“ورقة” قرية يمنية ناضلت لتعليم بناتها

- Advertisement -

  بمدرسة قرية ورقة اليمنية، التي تعلم الأطفال في المرحلة الأولى فقط، كان عدد الفتيات قبل عام 2002 قليل جدا، بعضهن يكملن المرحلة الابتدائية والبعض تترك المدرسة في الصف الأول والثاني، وفي العام 2009، كان عدد الفتيات في المرحلة الإعدادية يتجاوز 300 فتاة، وذلك بعد إنشاء مدرسة خاصة بالفتيات، فضلا عن سنوات طويلة من التوعية والإصرار، أمر يراه علي الورقي، صحفي وناشط في حقوق الإنسان باليمن، “مصدر فخر”، مضيفا “حققنا الحلم وصنعنا تغيير جذري في القرية والقرى المجاورة”، لأنه ليس من السهل تغيير مجتمع محافظ يرى التغيير مشكلة، حسب قوله.

  وتعد قرية ورقة ثاني أكبر تجمع سكاني في مديرية ميفعة عنس، وتبعد عن مدينة ذمار بنحو 15 كم من جهة الشرق، يقطنها أكثر من 5 آلاف نسمة، ويوجد فيها ثلاث مدارس إحداهن للإناث، وعدد من المرافق الصحية منها ثلاثة خاصة.

  والورقي هو واحد من شباب القرية الذي يسعون لإحداث بعض التغييرات في مجتمعه المحافظ، حيث كان مصير الفتيات المجبرات على ترك التعليم بفعل العادات المجتمعية، هو الزواج المبكر، والانخراط في شؤون المنزل، فظاهرة الزواج المبكر كانت حاضرة قبل اندفاع المجتمع نحو تعليم الإناث،  حسب الورقي الذي أوضح أن نسبة كبيرة جدا من نساء القرية تزوجن في سن مبكر، لكن بسبب عزيمته وشباب القرية، فإن تعليم الفتاة، أنهى تماما زواج الصغيرات، بل ودفع بالعشرات إلى مقاعد الجامعة، كما ساهمت النهضة التعليمية في تحسين واقع الحياة للمجتمع في مقدمتها الخدمات الصحية التي كانت تفتقر إليها القرية.

قرية ورقة

  إن عملية دفع الفتيات للتعليم بعد إنشاء مدرسة خاصة بهن عام 2009 تحت اسم “مدرسة الوحدة”، قضت بشكل كبير على ظاهرة الزواج المبكر، وخففت من وطأة المشاكل الأسرية وانخفاض مستوى الفقر في القرية؛ ويتذكر الورقي هنا الظروف الصعبة التي كانت تمر بها القرية، خاصة الفتيات، وتوق المئات منهن لمواصلة التعليم، حيث كانت الفتاة تصل صف السادس وينتهي مشوارها في التعليم، بسبب الظروف الاجتماعية السائدة في ذلك الوقت، والتي تنظر إلى مواصلة تعليم الفتاة كـ “عيب”، لكن عددا من أبناء القرية رفض ذلك الواقع وألحقوا بناتهم بمدارس في قرى مجاورة أو في مدارس داخل مدينة ذمار اليمنية، حيث كان بعض الفتيات يقطعن مسافة تصل إلى 5 كم للدراسة في مدرسة “تجمع الجرشة”، أو يتم نقل بعضهن بالسيارات وأخريات يقطعنَّ تلك المسافة على الأقدام، لكن بعد تكلل الجهود ، تم تأسيس مدرسة مكونة من 6 فصول يتم فيها تدريس الفتيات  التعليم الأولي، ولاحقا تم إضافة فصول جديدة وفتح مستويات أخرى حتى الصف الثالث الثانوي.

  وبعد تأسيس “مدرسة الوحدة” عبر مشروع ‘الأشغال العامة’، حشد المجتمع طاقته لإيجاد معلمات، لتبدأ الخطوة الأولى في تعيين فتيات يمتلكن مؤهلات جامعية من نساء القرية، أغلبهن فتيات من خارج القرية تزوجن بشباب من أبناء القرية، في وظيفة “معلمات متطوعات”، والخطوة التالية استقدام معلمات من مدينة ذمار بالتعاون مع مكتب التربية والتعليم بمديرية ميفعة عنس، وتوفير وسيلة نقل يومية للمعلمات، من عائدات المساهمة المجتمعية. وحالياً، المعلمات والعاملات في المدرسة، هن من المتخرجات من نفس المدرسة.

  والآن، وفي هذا الوقت، بات من الطبيعي أن تجد الفتاة طريقها إلى المستقبل، بعد أن كانت محاصرة بين العادات والتقاليد التي ترى أن تعليم الفتاة “عيب”، كما أن تعليم الفتاة أنتج وعيا مجتمعيا هائلا، يبدأ من الأسرة وينتهي في المحيط المجتمع.