الصحة الإنجابية والجنسية للمرأة بين العلمي والاجتماعي

- Advertisement -

الصحة الإنجابية والجنسية للمرأة

ملف من اعداد فوزية طالوت المكناسي

يحتفل بعيد الأم عبر جميع أنحاء العالم في تواريخ مختلفة، وهو بالفعل احتفال لمن تعطي الحياة والحب والحنان والرعاية على مدى الحياة. لكن الأمر ليس بالبديهي والسهل لكل النساء،  فإذا كانت الأمومة فعل جميل ومحبوب فهو يمكن أن يكون مليئا بالمزالق إن  لم يمر في ظروف جيد تحفظ للأم كرامتها وصحتها وللمولود ظروف العيش الملائمة . لقد أنجبت النساء تحت ظروف صعبة، وفي أماكن نائية يصعب الوصول اليها، وتحت أنقاض الزلازل  والإعصارات، وأنجبت  في غمار الحروب  وفي مناطق الصراعات  واستعملت  كرامتها كسلاح  خلال النزاعات، وأنجبت بعضهن بعد تعرضهن للاغتصاب، وانجبت أخريات وهن لا يعرفن ماذا يفعلن لأنهن كن وحيدات.

وتبقى الصحة الإنجابية للمرأة بكل مكوناتها ضرورية وجزءا لا يتجزأ من منظومة حقوق المرأة التي هي أصلًا من مكونات حقوق الانسان. فالصحة الجنسية والإنجابية الجيدة هي حالة من الرفاه الجسدي والعقلي والاجتماعي الكامل في جميع جوانب الجهاز التناسلي للفرد الذي يكون قادرا على التمتع بحياة جنسية مُرضية وآمنة ولديه القدرة على الإنجاب وتحديد ما إذا كان يريد ذلك ومتى وكيف يريد ذلك.

وفقا لمنظمة الصحة العالمية تعرف الصحة الإنجابية أو الصحة الجنسية للمرأة بالوصول إلى حالة من اكتمال السلامة البدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية وليست مجرد الخلو من المرض أو العجز، وتشمل كذلك العادات الشخصية والنشاط الجنسي وعملية الإنجاب. وتتضمن الصحة الإنجابية قُدرة المرأة على الحصول على حياة جنسية مسؤولة ومُرضِيَّة وآمنة، وأن تكون لها القدرة وحرية اختيار توقيت الإنجاب وظروفه. ولا يمكن أن نتحدث عن الصحة الإنجابية للمرأة دون الأخد بعين الاعتبار الشريك الأساسي في هاته العملية ألاَ وهو الرجل. كلاهما مسؤول عن متى وكيف يتم اتخاذ قرار الإنجاب. ومن هنا وجب عليهما أن يكونا على دراية بمختلف وسائل تحديد النسل المتاحة، وكيفية الاستعمال الآمن والفعال لها. ويعد الحصول على خدمات الرعاية الصحية المناسبة للطب الجنسي والإنجابي من الضروريات في كل مجتمع يحترم مواطنيه.

ودائما، وفقا لمنظمة الصحة العالمية تمثل الصحة الإنجابية والجنسية 20 في المائة من العبئ العالمي للصحة بالنسبة للمرأة، و 14 في المائة بالنسبة  للرجال.

فالصحة الإنجابية هي نهج حياتي وعادات تأخذ مبكرا، لأنها تؤثر بشكل مباشر وعميق وسوي على كل من الرجال والنساء معاً من الطفولة إلى سن الشيخوخة. فالصحة الإنجابية تؤثر على صحة الفرد لاحقًا إن لم تأخذ التدابير اللازمة بعين الجد والاعتبار مبكرا. إن أعلى ثمن  تدفعه بعض النساء الحوامل هو عدم إتاحة الفرصة لهن لتجربة الأمومة، لانهن ببساطة لا يستطعن إتمام هذا الحلم، حيث بلغ متوسط ​​معدل وفيات الأمهات في جميع أنحاء العالم 211 حالة وفاة لكل 100،000 ولادة حية في عام 2017. وتدعو أهداف التنمية المستدامة إلى خفض هذا العدد إلى 70 لكل 100،000 بحلول عام 2030.

في مجتمعاتنا يواجه الأفراد تفاوت وعدم مساواة في الخدمات الصحة الإنجابية، وتختلف أوجه عدم المساواة على أساس الحالة الاجتماعية والاقتصادية والعادات  والمستوى التعليم  والمادي ومكان الإقامة و الثقافة الأسرية والاجتماعية ولا يمكن فصلها عن المساواة بين الجنسين حيت من المتعارف عليه مجتمعيا أن المرأة تتحمل عادة رعاية الأطفال غالبا لوحدها الشيء الذي يحرمها من الحق في اتخاذ «خيارات حاسمة بشأن جسدها ومستقبلها».

الأدوار التي يلعبها الرجل والمرأة في المجتمع لا تحددها عوامل بيولوجية صرفة، بل على الخصوص عوامل اجتماعية تكون متقلبة ومتغيرة حسب الزمان والمكان و تُبرر أحيانًا على أنها مُلزمة ثقافيًا أو دينيًا، لذا، يجب أن تضمن المبادرات الهادفة إلى تمكين المرأة بما فيها تمكينها من صحتها الإنجابية، واحترام الاعتبارات الثقافية وحقوقها كفرد فعال وسط المجتمع. من المؤكد أن السياسات العامة لمكانة المرأة في المجتمع تحدد مستوى مراعاة أهمية صحتها الإنجابية.

ومن جانبها، يجب أن تشارك وسائل الإعلام بشكل أكبر في التثقيف الإنجابي للمرأة من خلال نشر برامج محددة تهدف إلى دعم وزيادة الوعي وتعميم بعض المفاهيم حول موضوع الأمومة والولادة الآمنة في أماكن المستشفيات الطبية، وتنظيم الأسرة ومختلف وسائل منع الحمل، والصحة، والرياضة، والنمط الصحي العام للحياة.

 

مجلة فرح، إدراكًا منها لهذا الدور، تطرح إشكالية الصحة الإنجابية والجنسية للمرأة في ملفها الشهري.