مكانة الأم في الإسلام هدية عيد الفطر ….حسن الختام في شهر الصيام
مكانة الأم في الإسلام
هدية عيد الفطر ….حسن الختام في شهر الصيام
الزهرة الغلبي
لم تعرف البشرية جمعاء دينا كرم الأم مثل الإسلام، فقد رفع من منزلتها وجعل الجنة تحت أقدامها وفي عقوقها عصيان وإن تم حملها على الأكتاف فلن نؤدي حقها، لما تحملته من مشاق الحمل والوضع والإرضاع والتربية، وهذا ما يقرره القرآن ويكرره في أكثر من سورة ليثبته في عقول الأبناء ونفوسهم، حيث لا تبخل عن تدليل أبنائها في صغرهم كما في كبرهم وإن أصبحوا بدورهم”والدين” لأنها أنذاك تشاركهم إحساسهم بالبنوة، فهي رمز الطيبوبة والتقديس و الوفاء والفرد المعطاء و التضحية والحب الحنان و الطهر والنقاء .
صور منزلة الأم بين القرآن والسنة
قد أوصى الإسلام بالأم خيرا وجعلها في المرتبة الأولى بعد الأب و اعتبر رضاها فضيلة وعقوقها رذيلة، وعن تقديم مكانتها في القرآن الكريم قال سبحانه وتعالى: { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير } لقمان الآية 14، وقال تعالى أيضا {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا, حملته أمه كرها ووضعته كرها, وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} الأحقاف الآية 15 ، ويقصد من مضمون الآيتين، وجوب تقديم الشكر و الاحترام للأم و الإحسان وخفض جناح الذل لها، وطاعتها في ما تأمر به، والحفاظ على رضاها في كل أمر تشور به عليك [ بفتح الكاف وبكسرها ].
ولم يميز القرآن بين الأم السيئة والحسنة، فهي محط اهتمام من طرف الأبناء سواء كانت صالحة أم غير صالحة،
وهي فخرهم سواء كانت جميلة أم قبيحة متعلمة أم مربية، ذات مكانة اجتماعية راقية أم فقيرة، فهي مصدر الأبناء وسبب وجودهم في الحياة الجملية التي منحها لنا الله سبحانه وتعالى، ونضرب المثال هنا بقول النبي عيسى عن “الوالدة”، فقال: {وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً} مريم: الاية32 ، وحين تكلم القرآن الكريم عن النبي عيسى(ع) وعن مواصفات وصفات والدته الكريمة والمعجزة، أطلق عليها لفظ “الأم”، فقال عزّ وجل: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمّه صديقة…} المائدة:75
وكرم الله الأم كذلك بالاعتراف بمعاناتها أثناء الحمل والولادة والرضاع، فهو تعداد من قبله عز وجل بفضائلها على الأبناء، فهي رمز التضحية والصبر نظرا للوهن الذي يقع عليها أثناء الحمل، و معاناتها أيضا مع آلام المخاض و الرضاعة بعده التي تصل لسنتين مقتدية في ذلك بقوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرضاعة} البقرة:233.
ومن صور مكانتها كذلك، ما تم تأكيده في سنة النبي محمد “صلى الله عليه وسلم”، من خلال مجموعة من الأحاديث ” التي صنفتها في المرتبة متقدمة عن مرتبة الأب نظرا للتضحيات التي تقدمها من أجل توفير الحماية والأمان لأبنائها، ومن بين أشهر الأحاديث التي تؤكد ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه حينما قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك ” . رواه البخاري ومسلم ، و يعني ذلك أن البر بالأم يكون ثلاث مرات مقابل مرة واحدة للأب، ويبرر هذا بعدد تضحيتها التي لا حصر لها، كما يروي حديث آخر أن رجلاً كان بالطواف حاملا أمه يطوف بها, فسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل أديت حقها ؟ قال : « لا , ولا بزفرة واحدة »!، أي من زفراتها أثناء الحمل والمخاض وغيرهما.
تكريم الأم بين الإسلام و الايام العالمية
أراد الدين الإسلامي للأم أن تقوم بدورها في التربية وتكوين الأجيال إلى جانب طاعتها لخالقها وسهرها على حقوق زوجها مقابل الرفع من مكانتها وجعل عصيانها عقوق وإن كانت مشركة، ومن هنا نرى العظمة التي تنعم بها من طرف الدين الإسلامي، حيث أمر بالإحسان إليها والبر إليها مؤكدا ذلك في عدد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وقد كان علماء المسلمين عندما يعظمون حكام الأمة الإسلامية يصفونهم بأنهم كالأم، ومثال على ذلك عندما طلب عمرُ بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم حينما ولي الخلافة، من الحسن البصري أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل فكتب إليه : ” اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها ،حملته كرها ووضعته كرها ، وربته طفلا تسهر بسهره، وتسكن بسكونه ، ترضعه تارة ، وتفطمه أخرى وتفرح بعافيته وتغتم شكواه” ، ومعناه فهي رمز للعظمة بعد الله سبحانه وتعالى والحنان والصدر المعطاء، لأنه يمكن أن تحمل هموم أبنائها دون ملل أو شكوى، وبناء على ذلك جعل أيام الاحتفال وتقديم الهدايا إليها على مدى الدهر وليس ليوم واحد ، في حين يعتبر العيد العالمي فكرة حميدة وبدعة حسنة دأب على تخليدها الأبناء في العالم الغربي والعربي كذلك ، من أجل التكثير من وسائل الترابط الأسري وجعلها متقاربة من حيث الزمان، لاسيما في ظل ظروف العيش الصعبة الناتجة عن كثرة الالتزامات مع ضيق الوقت و لاسيما في المجتمعات الغربية لأنهم بمجرد استقلالهم بذواتهم يصبحون أقل ارتباطا بأبويهم، وقد اختلف تاريخ تخليد هذا اليوم في العالم، فمثلا في العالم العربي يكون اليوم الاول من فصل الربيع أي يوم 21 مارس، أما الولايات المتحدة الامريكية فيخلد في ثاني أحد شهر ماي من كل سنة، ويتم عرض صور رسمها أطفال تتراوح اعمارهم بين السن السادسة و الرابعة عشر، حيث تدخل هذه الرسومات ضمن معرض متجول يحمل اسم ” أمي” ويتم نقله على أربع سنوات ويتجول في عديد من الدول . أما في القارة السمراء وتحديدا جنوب إفريقيا فيحتفل به في فاتح ماي، حيث يتصادف مع عيد الشغل الأممي، كما تقيمه بلاد النرويج في الثالث من شهر اكتوبر من كل عام ،.
وبالنسبة للمجتمعات المسلمة فإن الدين الإسلامي يقوم بتربيتهم على مبادئ عديدة من بينها عدم قطع حبل المودة وصلة الرحم بين الأقارب وخاصة الوالدين ولماذا نترك الهدية يوم عيد الام ونحن في ظل شهر الصيام والغفران ، أنسب مناسبة لتقديم الهدية لأمهاتنا ولما لا الآباء أيضا لأنه عملا يقربنا من الله عز وجل، و يثقل ميزان الحسنات، ولعل تقديم هدية للوالدين في عيد الفطر ولاسيما الام ، عملا يمكن استغلاله لضرب عصفورين بحجرة واحدة أولا نيل رضا الوالدين من جهة والتقرب من الله عز وجل لأنه أمرنا بالنفقة عليهما في كبرهما كما قاموا بذلك في صغرنا. ولاسيما في خضم الضغوطات الحياتية التي نعيشها اليوم، بسبب كثرة المسؤوليات التي توجد على عاتقنا والتي تفرض علينا لمسايرة الحراك الذي يعرفه العالم، حيث أن التكنولوجيا بمفردها يمكن أن تسرق منا أغلب أوقانا.
و تعتبر الملابس التقليدية أحسن نوع يمكن تقديمه في مثل هذه المناسبات لأنه يدخل الفرح والسرور والبهجة على قلبها، وخاصة القفطان أو الجلباب لأنه يكون بارزا عليها مما يشعرها بالافتخار بك، إضافة إلى الحلي كل حسب محفظته الجيبية، فعليك استغلال فرصة وجودهم بجانبك من أجل التعبير لهم عن حبك، لأنهم في يوم من الأيام يمكن أن تتمنى شراء الهدية لهم لكن لن تجدهم بجوارك.