بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 مارس من كل عام، أكد تقرير حديث لمؤسسات الأسرى الفلسطينيين (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان)، أن هذا العام شكل العام الأكثر دموية بحقّ النساء الفلسطينيات على مدار تاريخ سنوات الاحتلال.
وأشار التقرير إلى العدوان الشامل والإبادة الجماعية المستمرة بحقّ شعب غزة، إلى جانب جرائم الحرب، والانتهاكات الجسيمة التي تعرضنّ لها، وأبرزها عمليات الإعدام الميداني، والاعتقالات الممنهجة، وما رافقها من انتهاكات مروعة، منها اعتداءات جنسية.
وفي سياق ذلك، أبرزت مؤسسات الأسرى أن تاريخ استهداف النّساء الفلسطينيات شكّل إحدى أبرز السّياسات الثابتة والممنهجة منذ سنوات الاحتلال الأولى، لافتة إلى أن عمليات الاعتقال للنساء ومنهنّ القاصرات، شكلت أبرز السّياسات التي انتهجها الاحتلال وبشكل غير مسبوق بعد السّابع من أكتوبر، حيث بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف النساء بعد السابع من أكتوبر، نحو 240.
وأفادت المؤسسات أنّه وحتّى إصدار هذا التّقرير، فإنّ عدد الأسيرات القابعات في سجون الاحتلال، وغالبيتهنّ محتجزات في سجن الدامون بلغ نحو 60 أسيرة، مجددة تأكيدها على أنّ لا معلومات لديها حول أعداد أسيرات غزة في معسكرات الاحتلال الإسرائيلي.
واستعرض التقرير أبرز المعطيات عن الأسيرات المحتجزات في سجون الاحتلال حتى تاريخ إعداد التقرير، حيث بلغ عدد الأسي ارت 60 أسيرة، بينهنّ أسيرتان من غزة، ومن بين الأسيرات قاصرتان، و24 أمّا، و12 أسيرة معتقلة إداريًا، ومن بين الأسيرات محامية، وصحفية، و12 أسيرة من الطالبات، و11 أسيرة يواجهنّ أمراضا ومشاكل صحية من بينهن أسيرتان جريحتان، إضافة إلى أسيرات هنّ زوجات لأسرى، وأمهات لأسرى، وشقيقات لشهداء، عدا عن وجود أم شهيد بين الأسيرات.
كما استعرضت المؤسسات أبرز القضايا التي عكستها مرحلة ما بعد السّابع من أكتوبر ضمن حملات الاعتقال الواسعة، حيث صعّدت قوات الاحتلال الإس ارئيليّ من عمليات الاعتقال الممنهجة بحقّ النّساء الفلسطينيات، بعد السّابع من أكتوبر، في كافة الجغرافيات الفلسطينية، ولم تستثنّ القاصرات، كما شمل ذلك اعتقال النساء كرهائن، بهدف الضغط على أحد أفراد العائلة المستهدفين من قبل الاحتلال لتسليم نفسه.
وأكّدت التقرير أنّ إحدى أبرز الجرائم التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقّ النّساء الفلسطينيات، ومنهنّ الأسيرات، الاعتداءات الجنسيّة، والتي تضمنت التّحرش، والتفتيش العاري، إضافة إلى التهديد بالاغتصاب، مضيفة أن سجن هشارون، الذي شكل محطة مؤقتة لاحتجاز الأسيرات، قبل نقلهنّ إلى سجن الدامون، كان شاهدًا على عمليات التفتيش العاري، التي تعرضنّ لها غالبية الأسيرات، بحسب عشرات الشّهادات التي وثقتها المؤسسات، عدا عن ظروف الاحتجاز المذلة والمهينة التي تعرضنّ لها، والاعتداءات، ومنها اعتداءات بالضرب المبرّح.
وفي شهادة وثقتها المؤسسات لإحدى الأسيرات اللواتي اعتقلن بعد السابع من أكتوبر ،أكّدت على أنها تعرضت في أثناء عملية الاعتقال والتّحقيق لاعتداءات وتحرش جنسي ولفظي، حيث قام أحد الجنود بلمسها بطريقة على أرسها، وقدميها بطريقة غير لائقة، وشتمها بمصطلحات بذيئة وتهديدها أكثر من مرة، وكان الجنود يرمون عليها أعقاب السجائر، وبواقي الطعام لإهانتها، كما تعرضت الأسيرة للضرب أكثر من مرة من قبل جنود الاحتلال؛ مما سبب لها أوجاعا في أنحاء جسدها، ولم يقدم لها أي علاج.)
فيما تقول إحدى الأسيرات: “وصلنا أنا وأسيرات إلى سجن هشارون، أدخلونا إلى زنزانة أرضيتها مليئة بالماء، ويوجد فيها دورة مياه غير صالحة للاستخدام، ثم تم نقلنا إلى زنزانة أخرى فيها تعرضن للتفتيش العاري على يد سجانات، وقامت إحدى السجانات بضربي على وجهي، بعد أن تعرضت للضرب المب رّح خلال عملية اعتقالي.”
وإلى جانب السياسات التي استعرضت سابقا، أكد التقرير أن الأسيرات تعانين من سياسة التّجويع التي مارستها إدارة السّجون بعد السابع من أكتوبر، بحرمان الأسرى والأسيرات من الحصول على مواد غذائية إضافية من الكانتينا، إضافة إلى حرمانهنّ من العلاج، والذي يندرج في إطار الجرائم الطبيّة.
وأشار إلى حالة الاكتظاظ التي فرضتها إدارة السجون، والتي ألقت بثقلها على الأسيرات، الأمر الذي أدى إلى إفراز العديد من ظروف الاعتقال المأساوية داخل سجن الدامون، مما اضطرت العديد من الأسيرات النوم على الأرض، ناهيك عن النقص الحاد في الملابس، والأغطية والتي تعاظمت حدتها في ظل موجة البرد القاسية. كما عانت الأسيرات من تعمد إدارة السّجون بتزويدهنّ بمياه غير صالحة للشرب ومتسخة.
وأكد البيان أن غالبية الأسيرات هنّ رهنّ الاعتقال الإداريّ أو في مواجهة تهم التحريض، حيث بلغ عدد المعتقلين الإداريين 3558 حتى نهاية شهر فبراير، من بينهم 12 أسيرة معتقلة إداريًا حتى إعداد هذا التقرير ،منهنّ صحفية ومحامية، وطالبات جامعيات.
إضافة إلى أنّ بقية الأسيرات والغالبية منهنّ وجهت لهم تهمًا تتعلق بالتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي شكّلت بعد السابع من أكتوبر، أبرز الذرائع التي استخدمها الاحتلال لاعتقال الفلسطينيين في الضّفة بما فيها القدس، وكذلك من الأراضي المحتلة عام 1948.
وذكر التقرير بأبرز المحطات التي شكّلت فارقًا في تاريخ قضية الأسيرات، هي صفقة التبادل التي تمت في شهر نونبر، حيث تم الإفراج في حينه عن 71 أسيرة عدد منهنّ كنّ يقضين أحكامًا لسنوات وصلت لـ16 عامًا، وهم من بين 240 جرى تحريرهم خلال 7 مراحل تضمنتها صفقة التبادل التي تمت في حينه.
واختتم تقرير مؤسسات الأسرى، بالإشارة إلى أن الاحتلال الإسـرائيلي مسـتمر في انتهاك حقوق الأسـيرات الفلسـطينيات في مراكز التّوقيف والتّحقيق والسّـجون، وفي المسـتشـفيات والعيادات الطبية والحواجز ونقاط التفتيش، وتطال تلك الانتهاكات كافة فئات الإناث الفلسطينيات من معلمات وطالبات وأمهات وطفلات وغيرها.
وطالبت مؤسـسـات الأسـرى الأمم المتحدة وجميع الدول الأعضـاء بالضـغط على دولة الاحتلال لاحترام والالتزام بالقانون الدوليّ والقانون الدوليّ لحقوق الإنسـان، وتطبيق اتفاقية مناهضـه التّعذيب والمعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة، واتفاقية القضـاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
كما طالبت الدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بإنهاء الاعتداء الجسـديّ والنفسـي الذي يمارسه جنود الاحتلال خلال اعتقال النسـاء الفلسـطينيات.