ذة. فاطنة سرحان
يندرج هذا اللقاء، الذي نظتمه شبكة النساء الصانعات التقليديات بالمغرب “دار المعلمة” و مجلة فرح تحث شعار “نساء بيضاويات ” في إطار المجهودات التي ما فتئت مكونات المجتمع المغربي تبدلها من أجل توفير الامن والرفاه للنساء في المجال العمومي حتى يتمكن من التمتع بكافة حقوقهن في إطار منظومة قانونية جاءت بعد نضالات مستميته خاضتها مكونات المجتمع المدني من جمعيات نسائية وحقوقية وفي إطار التوجه الرسمي للرفع من وضعية النساء في المغرب من خلال الخطابات الملكية الموجهة في هذا المجال.
وقد عرفت الترسانة القانونية عدة مستجدات جعلت من تحسين وضعية النساء ضمن أولوياتها منها :تعديلات مست القانون الجنائي و قانون الشغل و قانون الأسرة وقانون الجنسية ومحاربت العنف ضد المراة ودستور 2011
كما صاحبت هذه التعديلات القانونية إحداث مؤسسات وطنية، من بينها المجلس الوطني لحقوق الأنسان، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، واللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف.
كما أن المشروع يندرج في إطار أهداف التنمية المستدامة (الهدف الخامس) ويستجيب للبرنامج الأممي الخاص بالمدن الآمنة، الذي انخرط فيه المغرب ضمن 50 دولة حول العالم، إذ احتضنت الرباط منتداه الخامس “مدن أمنة و فضاءات عامة أمنة” الذي انعقد من 26 إلى 28 فبراير 2020. فهذا البرنامج يعتبر فرصة لتطوير الجهود المبذولة من طرف الدولة المغربية في اتجاه المساواة بين الجنسين والحد من ظاهرة التحرش الجنسي وكل أنواع العنف ضد النساء والفتيات في الأماكن العامة.
هذا المشروع النموذجي يمكن تعميمه إن نجح على كل مقاطعات جهة الدار البيضاء سطات ولما لا لمدن أخرى
وفد اختيرت عمالة الدار البيضاء انفا بمقاطعتها الثلاثة، مقاطعة سيدي بليوط، مقاطعة المعاريف ومقاطعة انفا ، لما تتمتع به من خاصيات وأهمها أنها تمثل ، حسب المندوبية السامية للتخطيط ، 411939 نسمة من بين ما مجموعه 3619934 من ساكنة عمالة الدار البيضاء الكبرى ، وتجمع بين الأحياء الراقية والشعبية، وكذلك لوجود عدة نساء يتحملن فيها مسؤوليات رائدة وخاصة السيدة كنزة الشرايبي والتي رحبت باحتضان المشروع والتعاون لتحقيق أهدافه. هذا المشروع النموذجي يمكن تعميمه إن نجح على كل مقاطعات جهة الدار البيضاء سطات ولما لا لمدن أخرى.
ونجاح المشروع مرتبط بانخراط كافة الحاضرين وحتى الغائبين من نساء و رجال السلطة والمؤسسات العمومية (الأمن الوطني، الوقاية المدنية، المحاكم، الأكاديميات والجامعة والكليات والمدارس العليا العامة والخاصة) وكذا كل مكونات المجتمع المدني من جمعيات الأحياء والجمعيات الحقوقية والنسائية والشبابية والرياضية.
لأن المبتغى من المشروع هو جعل النساء البيضاويات يتمتعن بكل حرية بالفضاءات العامة التي تزخر بها مدينتنا الرائعة ذات الصيت العالمي من حيث البنيات التحتية والفضاءات الجميلة التي خصصت لها ميزانيات ضخمة لكن نظرا لغياب الأمن يتم استبعاد النساء منها.
ومن بين ما ينقصنا في فضاءاتنا العامة نقص الإنارة العمومية في محيط المعامل والأحياء الهامشية، وقلة دوريات الأمن خصوصا في الصباح الباكر عندما تخرج النساء والفتيات للعمل، وكذا مراكز شرطة القرب التي احدثت في فثرة معينة وتم الاستغناء عنها. كذلك مشكل العناوين في الأحياء الجديدة وما أكثرها، قلة التشوير بالنسبة للمؤسسات المهمة، فالمرأة ولو استقلت سيارة أجرة أو كانت لها سيارتها الخاصة لا تستطيع التجوال بأمان في مدينتها.
وبالرغم من كل المجهودات التي بذلت لتسهيل ولوج النساء لمراكز الشرطة والمحاكم من إحداث خلايا الاستقبال والتكفل بالنساء ضحايا العنف وتخصيص نساء شرطيات في هذه الخلايا ، لازالت النساء تجد صعوبة في إثبات الوقائع التي تتعرض لها في الأماكن العمومية ولو بوجود رجل الشرطة في المكان، فهو لا يتدخل خشية أن يكون المعتدي من أقارب المرأة او الفتاة وكأن القريب سواء كان زوجا أو أخا له الحق في تعنيفها كما أن البعض يتعذر بغياب الأوامر من مرؤوسه.
كل هذا تتعرض له النساء نظرا لغياب التربية على احترام النساء أولا، وثانيا لغياب الوعي بحقهن في السلامة والأمان وفي ولوج الأماكن العامة بكل حرية.
إذن كل مراكز التربية والتكوين ودور الشباب معنية بهذه الاشكالية وذلك بتطوير برامجها لتشمل الوعي بحقوق النساء والتربية على احترام النساء في الأماكن العامة.
كما أن القائمين على المقاطعات مسؤولين على توفير مراكز ودور الشباب لمرافقة الشباب والسهر على توعيتهم بأهمية الحقوق الانسانية للنساء.
بالنسبة للمؤسسات العمومية، فلا يمكننا إنكار المجهودات التي تقوم بها المديرية العامة للأمن الوطني، لكن هذه المجهودات وإن تتمكن مصالحها من حل بعض القضايا والحد من عددها، مثلا أنه ما بين 2019 بين 2020 انخفضت الحالات من 61388 إلى 50841( اليوم الدراسي حول “التحديات والإكراهات لرعاية النساء والفتيات ضحايا العنف) فهي لا تعكس الحجم الحقيق لحالات العنف ضد النساء، إذ هناك حالات لا تصل لمصالحها.
أما بالنسبة للقضايا التي تصل للمحاكم فنادرا ما تطبق على الجاني العقوبات الأشد.
لكن يبقى المهم بالنسبة للظاهرة هو التوعية وليس الزجر. والتوعية مهمة الجميع وهي الهدف من هذا اللقاء الذي نتمنى أن نخرج منه بتوصيات قابلة للتنفيذ والتزامات جادة لجميع المسؤولين للحد من الظاهرة لنجعل من الدار البيضاء وخصوصا المقاطعات المعنية بالمشروع نموذجا يحتذى به للمدينة الآمنة لتتمتع النساء البيضاويات وكل الزائرات بفضاءاتها الجميلة.