نساء المغرب بزغن في كل الميادين، وساهمن في بناء وصنع تاريخ المملكة المغربية العريقة. انشهرن في العالم العربي الإسلامي وفي أوروبا والأمريكيتين. مغربيات رائدات في الفلك والرياضيات والعلوم والفيزياء..، نذكر منهن شخصية تاريخية طبعت تاريخ المغرب الأقصى بإنجازاتها وكانت مؤسسة لأول جامعة في العالم وهي فاطمة بنت محمد الفهرية القرشية.
فاطمة الفهرية تنتمي لآل عقبة بن نافع الفهري القرشي فاتح تونس ومؤسس مدينة القيروان، نزحت وهي فتاة صغيرة مع عائلتها من مدينة القيروان إلى أقصى المغرب زمن حكم إدريس الثاني.
عُرفت فاطمة الفهرية بكثرة الإنفاق والإحسان، خاصة في شهر رمضان، فكانت تغدق أموالها التي ورثتها عن والدها الغني وزوجها بسخاء على المساكين والمحتاجين، وأيضا على طلاب العلم والمعرفة، فلُقبت بالمرأة الصالحة والكريمة وبأم البنين.
تحكي الدراسات أن فاطمة الفهرية هي التي تطوعت ببناء مسجد القرويين وظلت صائمة ونذرت ألا تفطر يوما حتى ينتهي العمل فيه. كما حفرت بئرا في فناء المسجد ليرتوي منه البناؤون والعاملون، وكانت تقف على كل كبيرة وصغيرة حتى انتهاء الأشغال، كأن لها دراية وخبرة بأمور البناء وأصول التعمير.
عند الانتهاء من البناء سنة 245 من الهجرة، صلت فاطمة صلاة حمد لربها على إكرامه وتفويقه لها في بناء الجامع الذي جاء فسيحا وجميلا، ليصبح جامع القرويين يؤدي دورا بارزا في نشر مبادئ الدين السمح والعلوم في المغرب ومن تم إلى أوروبا. وهو بذلك يعد أول وأقدم جامعة في العالم.
توفيت السيدة فاطمة نحو 266 -878م بعد أن طبعت عصرها وضل أثر إنجازها الكبير ساري المفعول عبر التاريخ. ومع مرور السنين شهد جامع القرويين اهتماما كبيرا من قبل سلاطين الدولة المغربية منذ عهد الأدارسة، حتى تحول إلى قبلة لحفظة القران الكريم وطلبة العلم من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، خاصة من القارة الأفريقية.
الحديث عن فاطمة الفهرية، هو حديث بالضرورة عن جامع القرويين، فلا تكاد تذكر دون ذكره، ولا يذكر دون ذكرها. ولعل فاطمة حينما فكرت في بنائه، لم يكن يدور بخلدها أن جامعها هذا، سيصير مع مرور السنين وتعاقب الأزمنة، أقدم جامعة في العالم، وفق العديد من المصادر التاريخية المختصة.