الاقتصاد الأزرق: أربعة أسئلة للخبير عبد الله رطال

- Advertisement -

يمكن أن يشكل الاقتصاد الأزرق في المغرب رافعة أساسية لتسريع النمو الاقتصادي المستدام والتنمية الاجتماعية، مع الاستغلال المستدام للمحيطات والبحار والموارد البحرية.
وبفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي، على واجهتين بحريتين ممتدتين على 3500 كيلومتر من السواحل ومواردها السمكية والطاقية، تتوفر المملكة على مؤهلات حقيقية في مجال الاقتصاد الأزرق. تحدث الخبير في مجال البيئة والتنمية المستدامة، عبد الله رطال، في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، عن مؤهلات المغرب في مجال الاقتصاد الأزرق والتزاماته وفرص نموه في القطاعات التي تشكل هذا الاقتصاد.

1- ما هي المؤهلات التي يتوفر عليها المغرب في مجال الاقتصاد الأزرق؟
أعتقد أن الاقتصاد الأزرق يمثل أحد أعمدة التنمية المستدامة للمغرب الحديث، في إطار تحديات وتوجهات الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، والنموذج التنموي الجديد. إنه يكمل لوحة الاستراتيجيات القطاعية التي أطلقتها البلاد في عدة مجالات، وخاصة الفلاحة والبيئة والتسريع الصناعي والسياحة.
وهو اقتصاد ذو أولوية وفائدة للبلاد التي تتوفر على ساحل ممتد على 3500 كلم على واجهتين، المتوسطية والأطلسية، مع 9 جهات تتوفر على سواحل من بين 12. فالمغرب يشكل بلدا بحريا بامتياز.
ومن الواضح أن الأوساط البحرية والساحلية تشكل مؤهلا استراتيجيا هائلا للمغرب، أولا من حيث الموقع الجغرافي المتميز بين بحرين، ثم عبر ضمان عدة أدوار حيوية على مختلف المستويات : التاريخية من خلال تاريخ غني مرتبط بالبحر، واقتصادية على مستوى الموارد السمكية و السياحة والمبادلات مع بلدان العالم، والثقافية بحيث يوجد الساحل في مخيال المغاربة، كتأثير ملهم بالنسبة للمبدعين وموقع للمآثر الروحية.
كما أن المؤهلات الطبيعة مهمة، مع تنوع المنظومات البيئة الساحلية والبحرية التي تحتوي على تنوع بيئي غني حيوانيا ونباتيا، ومواقع وأحياء تحظى باهتمام عالمي في بعض الأحيان. كما تساهم الموارد السمكية في الأمن الغذائي للبلاد والاقتصاد المحلي للصيادين الصغار والساكنة الساحلية.
وأخذا في الاعتبار الاعتداءات والتدهور الذي تعرض له الساحل، فإن التحديات الكبرى هي المحافظة عليه والاستغلال المستدام، عبر حكامة عقلانية قائمة على مبادئ مقاربة التدبير المندمج للمناطق الساحلية، المجسدة بموجب أحكام القانون 81-12 المتعلق بالساحل.

2   – ما هي التزامات المغرب تجاه الاقتصاد الأزرق؟
بالإضافة إلى الالتزامات الواردة في المعاهدات المتعلقة بالبحر، اتخذ المغرب التزامات ملموسة تظهر رغبته في الحفاظ على المناطق والنظم البيئية للساحل وتحديث استغلال الموارد السمكية لجني أفضل الأرباح منها، ضمن رؤية الاستدامة، ومن خلال تطوير قطاعات جديدة مثل تربية الأحياء المائية.
وفي هذا الإطار، تم اعتماد القانون 81-12 المتعلق بالساحل، إضافة إلى المخطط الوطني للساحل، الذي تم نشر مرسومه بالجريدة الرسمية مؤخرا.
لكن العمل الاستراتيجي الرئيسي هو مخطط أليوتيس 2010 – 2020 الذي يشكل بداية اعتبار حقيقي للاقتصاد الأزرق في السياسة التنموية للبلاد. فقد شكلت مختلف الجوانب موضوع تدابير ومشاريع ملموسة، مما أدى إلى حصيلة إيجابية للغاية. كما تمت مواكبة تعزيز البنيات التحتية وأساليب تدبير الصيد (الموانئ، وقرى الصيد، وبرامج الدعم إلخ.) عبر جذب المستثمرين وتكوين الموارد البشرية، والتعزيز المؤسساتي.
وبالإضافة إلى المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، الذي يضطلع بدور مركزي في الإدارة العلمية للمصايد والحفاظ على الوسط البيئي، تم إنشاء الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء المائية التي تشكل مؤسسة ذات أهمية كبيرة لإطلاق تربية طموحة للأحياء المائية. ويشكل تنفيذ استراتيجيتها ركيزة أساسية للاقتصاد الأزرق في المغرب.
وفي إطار استراتيجية وطنية للاقتصاد الأزرق، منح البنك الدولي قرضا بقيمة 350 مليون دولار للمغرب لدعم إطلاق البرنامج الحكومي لتنمية الاقتصاد الأزرق.
ويندرج هذا البرنامج في إطار رؤية متعددة القطاعات، حيث ستتعاون القطاعات والجهات من أجل تحقيق أقصى قدر ممكن من المزايا من الاستخدام المستدام للأصول البحرية والساحلية. كما انطلقت المرحلة الأولى من هذا البرنامج في سنة 2021 عبر جمع ميزانيات البرامج الوزارية (2022 – 2026).

3   – كيف يمكن للاقتصاد الأزرق، بفضل فرص النمو التي تتيحها القطاعات المشكلة له، أن يكون رافعة للتنمية السوسيو – اقتصادية للمغرب؟
وفقا لتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول الاقتصاد الأزرق، يمثل قطاع الصيد البحري ما بين 1 في المائة (النشاط الأولي) و2 في المائة من الناتج الداخلي الخام (شاملة نشاط التثمين)، مع إحداث 700 ألف منصب شغل مباشر، وجعل المغرب أول منتج للسمك في إفريقيا وكذا الثالث عشر عالميا.
إن فرص النمو والتنمية لمختلف القطاعات الإنتاجية التي تشكل الاقتصاد الأزرق في المغرب عديدة. فمصطلح “الاقتصاد” المستخدم في عبارة “الاقتصاد الأزرق” منطقي، لأنه اقتصاد يجمع بين فروع نشاط جد متنوعة، وينبغي أن يكون كل منها موضوع استراتيجيته الخاصة.
وعلى سبيل المثال، هناك القطاعات التقليدية الرئيسية وهي : الصيد البحري، والأنشطة المينائية (الصيد البحري، والسلع، ومنتجات الطاقة، والنقل البحري للركاب، والموانئ السياحية، وموانئ الترفيه…)، والبنيات التحتية اللوجستيكية (التخزين، ونقل الحاويات…)، واستغلال أحواض الملح والسياحة الشاطئية.
كما يمكننا إضافة العديد من الأنشطة والبنيات التحتية التي تعد استراتيجية للبلاد أو ضرورية للاقتصاد المحلي، البعض منها جديد أو غير متطور: تربية الأحياء المائية، ومحطات تحلية مياه البحر، والصناعات البحرية، وأوراش بناء السفن، ومحطات الطاقات المتجددة (توربينات الرياح البحرية، محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية العائمة، الطاقات الموجية وطاقات المد والجزر)، والتكنولوجيات الحيوية البحرية، والرياضات المائية، إلخ.
فالمغرب لديه إمكانية تطوير “تجمعات ساحلية” تجذب المستثمرين وتخلق فرص الشغل.

4   – كيف سيساهم القرض بقيمة 350 مليون دولار، الممنوح للمغرب من طرف البنك الدولي دعما للاقتصاد الأزرق، في التحول إلى اقتصاد أزرق؟
يندرج دعم البنك الدولي للبرنامج الجديد لتنمية الاقتصاد الأزرق في إطار التعاون الناجح جدا مع هذه المؤسسة المالية الدولية في جميع المجالات.
وأعتقد أن هذا الدعم سيمكن المغرب من تحقيق الأهداف المسطرة من أجل تنمية مثالية لأنشطة الاقتصاد الأزرق، مع انعكاسات إيجابية على نموه الاقتصادي، ومؤشراته الاجتماعية وتثمين أفضل لمنتجاته البحرية، مع تعزيز الحفاظ على الوسط البيئي وتدبير حفظ الموارد السمكية.
وبالإضافة إلى تحسين استثمارات الفاعلين الكبار في القطاع، لا ينبغي إغفال مساهمة تطور هذا الاقتصاد الهامة في مكافحة الفقر، بالإضافة إلى تحسين ظروف العيش والعمل للصيادين الصغار أو المتدخلين.
ومن بين أهداف هذا البرنامج، ينبغي التسطير على التعزيز المؤسساتي والمالي، بالإضافة إلى التنسيق بين كل الجهات المعنية، والذي يشكل عنصرا ضروريا من أجل إرساء حكامة جيدة للاقتصاد الأزرق.
وعلى مستوى النشاط الرئيسي، فإن الهدف هو تحسين التدبير المندمج للموارد السمكية مع تحديث وتعزيز قدرات الصيادين والفاعلين الآخرين المعنيين، بغية زيادة القيمة المضافة وتثمين الموارد على نحو مثالي وجذب استثمارات من شأنها خلق فرص الشغل والثروة، مع احترام مبادئ الاستدامة.