجة بخيوط من صوف. هكذا تنسج بينه و بين صانعتها آصرة مستدامة, فكلما وقع بصره على هذه الزربية الوافدة من بعيد هز أعماقه دفء بمسحة الحنين.
إن الزربية التي تصنعها نساء المغرب زربية تتسم عموما بأصباغ دافئة حية، ناصعة زاهية وهي أصباغ تستخلص من مواد طبيعية مثل الحناء والزعفران والنيلة وأعشاب أخرى يتم العثور عليها في الحقول. وهناك ثلاثة عناصر تحدد قيمة الزربية: قوة الشد التي تقاس بعدد العقد، ونعومة الصوف، وأصالة الزخارف. والعقد تستعمل في غالبية الزرابي المغربية، وصنعها بنهج خاص يتطلب براعة عالية.