مع افتتاح الدورة الـ77 لمهرجان أفينيون الذي يقام للمرة الأولى تحت إشراف المدير البرتغالي تياغو رودريغيز، تحولت خشبة المسرح مركزاً للمساعدة الاجتماعية مساء أمس الأربعاء، واستُهل العرض الافتتاحي لهذا الحدث، الذي يُعدّ من الأكبر في العالم في مجال الفن الدرامي، بالوقوف دقيقة صمت ترحماً على روح الفتى نائل م. الذي أدى مقتله برصاص شرطي إلى اندلاع أعمال عنف في فرنسا هي الأسوأ منذ سنوات.
واختار المدير الجديد للمهرجان البرتغالي تياغو رودريغيز أن تنطلق الدورة الأولى التي تقام بإشرافه، بمسرحية “ويلفير” وهو عرض ذو طبيعة اجتماعية من تأليف جولي ديليكيه، مقتبس من الفيلم الوثائقي للأمريكي فريدريك وايزمان عن 15 بطلاً مجهولاً خلال يوم واحد في مركز مساعدة اجتماعية في نيويورك.
وتقام عروض مهرجان أفينيون في حوالي أربعين موقعاً (لـ44 عرضاً)، في المدينة وخارجها، بينما تقام عروض “أوف أفينيون” في 140 موقعاً وتستضيف ما يقرب من 1200 فرقة مسرحية.
كما يُعرض في المهرجان عمل بعنوان “G.R.O.O.V.E” (“غروف”) لبينتو ديمبيلي، رائدة الهيب هوب في فرنسا.
وقرر المدير الجديد للحدث أن يسلط الضوء في كل نسخة من المهرجان على لغة معينة. وفي هذا العام، وقع الاختيار على اللغة الإنجليزية، رداً على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
في هذا الصدد، صرح رودريغيز أنه في الوقت الذي تُبنى فيه الأسوار لإبعادنا عن أصدقائنا البريطانيين، علينا أن نبني جسوراً. إنها نوع من الدبلوماسية الثقافية.
من جهة أخرى، كان على المدير الجديد، وحتى قبل بدء المهرجان،أن يتعامل مع مفاجأتين سيئتين: سحب عرض كان منتظراً بشدة من برنامج العروض، والتكلفة العالية لإعادة افتتاح موقع ذي أهمية للمهرجان، كاريير دو بولبون، الواقع على بعد حوالى خمسة عشر كيلومتراً من أفينيون.
فقد كان من المفترض أن تُعرض في المهرجان مسرحية جديدة للمخرج البولندي الكبير كريستيان لوبا هي “المغتربون”، كان محبو أفينيون يترقبونها، لكنّ دار “كوميدي دو جنيف” قررت إلغاء العرض الأول للمسرحية ثم “إلغاء إنتاجها” كلياً، بسبب ما وُصف بـ”الاختلافات في فلسفة العمل” بين المخرج والفرق الفنية.
وألغيت المسرحية على إثر ذلك من برنامج أفينيون أيضاً، واستعيض عنها بمسرحية لمدير المهرجان نفسه.
ويوضح رودريغيز ، غي هذا السياق، أن عدم استبدال هذه المسرحية كان ليكبّد مهرجان أفينيون ضرراً مالياً يزيد عن 300 ألف يورو، مضيفا أنه لم يستطع أن يطلب من الفنانين، خصوصاً الفئة الناشئة منهم، استبدال عرض في اللحظة الأخيرة في أوبرا غران أفينيون (700 مقعد).
والمفاجأة السيئة الثانية تتمثل في موقع كاريير دو بولبون الذي افتُتح عام 1985 بمسرحية “ماهاباراتا” لبيتر بروك واستُخدم للمرة الأخيرة عام 2016، وتُعرض فيه هذه السنة مسرحية “لو جاردان دي ديليس” (le Jardin des Delices) للمخرج فيليب كين.
وبسبب الإجراءات المتخذة تحسباً لمخاطر الحرائق، بعد تلك التي شهدتها المنطقة خلال الصيف الفائت، أضيف مبلغ 250 ألف يورو إلى ذلك المرصود أصلاً للموقع والبالغة 350 ألف يورو.
أما من الناحية الأمنية، فيتسم المهرجان بتدابير مشددة نظراً إلى انطلاقه بعد أعمال العنف التي شهدتها مدن فرنسية طوال أيام، تمثلت في نشر وحدات سيّارة وأخرى مخصصة لمناطق المشاة، وتنفيذ عمليات عشوائية للتحقق من الهويات في الأماكن العامة، وتسيير دوريات راجلة وبالدراجات الجبلية.