استطاع اليساري لولا دا سيلفا الفوز في الانتخابات الرئاسية البرازيلية، بعد تفوقه على منافسه الرئيس المنتهية ولايته جاير بولسونارو، وفقا للمحكمة العليا للانتخابات في البرازيل، حيث حصل لولا دا سيلفا على %50،9 من الأصوات، فيما صوت %49،1 لبولسونارو، لتكون نهاية أكثر حكومة يمينية في البرازيل منذ سنوات طويلة.
ويعود لولا داسيلفا الشخصية المرجعية في اليسار الأميركي اللاتيني في سن السابعة والسبعين، إلى القصر الرئاسي في برازيليا بعدما عرف لحظات مجد وانكسار تخللها دخوله السجن.
وقال “لولا” لدى إدلائه بصوته صباح الأحد30 أكتوبر 2022، “هذا اليوم الأهم في حياتي” فيما كانت استطلاعات الرأي تظهر منذ أشهر عدة أنه الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية في مواجهة اليميني المتطرف “جايير بولسونارو”.
وتشكل عودة “لوس إينياسيو لولا دا سيلفا” الظافرة سابقة في تاريخ البرازيل الحديث بعدما انتخب سابقا لولايتين رئاسيتين بين العامين 2003 و2010. إلا أن عودة “لولا” الذي عرف مصيرا خارجا عن المألوف، تعتبر إنجازا، فقد أدين بتهمة الفساد في إطار أكبر فضيحة في تاريخ البرازيل ودخل السجن مدة 580 يوما بين أبريل 2018 ونونبر 2019.
ودائما ما أكد زعيم حزب العمال أنه ضحية مؤامرة سياسية سمحت لبولسونارو بالوصول إلى الرئاسة خلال العام 2018 عندما كان هو المرشح الأوفر حظا للفوز.
ورأت لجنة حقوق الإنسان في الأمم لمتحدة أن التحقيق والملاحقات في حق لولا داسيلفا انتهكت حقه في أن يحاكم أمام محكمة غير منحازة.
اليوم، وبعد 12 عاما على مغادرته السلطة فيما كان يتمتع بنسبة تأييد خيالية بلغت 87 %، يريد “لولا” أن يجعل “البرازيل سعيدة مجددا”.
وجال هذا الخطيب المفوه الذي يتمتع بكاريزما كبيرة وبصوت أجش، أرجاء البلاد المترامية الأطراف مرتديا سترة واقية من الرصاص وخاض معركة حامية الوطيس مع عدوه اللدود بولسونارو.
ولا يزال ينظر إلى “لولا” على أنه “قريب من الشعب” ويستمر بالتمتع بشعبية كبيرة ولا سيما في مناطق شمال شرق البلاد الفقيرة التي تشكل معقله التاريخي.
إلا أنه مكروه من جزء من البرازيليين إذ يجسد بنظرهم الفساد. ولم يكف “جايير بولسونارو” الذي لعب كثيرا ورقة كره حزب العمال ليفوز بالانتخابات الرئاسية في 2018، عن وصفه بأنه “سارق” و”سجين سابق” خلال مناظراتهما التلفزيونية.
ما من مؤشرات كانت تنبئ بأن لولا سيعرف هذا المصير الاستثنائي، وهو الابن الأصغر بين ثمانية أطفال. وقد ولد في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1945 في عائلة مزارعين فقراء في بيرنامبوك في شمال شرق البرازيل.
في مرحلة طفولته عمل لولا ماسح أحذية وانتقل مع عائلته في سن السابعة إلى ساو بالو هربا من البؤس. اشتغل بائعا جوالا ثم عامل تعدين في سن الرابعة عشرة وقد فقد خنصر اليد اليسرى في حادث عمل.
في سن الحادية والعشرين انضم إلى نقابة عمال التعدين وقاد الاضرابات الواسعة في نهاية السبعينات في خضم الديكتاتورية العسكرية في البلاد (1964-1985).
شارك في تأسيس حزب العمال في مطلع الثمانينات وترشح مرة أولى للانتخابات الرئاسية العام 1989 وفشل لكن بفارق ضئيل. وبعد فشلين آخرين في 1994 و1998 فاز في محاولته الرابعة في أكتوبر 2002 وأعيد انتخابه في 2006. وكان أول رئيس برازيلي ينتمي إلى طبقة العمال. فعكف على تطبيق برامج اجتماعية طموحة بفضل سنوات من النمو الاقتصادي المدعوم بفورة المواد الأولية. ويذكر أنه خلال ولايتيه الرئاسيتن خرج نحو 30 مليون برازيلي من براثن البؤس.