جواد كربي – (ومع)
نماذج كثيرة لكفاءات مغربية نسائية تقلدن مسؤوليات في منظمات تابعة للأمم المتحدة. وتعتبر هند المسناوي واحدة من هذه الكفاءات التي تعمل من أجل محاربة التطرف العنيف عبر بوابة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالأردن.
طموح وأمل يحدوان ابنة مدينة الرباط منذ طفولتها، لولوج السلك الدبلوماسي، واقتفاء أثر شخصيات أممية بارزة ولما لا تولي منصب كبير داخل الأمم المتحدة. هذه الشابة البالغة من العمر 28 سنة، انضمت إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالأردن في سنة 2019 كمتدربة؛ حيث أبانت عن كفاءة عالية في مجال محاربة التطرف العنيف.
قدراتها المعرفية والعلمية وإلمامها الواسع بالميدان، مكنت هند المسناوي من كسب ثقة المسؤولين عن البرنامج الأممي ليتم توظيفها بداية كمستشارة في مجال منع التطرف العنيف داخل البرنامج قبل أن يتم ترقيتها إلى ضابطة منع التطرف العنيف ودعم الأمن الإنساني.
وما كان لهذه الشابة المغربية أن تصل إلى هذا المستوى، لولا مسارها الدراسي الذي عنوانه التميز بدء من حصولها سنة 2012 على شهادة الباكالوريا من ثانوية ديكارت (تخصص علوم اقتصادية واجتماعية)، وصولا إلى نيلها شهادة إجازة مزدوجة بتولوز الفرنسية جمعت بين القانون والعلوم السياسية ، والقانون الأوروبي ، والنزاعات والأديان، وكذا شهادة الماستر في العلاقات الدولية وسياسة الأمن مع تخصص في الإرهاب والتطرف؛ لتكون الأولى والعربية والمغربية الوحيدة على رأس دفعتها، فضلا عن استفادتها من تدريب في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالرباط في قسم الأمم المتحدة شعبة الجمعية العامة.
وتسعى المسناوي في إطار عملها داخل برنامج الأمم المتحدة الانمائي بالأردن، إلى محاربة آفة انضمام الشباب للمنظمات المتطرفة
وبحكم طبيعة عملها التي تقتضي التواجد أكثر في الميدان، شكل عامل اللغة حاجزا كبيرا لهند المسناوي في تواصلها مع الساكنة المحلية لتوعيتهم بخطورة آفة التطرف وانعكاساتها السلبية على المجتمع والأفراد، غير أنها سرعان ما تمكنت من التأقلم والاندماج في المجتمع الأردني مما سهل عليها عملية التواصل مع مختلف مكونات شعب هذا البلد العربي.
وتقوم مهمتها على التكوين والتحسيس لوقاية الفئات الهشة وخاصة الشباب من الانجرار وراء الأفكار الهدامة التي تقود إلى التطرف والعنف ومصادرة حق الآخرين في الحياة، وذلك من خلال وضع العديد من البرامج القائمة على الوقاية عبر الحوار والرياضة والأمن الإنساني. وهو المفهوم الذي طوره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ سنوات 2000 من خلال التركيز على الانسان.
وتسعى المسناوي في إطار عملها داخل برنامج الأمم المتحدة الانمائي بالأردن، إلى محاربة آفة انضمام الشباب للمنظمات المتطرفة وعبر اعتماد المقاربة الوقائية، فاشتغلت في هذا المجال لمدة سنة ونصف تقريبا، حيث شرعت في تعزيز قدراتها ومعارفها لتنتقل بذلك إلى الاشتغال على مجال آخر يتعلق بالتمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة وكذا قضايا منع الفساد، فضلا عن عملها على تحقيق التماسك بين اللاجئين والسكان في المجتمع المضيف.
وبداخل البرنامج الأممي، تقوم أيضا بالسهر على برامج تمكين المرأة الاقتصادي والسياسي، لتوعية النساء والفئات الهشة بكيفية الولوج للتمويل وتفادي الوقوع في كل ما قد يعرضهن لعقوبة السجن، إلى جانب تكوين مؤطرين شباب في مناطق بالأردن على كيفية التعامل مع هذه الفئات.
لا تتوانى المسناوي، انطلاقا من إحساسها بالانتماء الوطني، في اغتنام فرصة اشتغالها داخل هذه المنظمة الأممية، للتعريف بالمكانة الرائدة للمغرب في محاربة الإرهاب
عمل هذه الشابة المغربية لا يقف عند هذا الحد، بل تقوم أيضا بالتواصل مع الشباب المحلي وتشجيعهم على المشاركة في الحياة السياسية وفي الانتخابات وتخطي مفهوم العشائرية.
فقد سبق لها، قبل الالتحاق ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الاشتغال كرئيسة تحرير في موقع “ديسكوفري ماروكو” الإلكتروني الإخباري، الذي يضم 500 ألف متتبع؛ حيث قامت بنشر مقالات في 2018 حول مدونة الأسرة ووضعية اليهود المغاربة فيها، ومحاولة انضمام المغرب للمجموعة الاقتصادية الأوربية في سنوات الثمانينات ، وكذا هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل.
ولا تتوانى المسناوي، انطلاقا من إحساسها بالانتماء الوطني، في اغتنام فرصة اشتغالها داخل هذه المنظمة الأممية، للتعريف بالمكانة الرائدة للمغرب في محاربة الإرهاب والتطرف العنيف بفضل الجهود الكبيرة التي يبذلها في هذا المجال حيث أضحى نموذجا على المستوى العالمي والإقليمي.
وارتباطا بمكانة المرأة المغربية بشأن تقلد مناصب المسؤولية أو في سوق الشغل، ترى هند المسناوي أن المغرب الذي يزخر بكفاءات نسائية متميزة في كافة المجالات، قام بمجهودات كبيرة للارتقاء بوضعية المرأة، غير أنه لا زالت هناك جهود يتعين بذلها حتى تتمكن النساء من الولوج أكثر للتعليم وسوق الشغل.
ويبقى الطموح الكبير الذي يحدو الشابة هند المسناوي، أن تشرف بلدها، وتتولى منصبا بارزا داخل المنظمة الأممية، وتكون نموذجا للشباب ليقتفوا أثر شخصيات مغربية تركت بصمات واضحة في مجالات عملها داخل المغرب وخارجه.