حسام زملط شوكة في حلق الإعلام الغربي

- Advertisement -

لعلنا تابعنا في الأيام الأخيرة السابقة حسام زملط، سفير فلسطين في لندن، وهو يفحم الإعلام الغربي في عدة مقابلات مع فضائيات عالمية، حول الحرب الدائرة بين المقاومة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، ولعل أبرز هذه المقابلات التي أظهرت جانبا جديدا من جرأته، كان لقاؤه مع أحد مذيعي قناة بي بي سي الإخبارية البريطانية، الذي أراد إجباره في مرات عديدة على إدانة ما قامت به حركة حماس، لكن حسام زملط وبشخصيته التي تجمع بين الرجل العربي والغربي، استطاع قلب الطاولة، واقتياد محاوره إلى تنكيس رأسه، حينما ذكره بما يقوم به الإسرائيليون منذ 1948 إلى اليوم من قتل وتفجير وتدمير وتنكيل، وكيف تحول الفلسطينيون من أصحاب أرض إلى لاجئين، منددا على الطريقة غير العادلة التي يتم من خلالها تغطية الأحداث في فلسطين. ودعا إلى تصحيح هذه الصورة المشوهة التي يعكسها الإعلام الغربي عن القضية الفلسطينية.

حسام زملط

فمن هو حسام زملط؟

الولادة والتحصيل:

ولد حسام زملط في مخيم الشابورة للاجئين التابع لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في  محافظة رفح بقطاع غزة المحتل، كان والداه ينتميان إلى قرية سمسم، لكنهما غادراها أثناء طرد وهروب الفلسطينيين عام 1948.

وقال زملط في مؤتمر بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس وكالة الأمم المتحدة للعمل واللاجئين (الأونروا) عام 1948: “فقد والدي منزله وأرضه، ونتيجة لذلك ولدت في مخيم رفح للاجئين”. “الملايين من اللاجئين يعانون من الحياة الأكثر خطورة على الإطلاق. ليس هناك ما هو أكثر إيذاء للإنسان من المنفى القسري”.

أصبح زملط ناشطًا سياسيًا أثناء حصوله على شهادته الجامعية في جامعة بير زيت خارج رام الله في الضفة الغربية المحتلة. وهناك أصبح ممثلاً لحركة فتح الطلابية في الجامعة خلال الانتفاضة الأولى.

وفي عام 1999، أثناء دراسته في لندن، تم انتخابه رئيسًا للاتحاد العام لطلبة فلسطين في المملكة المتحدة.

بعد حصوله على شهادته الجامعية، عمل كخبير اقتصادي في مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط. حيث تم تكليفه هناك بمراقبة التطورات الاقتصادية واقتراح بدائل السياسة الاقتصادية وتقديم إحاطات للأمين العام للأمم المتحدة  كوفي عنان  آنذاك.

وفي عام 2000، حصل على درجة الماجستير في دراسات التنمية في كلية لندن للاقتصاد ، نال درجة الدكتوراه في الاقتصاد السياسي الدولي من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية (SOAS) بجامعة لندن عام 2007، كما كان باحثًا مقيمًا في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفارد، وكلية جون كينيدي للعلوم الحكومية (2008-2010)، قبل انضمامه إلى جامعة بير زيت كأستاذ للسياسة العامة في عام 2012.

حسام زملط

الحياة السياسية:

عند دخوله عالم السياسة، عمل حسام زملط كمتحدث باسم الوفد الفلسطيني خلال حملة إقامة الدولة في الأمم المتحدة في نيويورك عام 2011، وتم تعيينه سفيرًا متجولًا لدولة فلسطين في نفس العام، كما شغل منصب مدير لجنة فتح للعلاقات الخارجية.

أصبح زملط مستشاراً استراتيجياً لرئيس دولة فلسطين محمود عباس عام 2015 قبل أن يتم انتخابه عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح عام 2016.

وفي عام 2017، تم تعيين زملط مبعوثًا إلى الولايات المتحدة، خلفًا لمعين رشيد عريقات.

وانتهت فترة ولايته هناك بعد أن قررت إدارة ترامب إغلاق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن والاعتراف بعد ذلك بالقدس عاصمة لإسرائيل، ليتم تعيينه في العام 2018  رئيسًا للبعثة إلى المملكة المتحدة.

ومنذ تعيينه، تعمقت العلاقات الثنائية الفلسطينية البريطانية. على الرغم من تحركات الإدارة الأمريكية لوقف تمويل كل من السلطة الفلسطينية والأونروا، استمرت المساعدات البريطانية لكليهما (وتضاعفت في حالة الأونروا) بينما تواصل الحكومة البريطانية دعم حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. الصراع على النحو الذي يفرضه القانون الدولي.

حسام زملط

وفي عمله كسفير، انتقد الحكومة الإسرائيلية خلال الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية عام 2021، وذاع صيته خلال معركة طوفان الأقصى الأخيرة التي شنتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على إسرائيل، حيث تمت استضافته على عدة قنوات ووسائل إعلام غربية، حرص خلالها جميعها على فضح ازدواجية الإعلام الغربي، الذي لا يتحدث عن الجرائم الإسرائيلية ويسعى بالمقابل إلى شيطنة المقاومة الفلسطينية.

لقد رسم لنا حسام زملط الصورة المثالية للسفير الواعي المثقف الثابت المواقف، الذي يمثل – حقا – قلعة منيعة متقدمة للدفاع عن حق وطنه وشعبه الأبي، وجعلنا نتساءل بقلق: هل يقوم سفراء الدول العربية والإسلامية بواجباتهم في هذا العالم المأسور لسطوة الإعلام؟

في نهاية المطاف، لا يسعنا القول إلا أن السفير الفلسطيني حسام زملط بات واحدا من أبرز الوجوه الدبلوماسية الفلسطينية في العصر الحديث، التي أثبت للعالم بأسره أن الدبلوماسية لا تعني فقط الحفاظ على العلاقات البينية، بل أيضا الدفاع عن الحق وتصحيح المفاهيم المغلوطة.