تتميز جميع مدن المملكة المغربية بجمال طبيعتها وسحر معالمها، لكن لمدينة مراكش نكهة مختلفة تميزها، تلك المدينة التي تفرد ذراعيها ترحيباً بالزوار وتغمرهم بوابل من المفاجآت التي تنقلهم إلى عالم ساحر يعبق بالقصص التاريخية، وبحكايات لا تنضب عن شعب يعرف كيف يحتفي بزواره من كل الجنسيات والأديان. سوف نحلق على بساط الأحلام نحو مراكش، لنغوص في تفاصيل أزقتها ومعالمها، رغماً عن قيود السفر المفروضة بسبب جائحة كورونا.
كلمة مراكش باللغة الأمازيغية تعني (أرض الله)، لكن هذه المدينة تحمل أسماء أخرى أيضاً، فهي تعرف بـ(المدينة الحمراء) تيمناً بلون السور الكبير المحيط بالمدينة القديمة فيها والممتد لمسافة تسعة كيلومترات. كذلك تعرف مراكش باسم (مدينة البهجة) لما يتمتع به سكانها من حس الفكاهة. أما اسم (مدينة السبعة رجال) الذي أطلق عليها، فجاء تكريماً لسبعة من كبار العلماء والقضاة والمتصوفين عاشوا في مراكش بين القرنين الثاني عشر والسادس عشر ودفنوا فيها.
وأياً تكن تسميتها، فإن ما يجعل من مدينة مراكش المغربية مقصداً ضرورياً، هو حفاظها على طابعها الأصيل وسحر طقسها وأسواقها وحدائقها، التي تحمل في تفاصيلها غنى تاريخياً يمنح الزائر متعة استثنائية وفريدة في اختبار تجربة عيش جديدة رائعة.
متاهة ممتعة
من يزور مراكش يعي تماماً أن السير في أسواقها يضاهي استكشاف متاهة ضخمة من الألوان، والروائح التي تعبق في الزوايا وتتسرب من خلف الأبواب، حاملة معها الكثير من الأسرار التي تثير الدهشة والإعجاب. هي مدينة لا تعرف الملل، ففي أسواقها يمكن المقايضة على جميع أنواع الحرف اليدوية، والتعرف عن كثب ألى أهل المدينة وتعلم فن التفاوض معهم، واستكشاف تفاصيل كثيرة عن حياتهم وتقاليدهم من خلال المشغولات التي يعرضونها، بدءاً من نعال بابوش التقليدية والقفاطين والمجوهرات المصنوعة يدوياً والسلع الجلدية إلى العلاجات العشبية البربرية القديمة والتوابل والسجاد.
تحف معمارية
بعد النجاح في الخروج من متاهة الأسواق المذهلة، يمكن الانتقال لاستكشاف القصور القديمة، مثل قصر الباهية، الذي يعد أكبر وأفخم القصور التاريخية في المغرب، ويعتبر تحفة فنية معمارية مغلفة بالزخارف والفسيفساء التي تدعو الزوار إلى الانغماس في عوالم التاريخ العريق. ومن تأمل زخرفات القصر، يمكن الاستمتاع بفنون الشارع التي تضج في الساحات والزوايا الخارجية، من البهلوانيين ورواة القصص والموسيقيين والراقصين والرسامين وغيرهم الكثيرين، ومن ثم الاستمتاع بتناول وجبات شهية من الطواجن وأطباق الكسكس والمأكولات الشعبية المغربية التي تباع في الأكشاك المتناثرة على طول الطرقات، كحبات من الخرز تفصل بينها مسافات من الكنوز والجواهر الساحرة.
- اكتشاف كل أسرار مراكش يحتاج إلى سنوات.
وعندما يحل التعب، تصبح رياض المدينة الملاذ المثالي للاسترخاء وشحذ الجسم بطاقة إيجابية، فرياض المدينة تتميز بفضاءاتها التقليدية وزخرفاتها من الفسيفساء والنوافير الأنيقة، التي تشتهر بها المغرب أو يمكن التوجه إلى حدائق مراكش الساحرة، مثل حدائق ماجوريل التي أعاد المصمم الفرنسي «إيف سان لوران» تأهيلها في بداية الثمانينات من القرن الماضي، لتصبح اليوم واحدة من أهم الحدائق في العالم لتنوع نباتاتها التي جلبت من القارات الخمس، ولاحتضانها أشجار نخيل يفوق عمرها المائة سنة، فضلاً عن وجود متحف إسلامي يضم قطعاً تاريخية وقديمة.
سحر مراكش
يمكن وصف مراكش بأنها مدينة العجائب، فاكتشاف كل أسرارها قد يستغرق سنوات، ولكن ما العمل إذا لم يكن لديك سوى بضعة أيام فقط؟. يكفي أن تزور أيضاً عدداً من المعالم لتخزن في ذاكرتك جزءاً من سحر هذه المدينة العامرة بالأسواق والحدائق والجوامع والرياض.
ساحة الفنا
تشكل ساحة (جامع الفنا) الواقعة عند مدخل مدينة مراكش قلبها النابض بالحياة. في هذه المساحة الخارجية الممتدة كبساط سحري، يجتمع سحرة الثعابين والتجار الذين يبيعون كل شيء، بدءاً من الملابس وصولاً إلى التوابل، مستعينين بموهبة التحدث بلغات عدة لجذب الزبائن من كل الجنسيات. في هذه الساحة تشعر بأنك دخلت كتاباً تاريخياً مليئاً بصور ورسومات مستوحاة من عالم ساحر كل شيء فيه يدعوك إلى الاندهاش.
- أزرقة الأسواق التقليدية القديمة تحمل أسراراً تثير الدهشة والإعجاب.
ضريح السعديين
عند زيارة مراكش لا بد من التوجه إلى ضريح السعديين، الذي يعتبر واحداً من أهم المعالم التاريخية والثقافية، وقبلة لعشاق التاريخ والفنون المعمارية الاستثنائية. فهذا الضريح الذي يضم مجموعة من القبور التي شيدت لتحتضن جثامين السعديين الذين حكموا في العصر الذهبي لمدينة مراكش ما بين عامي 1524 و1659، يشكل المكان تحفة معمارية بحد ذاته، ويتكون الضريح الموجود بالقرب من جامع القصبة من مجموعتين، تضم الأولى ثلاث قاعات تتميز بأعمدتها الرخامية وأقواسها الخشبية المزخرفة، في حين تضم المجموعة الثانية قاعة كبيرة بسقف مزخرف مع شرفتين.
متحف سعيد
كثيرة هي المتاحف في مراكش، لكن متحف (دار السي سعيد) هو عبارة عن قصر رائع من القرن التاسع عشر، كان في فترة من الفترات المتحف الوحيد في مراكش، وبعد أن كان يضم قطعاً تاريخية وأثرية، تحول اليوم إلى متحف خاص بالسجاد يضم مجموعة من السجاد القديم ومعروضات حول كيفية تصنيع المنسوجات وعرض للأزياء عبر العصور. القصر بذاته يستحق التأمل بتفاصيل ديكوراته الداخلية والخارجية والتي تدل على ترف ذلك الزمان.
بيوت الشاي
يعتبر تقديم شاي النعناع المغربي بعد تناول الطعام دليل حسن ضيافة، وهذا المشروب الشهير لا يقدم في المنازل فحسب، وإنما في عدد من بيوت الشاي المنتشرة في مراكش، والتي تستحق الزيارة للاستمتاع بارتشاف ما تقدمه من نكهات.
– تشابا تي هاوس Tchaba Tea House في منطقة مشوار قصبة.
– تي رووم رياض ييما Tea Room Riad Yima في المدينة القديمة.
– شرفة البهارات Terrasse des Epices في وسط المدينة القديمة.
المصدر زهرة الخليج