بعد إصدار كتاب “قانون العنف ضد النساء: التفاف وتحايل على الالتزام والملتزم به”، صدر حديثا للأستاذة الباحثة فريدة بناني مؤلف جديد بعنوان “تزويج الطفلات عنف مؤسسي وَرِق واتجار بالبشر”، تسلط الضوء فيه على ظاهرة اغتصاب الفتيات وطعن براءة طفولتهن، معتمدة في ذلك على قواعد ومبادئ البحث العلمي الأكاديمي الرصين، حسبما عبر عنه الأستاذ الجامعي محمد الأزدي.
وفي تصريح لفريدة بناني، أوضحت أن هذا المؤلف يطمح إلى الدفاع على أطروحة مفادها أن تزويج الطفلة يعتبر صيغة من صيغ الاتجار بالبشر؛ لأن الطفلة خلال هذه المرحلة تكون ضعيفة بسبب عدم نضجها البدني والعقلي والنفسي وغير قادرة على حماية نفسها ورعاية أمورها التربوية والمعنوية والمادية وبحاجة إلى الحماية والاهتمام لعجزها عن الدفاع عن حقوقها. مضيفة أن حرية اختيار الزوج عن إدراك وتبصر والموافقة التامة في عقد الزواج والنضح والإرادة السليمة فهي من أبسط الحريات اللصيقة بالإنسان، والمرتبطة بحياته الخاصة وبكرامته، والتي يتعين ممارستها كاملة، بدون إكراه أو قهر، أو إجبار، أو قسر أو ممارسات ضارة، وهذه لا يمكن أن تصدر إلا من الإنسان الذي تجاوز مرحلة الطفولة وأصبح راشدا.
ويأتي مؤلف الأستاذة الباحثة بناني الذي يتكون من 573 صفحة، متناولا بالتحليل ظاهرة تزويج الطفلات، معتبرة إياها انتهاكا خطيرا لحقوقها الإنسانية؛ لأنه يمنعها من التعبير الحر والكامل عن إرادتها ورغبتها من عدمها في الزواج، الذي إذا افتقر إلى التراضي والتوافق والقدرة يؤدي إلى العنف، ما بات يجعل من تزويجها حاليا سلوكا قسريا واستعباديا وجريمة ترقى إلى الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي، الذي يشمل من بين أشكاله التزويج بالإكراه.
وفي قراءة سريعة لعتبات الكتاب، يتضح جليا للقارئ أن مضمونه يتجلى من خلال عنوانه، حيث أن العنوان جاء كملخص شديد الاقتضاب للمتن النصي، ومن الملاحظ أن عتبة العنوان تتضافر مع صورة الغلاف التي تشكل واحدة من مخرجات قوافل جمعية يطو، فالصورةتضعنا في عالم قروي؛ إذ في عمقها جبال داكنة وكابية؛ وفي مستواها الثاني مدرسة في الخلاء تحاذيها شجرة وبضعة أعشاب خضراء؛ أما في مستواها الأول، فتظهر طفلة ينتشلها “ولي أمرها” من طريق المدرسة نحو مكتب العدول حيث سيختم بشمع الاغتصاب الأحمر على طفولتها ومستقبلها وحقوقها المتعارف عليها دوليا، وفق الأستاذ الباحث الأزدي.
وأضاف الباحث الأزدي أن واقع أن هذا المؤلف الضخم يتضمن في طياته كتابان: أولهما متن الدراسة؛ وثانيهما هوامش الدراسة وإحالاتها؛ فهذه الهوامش كثيرة وغنية وغزيرة ومفيدة وتقدم للقارئ، الهاوي والمتنور على حد سواء، مجمل المادة المصدرية والمرجعية الوثائقية (الورقية والإلكترونية، الفقهية والقانونية) التي تتيح التعرف عن قرب على معاني اغتصاب الطفولة والعنف المؤسسي والرق المعاصر والاتجار بالبشر والعبث بكرامة الفتيات والفتيان.