عبر أنغامه التى أرفقها بأنشودة مهابة إيزيس ومختارات من نصوص الأهرام الخالدة، نقل هشام نزيه خلال 47 دقيقة، هى مدة العرض الموسيقى المصاحب لموكب المومياوات، ملايين المصريين إلى أجواء مصر الفرعونية، وكأنما أعاد قرع طبول التاريخ ليعيدنا جميعًا إلى مهابة أجدادنا؛ إذ كانت موسيقاه خير مصاحب لحدث ملحمى خطف أنظار العالم ليُسمعهم: «ها قوموا، انتبهوا؛ فالموكب مهيب وملوكه فراعنة».
برع هشام نزيه، مؤلف موسيقى موكب المومياوات الملكية، فى دقائق معدودة فى وصف مصر عبر موسيقاه، مستعينًا بعنفوان التيمبانى تارة وزهو الهارب تارة أخرى. ألقى نزيه بحروف موسيقية تليق بنقل 22 ملكًا وملكة اعتلوا عرش واحدة من أعرق حضارات التاريخ البشرى؛ فكانت موسيقاه جزءًا من هيبة الحدث وأكملت معادلة تاريخية خطفت المسامع وأرجفت القلوب، وذكرت الملايين أثناء مرور هؤلاء الملوك بشوارع بلادهم أن مهابة وجلالة مصر لم ولن تتوارى.
موسيقار مشبع بالإرث المصرى
بمساعدة جيش من العازفين وقائد أوركسترا ملحمى، نقلنا هشام نزيه إلى هيبة الحدث، وفى حواره مع أيقونة » تحدث عن كواليس تأليفه لهذه المقطوعات الخالدة، وكيف تلقى خبر التعاون مع القائد المُبدع نادر عباسى بحماس وثقة فى نتاج تعاونهما معًا.
يؤكد نزيه أنه محظوظ، أولًا لكونه مُشبعا بالإرث المصرى، كفنان وُلد فى بلد يمتلك هذا الإرث المهيب، وهؤلاء الملوك الأجلاء، وثانيًا لإتاحة الفرصة له لنيل شرف القيام بدور فى حدث كهذا بالتعاون مع كوكبة من المبدعين، مؤكدًا أن رصيد مصر من الإبداع، رغم أنه يتوارى يومًا ويزهو يومًا آخر، لم ولن ينفد.
استهدف إشعار المصريين بهيبتهم
وعن مسيرة هذا المشهد الملحمى وفكرة انطلاق الموكب بهذا الشكل، قال إنها رحلة طويلة تشكلت تدريجيًا؛ إذ بدأت بتأليفه الموسيقى ثم مشاركته الفريق فى اختيار الأغنيات، وانتهت بوضع تصور كامل للمشهد الذى خرج عليه الموكب، بعد التزام حرفى من الجميع، مؤكدًا أن تفاعل المصريين وإشعارهم بهيبتهم كان نصب أعين فريق العمل منذ اللحظة الأولى لانطلاق البروفات، قائلًا: «كنا قاصدين تحطيم نمط تكسير المقاديف اللى شغال من عقود».
أما الوقت الذى استغرقه لتأليف الموسيقى وتلحين الأغانى، فقال إنه لا يستطيع احتسابه على وجه التحديد؛ نظرًا لأن العمل كان على فترات متقطعة بسبب جائحة كورونا، إلا أنه يُرجح أنها استغرقت حوالى ثلاثة أشهر.
وصف مصر بالموسيقى
لفت نزيه إلى أن هدفه منذ اللحظة الأولى منذ توليه مهمة تأليف موسيقى موكب المومياوات هو وصف مصر بالموسيقى بشكل مكثف، وهو ما دفعه للبدء باللغة الهيروغليفية، لافتًا إلى نيته تضمين المزيد من الغناء النوبى والأمازيغى وغيرهما من ألوان الهوية المصرية المتنوعة، إلا أن الحدث لم يحتمل ذلك.
وأكد نزيه أن تفاعل المصريين مع موسيقى الموكب لم يكن مصادفة؛ إنما نتاج تضافر جهود صادقة لفريق كامل، وعازفين دفعوا ثمن الدقة من أعصابهم بالسهر والمراجعة لأدق التفاصيل يومًا وراء الآخر.
عازفون بميزان من ذهب
وعن دقة اختيار الفريق الأوبرالى الذى برع فى تجسيد المراحل التاريخية لهوية مصر، أكد هشام نزيه أن الفضل فى ذلك يعود لقائد الأوركسترا نادر عباسى، الذى اختار العازفين والمطربين بميزان من ذهب، مدققًا فى تفاصيلهم، وكيف سينصب كل منهم قامته وماذا سيرتدون، وكيف ستكون تفاصيل نظرة كل منهم على المسرح، لافتًا إلى أن كل فرد من الأوركسترا كان يستمد طاقته من هذا القائد البارع، الذى اتجهت إليه وجوه العازفين والمشاهدين على حد سواء بحب وشغف حتى أنهى الجميع مهمته بنجاح مُبهر.
ولفت نزيه إلى أن موكب المومياوات يعد ثالث تعاون بينه وبين نادر عباسى، إلا أنه يتمنى تكرار هذا الحدث الموسيقى ليعاودا التعاون معًا.
موسيقى تسرد «حكاية شعب وأرض وناس»
أكد نزيه أن تضافر الجهود وقيام كل فرد من الأوركسترا بدوره على أكمل وجه أدى إلى ظهور الموسيقى المصاحبة للموكب كرحلة منسجمة لوصف مصر، سردت حكاياتها على مستوى الأرض والشعب والناس، بدءًا من الأنشودة الهيروغليفية، التى تغنت بها السوبرانو أميرة سليم وأعادتنا خلالها لمهابة إيزيس، وصولًا للرسالة التى اختتمت بها ريهام عبدالحكيم بأن «مصر لم تنم»، تأكيدًا على أن هيبة مصر لم ولن تتوارى.
مسيرة طويلة ونجاح بمذاق مختلف
وعن ردة فعل ملايين المصريين، وارتجاف قلوبهم ومسامعهم تأثرًا بالموسيقى التى أشعرتهم بهيبة الحدث، قال نزيه إنه لم يتوقع دخول المجتمع المصرى فى حالة جماعية من الاحتفاء، مؤكدًا أن المجتمع المصرى متنوع ومحب للفنون على اختلافها، ولم يخذل من يقدم له عملا صادقا.
المصدر المصري اليوم