إسبانيا: تقليص الهوة بين الأولاد والبنات في مجال الألعاب

- Advertisement -

لا شك أن المملكة الإسبانية ومنذ مصادقتها على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1983،وهي تعمل بشتى الوسائل على مكافحة العنف ضد المرأة، سيما وأن المجتمع الإسباني يضم حركة نسوية قوية تدعمها حكومة بيدرو سانشيز اليسارية.

في هذا السياق، يسعى قطاع الألعاب والحكومة في إسبانيا المعروف بإنجازاته في مجال النسوية، إلى  تقليص الهوة بين الفتيات والصبيان، في محاولة لكسر الأفكار النمطية المتعلقة بالألعاب خصوصا من ناحية التفريق بين ما هو ملائم للفتيات أو للصبيان.

منذ عشر سنوات خلت، كانت شركة “توي بلانت”  للألعاب والتي تتخذ من باتيرنا قرب فالنسيا مقرا لها، تروج لإعلانات تُظهر الفتيات والصبيان مع كافة أنواع الألعاب. وإذا ما تصفحت كتالوغ الألعاب الخاص بهذه الماركة، ترى فتاة صغيرة تحمل لعبة مسدس في يدها وترتدي سترة واقية من الرصاص، فيما تظهر فتاة أخرى وهي تسدد لكمات إلى كيس ملاكمة، بينما يُصوّر أحد الإعلانات صبياً يقف خلف عربة للأطفال.

وقررت هذه الشركة قبل عشر سنوات أن “تعكس القاعدة السائدة” من خلال إظهار “صبيان مع دمى وفتيات مع أدوات تصليح”، بعدما لاحظت عبر مواقع التواصل أن عدداً من زبائنها ينددون باعتمادها “طريقة تواصل رجعية”.وواجهت حينها موجة من الانتقادات الحادة من بينها أنها “تساهم في جعل الصبيان أنثويين والفتيات مسترجلات”.

ويرى مدير “توي بلانت” إغناسيو غاسبار أنّ “للألعاب دوراً مهماً في تكوين شخصية البالغين… ونرغب مستقبلاً في رؤية ممرضين ذكور متخصصين في الولادة ومصلحي سيارات إناث”.

في أواخر عام 2022، وتأكيدا للقرار، وقع وزير شؤون المستهلك ألبرتو غارزون مع شركة الألعاب ميثاقاً ينص على قواعد ممارسات دخل حيز التنفيذ في الأوّل من دجنبر، ويهدف إلى “تشجيع المساواة بين الصبيان والبنات في إعلانات الألعاب”.

ويؤكد الميثاق على ضرورة ألا تشير الإعلانات المعروضة في وسائل الإعلام أو القنوات أو شبكات التواصل الاجتماعي، بصورة واضحة إلى أنّ لعبة ما مخصصة لنوع اجتماعي لا للآخر، أو ربط اللون الوردي بالفتيات والأزرق بالصبيان أو التركيز على أنّ لكلّ “طرف أدواره الخاصة”.

في شارع غران فيا بالعاصمة مدريد الذي يعجّ بالمتسوّقين في فترة عيد الميلاد، لا يزال الجدّ خوليو سيزار أروخو يختار الألعاب لأحفاده بناءً على المعايير النمطية. ويقول “إنّ الفتيات يتلقين دمى” في العيد، قبل أن يستدرك قائلاً “لكن إذا رغبت أي منهنّ في اللعب بسيارة صغيرة نشتريها لها”.

وتسعى ناتالي رودريغيز التي تملك رفقة زوجها في مدريد متجر “كامتشاتكا”” الذي يوفّر “ألعاباً تعليمية وغير متحيّزة جنسياً وصديقة للبيئة ومناهضة للعنف”، إلى تفكيك الصور النمطية القائمة.وتقول إن “اللعبة في حد ذاتها لا تنطوي على تمييز على أساس النوع الاجتماعي. بل، نظرة البالغين لها من أهل ومصنّعين وتجّار هي ما يضعها في هذا القالب النمطي، مضيفةً “نرغب في رؤية صبي صغير يجرّ عربة أطفال في كتالوغ الألعاب”.

وبأسلوب ممازح وعفوي، تقترح ألعاباً بديلة على الزبائن، وتقول “عندما يقول لي أحد الأجداد إنه لا يريد لعبة مطبخ لأنّ الهدية التي يودّ شراءها هي لصبي، أجيب بأنّ كلامه ليس دقيقاً في بلد يضمّ طهاة ذكوراً بارزين”.

ويعتبر بعض الآباء على غرار تانيا سان خوسيه، وهي معلّمة في بامبلونا تبلغ 41 عاماً، أنّ الوقت قد حان لكي تفرض الحكومة قواعد معيّنة حتى لو أنّ خطوتها تأتي “متأخرة”. وتقول “لسوء الحظ، لا يزال تصنيف الألعاب على أساس جندري قائماً، إلا أنّ جيلنا يحاول التأكد من أنّ الوضع لم يعد كذلك”.

أما أنجيلا مونيوز فهي مثال على أنّ الأفكار تبدّلت، وتقول “أنا مقتنعة بشراء دمية لابني، فينبغي أن يلعب الأطفال بمختلف أنواع الألعاب”.