في سعيها لاستقطاب الفئة الشابة، تتبنى متاحف باريس تقنيات جديدة تتماشى مع لغة الأجيال الجديدة، حيث لجأت إلى التجارب الغامرة والذكاء الاصطناعي كالواقع الافتراضي والمعزز، وتوظيفها في تقديم محتوى تعليمي وثقافي بأسلوب مبتكر يتناسب مع النهج الحديث في استهلاك المعلومات، دون أن تتخلى عن التجربة التقليدية للزوّار في الاطلاع على الأعمال الفنية.
وتعتبر التجارب الغامرة والذكاء الاصطناعيأدواتا جديدة تُضاف إلى الأساليب التقليدية في العرض، في محاولة لجعل الفن أكثر جاذبية للشباب الذين نشأوا في عصر التكنولوجيا الرقمية. وتجمع هذه الاستراتيجية بين الحفاظ على القيمة الثقافية للمتاحف وتحديث طرق العرض لتلبية توقعات الزوار في العصر الرقمي.
وفي هذا السياق،، تقول كلويه سيغانو، رئيسة قسم العروض الحيّة في مركز بومبيدو الذي يشكل متحفاً كبيراً للفن الحديث وجهة ثقافية رائدة في استخدام التقنيات الجديدة، إنها “لغة الأجيال الجديدة، مَن ولدوا في ظل العصر الرقمي ويعتبرون أنّ ثمة نقصاً ما في أي صالة لا تضمّ تكنولوجيا حديثة”.
وبينما تخصص عدد من المراكز الثقافية الخاصة على غرار “لاتولييه دي لوميير” بالتكنولوجيات الحديثة، وتنكب على تطوير معارضها الرقمية العملاقة في مختلف أنحاء العالم، لا تُستخدم التقنيات الحديثة بشكل متواصل في المراكز الرسمية.
وفي العام 2019، بدأ متحف اللوفر بتقديم تجارب الواقع الافتراضي التي تمكن الزوار من الاستماع إلى ليوناردو دافينشي وهو يتحدث عن موناليزا. وتوسع اللوفر في استخدام هذه التكنولوجيا لعرض الأعمال المصرية القديمة بتقنية الواقع المعزز.
ومنذ أكتوبر، بات بإمكان زوار أكبر متحف في العالم اكتشاف بعض الأعمال المصرية القديمة باستخدام هواتفهم الذكية واستناداً إلى تقنية الواقع المعزز، ما أتاح إضافة معلومات بشكل مباشر إلى العمل الأصلي.
ويشرح أوغودانتيز من شركة “هولوفورج إنترأكتيف” كيف أتاحت شركته بفضل تقنية الواقع المعزز، “إعادة اكتشاف كازينو فيلا ماسينا في نيس، أو دار بوانكاريه للرياضيات في باريس أو موقع لاليبيلا المسيحي الإثيوبي المدرج على قائمة اليونسكو” للتراث.
ولا يفصل دانتيز هذه التقنية “بصورة تامة عن الواقع”، مبدياً أمله في استخدامها يوماً ما في قصر فرساي. وتقول ماريون كاريه، رئيسة ومؤسسة مشاركة في شركة “أسك مونا” الناشئة والرائدة في الذكاء الاصطناعي الخاص بالثقافة، عبر وكالة فرانس برس، إن العالم شهد محطة مفصلية يمكن تلخيصها بـ”ما قبل تشات جي بي تي وما بعده”.
وفي متحف أورسيه الذي ركّب عدداً كبيراً من الأجهزة خلال معرض مخصص لأيام فان غوخ الأخيرة، يتم التركيز على هدف واحد هو “أن يكون تم التحقق علمياً من كل تجربة غامرة” وأن “يُحترم التوازن المالي للمتحف”.
وسيجدّد المتحف التجربة في مارس من خلال تجربة انغماس مدّتها 45 دقيقة خلال افتتاح المعرض الانطباعي الأول، عبر استخدام خوذات الواقع الافتراضي.
وفي هولندا، يحذو متحف هيلفرسوم حذو المتاحف الأخرى لكن عن طريق تقنية التعرف على الوجه، مقدّماً لزواره تجربة مخصصة لكل واحد منهم، حيث سيتم التقاط صورة للزائر مع توفيره عنوان بريده الإلكتروني وتاريخ ميلاده واهتماماته الخاصة، من أجل إتاحة زيارة مخصصة بالكامل له عبر هاتفه الذكي.