بعد مسار فني حافل بالعطاء، فقدت الساحة الفنية الفرنسية والعالمية المغنية والممثلة الفرنسية جين بيركين، عن عمر يناهز 76 عاماً، بعد معاناة مع المرض، وهي إحدى أيقونات الغناء والتمثيل في فرنسا حيث برز اسمها خصوصاً بفعل ارتباطها الفني والعاطفي بالمغني الشهير سيرج غينزبور.
وأفادت وسائل إعلام فرنسية بأنه تم العثور على بيركين ميتة في منزلها في باريس، حيث ذكرت صحيفة “لو فيغارو” أنها كانت تعاني من مشاكل صحية في السنوات القليلة الماضية مما منعها من الأداء وأصبح ظهورها العام قليلا.
وتعدُّ بيركين المولودة في لندن عام 1946، والتي غالباً ما تُوصف في وسائل الإعلام الفرنسية بأنها “الإنجليزية المفضلة لدى الفرنسيين”، أيقونة فنية في فرنسا، مع مسيرة زاخرة بالنجاحات في التمثيل والغناء. كما كانت ملهمة لمصممي الأزياء في العقود الماضية. وشكّل لقاؤها بالمغني والمؤلف الموسيقي سيرج غينزبور إثر انتقالها للعيش في باريس في سن العشرين، محطة مفصلية في مسيرتها، إذ كانت باكورة علاقة موسيقية وعاطفية ملتهبة بين الثنائي استمرتْ ثلاثة عشر عاماً.
وبدت بيركين ضعيفة صحياً في فبراير خلال مشاركتها في حفلة توزيع جوائز سيزار التي توصف بـ”أوسكار السينما الفرنسية”، إلى جانب ابنتها الممثلة والمغنية شارلوت غينزبور وحفيدتها أليس. وحققت بيركين شهرة عالمية مع أغنيات بينها “Je t’aime, moi non plus” المحفورة في الذاكرة الموسيقية الفرنسية، والتي أثارت فضيحة لدى طرحها سنة 1969، إضافة إلى “جين بي” في العام نفسه، و”Ex-fan des sixties” (إيكس فان دي سيكستيز) عام 1978.
ونجحت بيركين في استمالة الجمهور خصوصاً بفضل شخصيتها الحساسة، ولكنتها الإنجليزية الطاغية التي احتفظت بها طوال حياتها. وفي السينما، شاركت بيركين في فيلم “Blow up” (“بلو آب”) للمخرج أنطونيوني، الحائز جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عام 1967، وفي فيلم “La Piscine” (المسبح) مع رومي شنايدر وآلان ديلون عام 1969. ويزخر رصيدها التمثيلي بحوالى سبعين فيلماً حملت توقيع مخرجين معروفين من أمثال جان لوك غودار وجاك دويون وأنييس فاردا.
حصلت على وسام الآداب والفنون. لكنها رفضت وسام جوقة الشرف عام 1989، مبررة ذلك باعتقادها بأنّ “الأبطال وحدهم” يجب أن يحصلوا على هذا التقدير. وشكّل ذلك طريقة لتحية والدها، ديفيد، الضابط في البحرية الملكية الذي نقل مقاتلي المقاومة من بريطانيا إلى فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، والذي توفي في عام 1991، في يوم جنازة سيرج غينزبور.
وأخرجت بيركين سنة 2007 أول أفلامها السينمائية بعنوان “بوكسز”، وقد قُدّم العمل في عرض خاص ضمن مهرجان كان السينمائي. وتدهورت صحة بيركين في السنوات الأخيرة، وقد تعرضت خصوصاً لجلطة دماغية بسيطة سنة 2021 أرغمتها على إلغاء التزامات عدة.
ووجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تحية إلى بيركين واصفاً إياها بأنها “أيقونة فرنسية وفنانة متكاملة”، وأنها “جسدت الحرية وغنت أجمل الكلمات باللغة الفرنسية”.