التحرش في الشارع المغربي يحرم المرأة من أبسط الحقوق

- Advertisement -

الحق في الشارع العام حق أساسي للمرأة والرجل على حد سواء

“آفين الزين، ما نشوفوكش”، “الغزالة نديرو شي قهيوة؟”…. وعبارات كثيرة تلك التي تسمعها النساء من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية بشكل يومي، وفي مختلف الأماكن العامة والخاصة أيضا.

ويعتبر البعض أن الفضاء العام بأنه هو الشارع فقط، لكن في الحقيقة هو كل مكان عام مشترك، كأماكن العمل والتسوق والترفيه وغيرها.

هذه الفضاءات التي أصبحت أرضية خصبة للتربص بالنساء، تحولت إلى جحيم لبعضهن وأماكن مريبة لارتيادها، إذ يشعرن بعدم الارتياح والأمان فيها بسبب ظاهرة التحرش، التي غذت ظاهرة مستفحلة وبطرق مختلفة، ما بين تحرش لفظي إلى تحرش جسدي.

تحرش لفظي يتحول إلى تحرش جسدي

تحكي لنا ليلى ذات 26 سنة عاملة الاستقبال بمدينة آسفي عن معاناتها اليومية مع التحرش اللفظي التي أصبحت تعتبره ظاهرة اعتيادية وتتعايش معه، حيث قالت إنها تتعرض للتحرش اللفظي بشكل يومي من قبيل: “افين الزين نديرو شي قهيوة…مالك دافعة كبير؟… آش تما؟”.

وأكملت حديثها عن محاولة لتحرش لفظي تعرضت له تحول إلى تحرش جسدي حيث قالت إنها تعرضت لمحاولة اعتداء جنسي بأحد الأحياء الراقية التي تقطن بها صديقتها التي أمضت عندها ليلة في أحد الأيام، حيث استغل صاحب محل للبقالة فرصة انتظارها لسيارة أجرة أمام محله، حينما دعاها مقدما خدمة ظاهرها إنساني وهي مهاتفته لصديق له يقود سيارة أجرة يأتي من أجل توصيلها إلى وجهتها. وتحكي ليلى لمجلة (فرح) أن الشخص أجرى المكالمة فعلا، وطلب منها الجلوس في المحل لانتظار سيارة الأجرة، لكنه وبمجرد تقديمه كأس شاي  لها تفاجأت به يمطرها ببعض ألفاظ الغزل التي تقبلتها بابتسامة خفيفة تجاوزا لأي سلوك منه، لكنه سرعان ما دعاها مباشرة لممارسة الفاحشة بدعوى أنه أعجب بها مضيفا “اللي بغيتي نعطيها لك”، أجبته “حشومة أنا ماشي ديال هادشي”، وهممت بالخروج فاعترض طريقها لامسا جسدها، فأبعدته بقوة وخرجت مسرعة ثم اتصلت بصديقتها لغاية قدوم سيارة الأجرة.

وأضافت ليلى أن الواقعة أثرت عليها نفسيا وأحست بعدم الأمان، وتكتمت على الموضوع.

متحرش بها في جميع الحالات…

ليست أمثال ليلى من يتعرضن للتحرش فقط بدعوى أنهن عازبات، بل العديد من النساء المطلقات والمتزوجات أيضا، فلا فرق لدى المتحرش في الحالة الاجتماعية للمتحرش بها.

ربيعة، سيدة مطلقة أم لثلاث أطفال، تشتغل عاملة للنظافة بإحدى المؤسسات العمومية، تحكي لنا ما تعانيه بشكل يومي مع التحرش حيث قالت:” أتعرض للتحرش يوميا بوتيرة متفاوتة، خصوصا من الذين يعلمون أنني مطلقة… تختلف الأنماط النوعية والعمرية للمتحرشين، ما بين أصحاب السيارات والراجلين والشباب والكهول أيضا. أخف أنواع التحرش غزل طفيف حول الجمال والقامة وأبشعها اعتراض الطريق أو لمس جسدي مباشر، وتضيف أن ردة فعلها تختلف أيضا تجاه المتحرش باختلاف درجة الأذى الذي يطالها منه”.

وسألنا جيهان، صيدلانية من مدينة فاس، عن تعرضها للتحرش، فأجابت أن الظاهرة هي ظاهرة مستفحلة جدا، وأن طرق التحرش أحيانا تكون مخيفة كأن يعترض أحدهم طريقها وكأنه يهم بسرقتها أو أن يطلب رقم هاتفها بأسلوب جزري، ناهيك عن أولئك الذين يرمقونها بنظرات جنسية.

أما عن تعرضها للتحرش في العمل فقد أضافت أنها لم تتعرض للتحرش في مكان عملها من قبل، بحكم وظيفتها فالناس تحترمها لأنهم يأتون إليها طالبين منها خدمة أو مساعدة.

التحرش

 نظرة دونية وشهوانية في آن واحد

تقول الأخصائية النفسية الدكتورة وصال المغاري بأن المتحرش دائما ما ينظر إلى المتحرش بها نظرة دونية وشهوانية استهلاكية في نفس الوقت، فالتمثل السائد لديه أن على المرأة عدم اقتحامها لأماكن يعتقد بأنها حكرا على الرجال كالمقاهي والملاعب، لأن ذلك هو المسبب، بل يعتقد دائما أنها هي المسؤولة عن ذلك بسبب لباسها.

 تداعيات نفسية وقانون غير صارم

تذهب المدربة المعتمدة في الإرشاد النفسي الأسري نعيمة الطاهري إلى أن المرأة حين تعرضها للتحرش تفقد الإحساس بالأمان، وتدخل في نوبات خوف وهلع قد تتطور إلى نوع من الرهاب الاجتماعي أو إلى اكتئاب، مضيفة أن المرأة لتتمتع بالعيش بسلام في الفضاء العام يجب أن تتمتع بحقوقها التي يفترض أن تستوعبها هي أولا، ثم يستوعبها المجتمع الذكوري الذي ترسخت لديه قناعات خاطئة عن طريق التربية التي أدت إلى عدم فهمه لحقوق العيش المشترك.

وفيما يخص الجانب القانوني في الموضوع توضح الأخصائية النفسية الدكتورة وصال المغاري بأن القانون المتعلق بالتحرش لا يزال شائكا ويصعب إثباته (رغم متابعة بعض المتحرشين قضائيا)، وكثيرا ما يتم تهوينه والاستخفاف بحدته، وأضافت على أن على المرأة التشبث بحقها في الفضاء العام وألا تصمت وتخاف من تعرضها للمضايقة.