باريس: “شعر ووبر”… من الحلاقة والتصفيف إلى الصباغة

- Advertisement -

أظهر معرض “شعر ووبر” الذي افتتح مؤخرا في باريس، أن الشعر لا يغطي  رأس الإنسان فحسب بل يعبّر أيضاً عمّا في داخله، وعن الصورة التي يريد أن يعطيها عن نفسه، إذ لكل نمط منه دلالاته، سواء أكان طويلاً أو قصيراً، مصففاً أو مصبوغاً أو متروكاً على طبيعته.

وأوضح مؤرخ الموضة وأمين معرض “شعر ووبر” الذي أقيمت فعالياته بمتحف فنون التزيين في باريس، دوني برونا، إن الإنسان دأب منذ قديم الزمن على قص شعره أو تصفيفه أو على الحلاقة وسوى ذلك…من أجل ترويض الجانب الحيواني والوحشي في داخله”.

ويتناول المعرض تاريخ تصفيف الشعر وما يعبّر عنه من أفكار عن الأنوثة أو الفحولة أو الإهمال، من خلال أكثر من 600 قطعة؛ من بينها صور وشعر مستعار وأدوات وملابس من الشعر أو حملات إعلانية.

إبان العصور الوسطى، فُرض ارتداء الحجاب على النساء حتى القرن الخامس عشر، عملاً بوصية القديس بولس، لكن النساء استغنين عنه شيئا فشيئا لصالح تسريحات الشعر الباهظة، على تنوعها بحسب اختلاف الزمان والمكان.

ويحكى أنه في ثمانينات القرن الثامن عشر، احتفظت امرأة إنكليزية بتسريحة شعرها لمدة تسعة أسابيع؛ إذ كانت تنام جالسة لتفادي تخريبها قدر الإمكان. وعندما فكّت تسريحتها، كانت كل أنواع الحشرات والقمل تعشش في شعرها.

حتى بداية القرن العشرين، لم تكن النساء يخرجن من منازلهن سافرات الرأس، أي بدون قبعة، وخصوصاً إذا كان شعرهنّ مفكوكاً، إذ كان ترك الشعر على هذا النحو محصوراً بالأماكن والحالات الخاصة جداً، على ما يتضح من رسم إمبراطورة النمسا سيسي تبدو فيها بشعر فضفاض، كانت مخصصة حصراً للمكتب الشخصي للإمبراطور.

أما الاعتناء بنظافة الشعر فظاهرة حديثة جداً. ففي خمسينات القرن العشرين، كان الشامبو يوزع على الأولاد في فرنسا، لتعليمهم كيفية استخدامه لغسل شعرهم.

أما بخصوص صباغة الشعر، فقد تم حضّ الناس على استخدام إخفاء اللون الرمادي لشعرهم قبل مئة عام بحملة لشركة “لوريال” وصفت نفسها فيها بأنها خط الدفاع الوحيد أمام “شبح الشيخوخة”. وجاء مثلاً على ملصق يعود إلى عشرينات القرن العشرين “إنها عجوز جداً. بالكاد تبلغ 35 عاماً، لكنّ شعرها يتحول منذ الآن إلى اللون الرمادي”.

لكنّ صباغة الشعر لم تنتشر إلا بعد عقود. إلا أن النساء الشهيرات هن اللواتي أصبحن في السنوات الأخيرة يطالبن بالحق في عدم الاستمرار في صبغ شعرهن. وأصدرت الكاتبة والصحافية الفرنسية صوفي فونتانيل كتاباً عن انتقالها إلى الشعر الأبيض.

ويرفع المعرض النقاب أيضا عن كيفية ترتيب الرجال والنساء بشعر أجسامهم، وهو موضوع شبه محرّم ولا معطيات كافية عنه بسبب قلة الشهادات المرئية والمكتوبة.

في هذا السياق، أوضح برونا أن الشعر وشعر الجسم في الثقافة الغربية كانت لهما دلالة سيئة جداً، إذ حتى نهاية القرن الثامن عشر، كان يوجد اقتناع بأنهما نوع من الإفرازات كالعرق والبول”.