اختيرت هند عمر وزميلتها سوزان محمد لتكونا أول امرأتين مصريتين تعملان سائقتين لقطارات مترو الأنفاق في القاهرة، بعدما كانت هذه الوظيفة مقتصرة على الرجال داخل مصر منذ سنين طويلة.
ومن بين ثلاثين مرشحا ومرشحة للوظيفة، اجتازت امرأتان الاختبارات التي أشرفت عليها الهيئة القومية للأنفاق المصرية وهيئة النقل الباريسية (شريك فرنسي في إنشاء مترو القاهرة وتشغيله).
وتم اختيار الشابتين بعدما أطلقت الشركة المسؤولة عن إدارة وتشغيل الخط الأخضر الثالث لمترو الأنفاق في العاصمة المصرية القاهرة ثورة على العادات المتوارثة في هذا المجال، بإعلانها عن حاجتها إلى سائقين وسائقات من دون تفرقة بين الجنسين.
وعلى خطى المغربية سعيدة عباد بادرت هند عمر بالتقدم للوظيفة، وقررت الخضوع لتدريب مكثف لتصبح سائقة مترو رغم أنها حاصلة على دبلوم تجارة، لتصبح رائدة في بلد كانت 14 % فقط من نسائه يعملن في العام 2020.
وصرحت عمر أنها كانت بحاجة كبيرة إلى تشجيع تخوض من خلاله اختبار القبول، وقالت “استغرب والداي الفكرة في بادئ الأمر، لكنهما دعماني في نهاية المطاف”. وأضافت “كان الاختبار صعبا خصوصا أنه كان عليّ إثبات قدراتي على مقاومة الضغوط وعلى التركيز، لأن التحدي الرئيسي هو أن يبقى المرء في غاية التنبه لساعات طويلة”.
ويُعتبر هذا الأمر إنجازا للمرأة في بلد حصلت فيه النساء على حق الاقتراع في العام 1956 لكنها تظل خاضعة لتشريعات ذكورية في ما يخص الحقوق الشخصية.
وتستذكر سوزان محمد (32 عاما) المرات الأولى التي وصلت فيها بالمترو إلى المحطات، وأكدت أن بعض الركاب كانوا خائفين ويتشككون في كفاءتي ويقولون إنهم لا يحسون بالأمان مع امرأة على مقعد القيادة، مضيفة أنه على الرغم من أن الأمر كان جديدا بالنسبة لهم، لكنهم حرصوا على تقديم الدعم لها.
من جهتها لفتت سوزان محمد إلى أن هناك حالة من الانقسام داخل عائلتها حول فكرة عملها في مجال قيادة قطارات مترو الأنفاق، وقالت “عائلتي خافت لأن المترو مكون من 8 عربات وليس مجرد سيارة”.
وأردفت أن النقطة الأساسية التي دفعت عائلتها إلى الاقتناع بهذا العمل هو موقف الشركة نفسها والتدريبات التي تلقّتها من جانب، وحرص الجميع على تقديم المساعدة والعون من جانب آخر.
وتعمل هند عمر و سوزان محمد ستة أيام في الأسبوع لمدة ثماني ساعات في اليوم، كما أن للنساء ميزة في هذا المجال تتميز في أنهن لا يعملن في الفترات الليلية التي يحصر فيها العمل على الرجال.
ويعد هذا الأمر مكسبا وتقدما كبيرا للمرأة في بلد ظلت فيه الوظائف محصورة بالرجل فقط حتى وقت قصير.
فعلى الرغم من امتهان المرأة المصرية للمحاماة منذ عقود، إلا أن أول قاضية في البلاد تسلمت مهامها في مطلع القرن الحادي والعشرين مع تعيين امراة عضواً في المحكمة الدستورية العليا. كما تعين الانتظار حتى شهر مارس الفائت لرؤية امرأة تجلس على
منصة القضاء الإداري، وهي رضوى حلمي.
على المستوى السياسي، يطمح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أن يقترن اسمه بتمكين المرأة، إذ تستحوذ النساء على خُمس الوزارات في البلد وثلث المقاعد البرلمانية.
لكنّ كثيرات من النسويات المصريات يرين أن هذا المنحى شكليّ فقط، وأن هذا لم يمنع الحكومة من أن تقترح العام الماضي مشروع قانون يتيح للأب أو الشقيق تطليق المرأة، غير أن المشروع أثار عاصفة من الغضب ولم يتم تمريره.
وتفتخر هند وسوزان بأنهما تتحملان المسؤولية عن حياة آلاف البشر كل يوم، كما تأملان في أن تتمكنا من تعبيد الطريق لنساء أخريات لخوض التجربة في هذا الميدان.